استيقظ العالم, على صدمة عسكرية روسية في الأراضي الأوكرانية، لكن مستقبل العملية على المدى القريب والبعيد، يبقى مجهولا بالرغم من عقوبات غير مسبوقة كـ عزلة اقتصادية من قبل الغرب، على أمل أن تنهار روسيا من الداخل.
ولا تزال تداعيات الحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا تلقي بظلالها سلبا على كثير من الدول العربية، فارتباط النظام الاقتصادي العالمي ببعضه لا يترك أي دولة بمنأى عما يحدث.
و يبدو أن تأثير ارتفاع الأسعار بهذه المعدلات غير المسبوقة واقتراب شهر رمضان الفضيل, تساوى فيه المواطن العادي والتاجر على حد سواء.
وبما أن روسيا وأوكرانيا من أكبر البلدان المنتجة للسلع الأولية، فقد أدت انقطاعات سلاسل الإمداد إلى ارتفاع الأسعار العالمية بصورة حادة، ولا سيما أسعار النفط والغاز الطبيعي, وشهدت تكاليف الغذاء قفزة في ظل المستوى التاريخي الذي بلغه سعر القمح، حيث تسهم كل من أوكرانيا وروسيا بنسبة 30% من صادرات القمح العالمية.
ومن ويلات الحرب على أوكرانيا, تواجه المنطقة آثارا متوالية فادحة من ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة وضيق الأوضاع المالية العالمية, ففي مصر، على سبيل المثال، تأتي 80% من وارداتها من القمح من روسيا وأوكرانيا، كما أنها مقصد سياحي يحظى بإقبال كبير من كلا البلدين، وسوف تشهد كذلك انكماشا في نفقات زائريها.
ومن شأن السياسات الرامية إلى احتواء التضخم، كزيادة الدعم الحكومي، أن تفرض ضغوطا على حسابات المالية العامة الضعيفة بالفعل. وإضافة إلى ذلك، فإن تفاقم الأوضاع المالية الخارجية قد يحفز تدفق رؤوس الأموال إلى الخارج ويضيف إلى التأثيرات المعاكسة على النمو في البلدان ذات مستويات الدين المرتفعة والاحتياجات التمويلية الكبيرة.
وربما أدت الأسعار الآخذة في الارتفاع إلى زيادة التوترات الاجتماعية في مصر وكذلك بعض البلدان العربية والعالمية فكلنا في مركب متهالك ينحدر ببطىء إلى الأعمق في ظل شبح الغزو الروسي على أوكرانيا, والتي لا نعلم إلى متى سوف تستمر ونضع نهاية لكل هذا الدمار.
وبات معظم المصريين يعانون من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأساسية ويخشون أن يؤدي رفع سعر الفائدة إلى موجات من زيادة الأسعار مع انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار إلى أكثر من 18 جنيها, ويذكر أن مصر قد قامت بخطوة مشابهة منذ أقل من ست سنوات، حيث حررت سعر صرف الجنيه أمام الدولار في نوفمبر/ 2016, وحاليا بدأت العديد من الدول تتجه إلى رفع أسعار الفائدة , و أقدمت 10 دول على هذه الخطوة ومنها أمريكا رفعت معدلات الفائدة على الأموال الفيدرالية.
ومن جهته، أرجع الخبير الاقتصادي الدكتور مدحت نافع، مستشار وزير التموين، ارتفاع الأسعار في مصر بشكل كبير إلى الحرب في أوكرانيا وتداعيات جائحة كورونا.
والجدير بالذكر, ستتأثر الاقتصادات العالمية التي تعتمد على الواردات النفطية فسوف تسجل معدلات عجز أعلى في المالية العامة والتجارة وتشهد ضغوطا تضخمية أكبر، وإن كان ارتفاع الأسعار قد يعود بالنفع على بعض البلدان المصدرة للنفط مثل البلدان في الشرق الأوسط وأسيا وإفريقيا.
ومن المؤكد أن الخسائر التي تتكبدها أوكرانيا فادحة بالفعل. ومن شأن العقوبات غير المسبوقة على روسيا أن تضعف أنشطة الوساطة المالية والتجارة، مما سيفضي حتما إلى حدوث ركود عميق هناك. وانخفاض سعر صرف الروبل يذكي التضخم، ويفضي إلى مزيد من تراجع مستويات معيشة السكان.
وتمثل روسيا مصدرا أساسيا لوارداتها من الغاز الطبيعي. وقد يترتب على ذلك أيضا حدوث انقطاعات أوسع نطاقا في سلاسل الإمداد. وستسفر هذه الآثار عن ارتفاع التضخم وإبطاء التعافي من الجائحة. وسوف تشهد أيضا أوروبا الشرقية ارتفاعا في تكاليف التمويل وطفرة في تدفقا للاجئين، حيث استوعبت معظم اللاجئين البالغ عددهم 3.5ملايين نسمة الذين فروا من أوكرانيا مؤخرا، حسب ما أوضحته بيانات الأمم المتحدة وتقوم الحكومة المصرية بما تقوم به الحكومات في أوروبا وأمريكا, بفضل سياسة رشيدة يقودها الرئيس السيسي ولن يتوانى عن بذل أى جهد وعمل وحماية مصر والحفاظ عليها ومواقف إنسانية عديدة, فتولي اهتماما بالغا لأزمة ارتفاع أسعار الغذاء إذ أمر بقرار لـ رئيس الحكومة مصطفى مدبولي تسعير الخبز الحرّ غير المدعوم للحد من ارتفاع ثمنه وفرض غرامات مالية على المخالفين, و كذلك، أعلن مدبولي عن زيادة المعاشات بنسبة 13 بالمائة والعلاوات الممنوحة لموظفي القطاع العام بنسبة تتراوح ما بين 8 إلى 15 بالمائة بداية من أبريل / نيسان .
من الواضح كذلك أننا على أعتاب حرب عالمية ثالثة، لن ينتصرفيها الأقوى، بل ينتصر من يمكنه تحمل الألم لفترة أطول؛ فجميع القوى العالمية الكبرى ، وبغض النظر عن حجم القوات المسلحة، أو حجم الاقتصاد، سيواجه صدمة اقتصادية كبرى تداعياتها وخيمة, بصراع نووى, و إبادة جماعية في حالة نشوب صراع عالمي.