تتوق قلوب المحبين شوقاً لاستقبال ضيفهم المبارك بعد غياب دام ثلاثمائة وخمسة وستين يوماً … كيف لاتتوق نفوسهم وهو سيد الضيوف، ومكرم الملهوف ،هلاله احسن هلالا، وجماله احسن جمالا، لاتُمَلُ مجالسته،ولا نسأم مؤانسته ، جاء من أقصى الأفلاك مسرعاً يطوي الليل والنهار طياً،
فقدم بالخير والمبشرات من الملك العلام، والرسول عليه الصلاة والسلام
لم يخرج المحبون لاستقباله في المطار كما جرت العادة في استقبال المحبوب
بالرغم أنه كان محلّقاً في السماء طيلة سفره ،فلا يريد لأحبابه العناء فنادى أَنِ ابقوا مكانكم. فزار اهل القصور في قصورهم والدور في دورهم والكهوف في كهوفهم وأهل الخيام في خيامهم ، زارهم في المستشفيات والمصحات ونزل على أهل المجون والسجون ، زار الآمنين والمشردين . زار الأغنياء والفقراء والأَقوياء والضعفاء ، زار الملوك والصعلوك، سيطوف الكرة الأرضية بكنوزه الندية وطلعته البهيّة .
وَعَجباً…... من هذا الضيف!!!
لن يشاركنا موائدنا الشهية ولا سهراتنا الجدية أوالهزلية ، ولن يشاهد برامجنا التلفزيونية ولن يرافقنا التسكع في الأَسواق،
ضيفنا همته عالية، وسلعته غالية، تحفه تعاليم ربانية وهدي نبوي
من حفظه ووعاه فقد حاز الكنوز الكثيرة والعطايا الجسيمة .
ضيفنا حليم بنا قد رأَنا اثقلتنا الذنوب فدنا منا وتدلى لينشر بشراه أَن من صام رمضان وقامه وتحرى ليلة القدر إيمانًا بالله واحتساباً لثواب الله وعطائه غفر له ما تقدم من ذنوب عمره التي اقترفها في حياته التكليفية، ومن قام مع إمامه نصف ساعة فليهنأ يومه ونومه وليسعد حظه فقد كتب له القيام سائر الليل حتى طلوع الفجر ولعمري إِنه الفخر
ضيفنا كريم إنْ ذُكر الجود فالجود يأرز إليه، فينادي الموسرين أنْ أفيضوا على المعسرين والضعفاء والبؤساء، من مال الله الذي آتاكم
(ومن يبخل فإِنما يبخل عن نفسه) (وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه والله خير الرازقين ) سيعوضكم الله بغرف في الجنة أعلى طراز واجمل بنيان يرى باطنها من ظاهرها وظاهرها من باطنها تعجز العيون والآذان وخواطر القلوب أَنْ تتصورها لانها خارج محسوس البشر، ذلك هو الفوز الكبير
ولازال ضيفنا يغدق علينا بفيض كرمه، ليشعل فينا حماس الهمة، وحرارة الإيمان، و الوثوق بوعد الله الموعود، ليبعد عنا الأنانية، والمخاوف الشيطانية والإحساس بالمشاركة الاخوية، فَتُفَطّرالصائمين وتروي كبد العاطشين فتنال أجر العدد الذي فطرته واسعدته ، فلو قُدِّرَ أنك اطعمت عشرة خلال ثلاثين يوما لكان نصيبك ورصيدك ثلا ثمائة صائم الله اعلم بتقواهم ونجواهم وقربهم من الله فهذا فضل لايضيعه من قُدِرَعليه إلاّ محروم .
إن ضيفنا جاء ليذكرنا أن شهر رمضان أَُنزل فيه القرآن، فكل الكتب وكل الدروس وكل العلوم وإن كانت مفيدة حبذا ان تتوقف ولا تزاحم القرآن في رمضان.
فأعظم شخصية في السماء (جبريل عليه السلام ) نزل به ودارسهُ لأعظم شخصية في الأرض ( محمد صلى الله عليه وسلم) فهذه انفاس سماوية اجتمعت بأنفاس أرضية، مفادها أن لاهيمنة ولا سلطان ظاهر ولا شعار باهر في رمضان إلا وحي السماء ، يتنافس المتنافسون في ختمه بالليل والنهار ، لا حرف كحرفه في القراءة، ولا أجر كأجره في التلاوة ، ففطن المشمرون وسارع المسارعون فملأوا به أوقاتهم وعطروا به أنفاسهم فرقت قلوبهم واقشعرت جلودهم وفاضت محاجرهم،
لو علم القارئ الكريم أن ختمةً واحدة أَجرها ( ثلاث ملايين حسنة)
لمَا زهد في هذا الكنز العظيم،
فطوبى لمن كان حظه من رمضان ختمات ونفحات ،
أيام ضيفنا ليست سواء فعشرها الأولى مفضولة وعشرها الوسطى فاضلة
وعشرها الأخيرة هي صفوة البركات والنفحات والعتق من النار لو أكرمك الله بالفوز بليلة القدر لزاد عمرك في الأجر ثلاثاً وثمانين سنة تهنأ فيها بصفحات بيضاء خالية من الذنوب والمعاصي ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم
وختاما……
عندما يقترب رحيل هذا الضيف، سيشهد علينا ايُّنا سابق بالخيرات،وأيُّنا مقتصد بالواجبات، وأَيُّنا ظالم لنفسه باتباع الهوى والشهوات .
فلن يجزئ ضيفنا من كان أكثرنا مناماً ، او يسيح في الأسواق هياما ، أو يُكافئ امهرنا طبخاً أو أكثرنا صنفاً أو الذ طبقاً ، فياخيبة من أضاع الأوقات أمام الشاشات، ونقض غزل الحسنات وبقي يجمع الأنّات والحسرات
فرغم أنف من أدرك رمضان ولم يغفر له
ضيفنا جاء ليهذب وما جاء ليعذب سيقول للصائمين المتقين القاكم على بوابة الفخامة والزعامة بوابة الريان لكم دون غيركم أيها الصائمون جزاءً بما كنتم تعملون تتلقاهم الملائكة هنالك تردد نداء الأمان والاطمئنان يرون الملائكة ويسمعون هذا النشيد الماتع الرائع سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ،
اللهم تقبل منا الصيام والقيام ، ووفقنا للبذل والعطاء ، واجعل القرآن خير جليس وأنيس في شهر رمضان
واعتق اللهم رقابنا من النار.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتبه أ/عثمان أحمد الزهراني
٢٠٢٢/٣/٣٠
التعليقات 1
1 pings
سعيد
31/03/2022 في 12:57 ص[3] رابط التعليق
بسم الله وما شاء الله تبارك الرحمن الرحيم/ لقد نشرت ما في رأسي وضميري فشكرا لك دوما حفظك الله تعالى ورعاك أخي النسيب العزيز الكريم حفظك الله تعالى ورعاك ورحم الله من أخرني وأخرك في هذا الكون تحياتي وصلى الله وسلم على نبينا محمد
(0)
(0)