لم يكن المواطن سعيد مواطنًا وديعًا ، كان يقفز بين القضايا كما يقفز الأرنب بين حقول الجزر ، لعله يلتهم قضيةً ثمينة َ المُخرَج والخراج ، وفي إحدى الإدارات الحكومية - وهو يخوض إحدى معاركه القضائية - التقطت أذناه الحساستان طرف خبر بأن المهندس أبو بشار مرتشي ومن المؤكد أنَّ الإطاحة به متلبسًا هو الهدف .
وظَّف سعيد الإيقاع بالفريسة لنيل حظوةٍ ما لدى المسؤولين ، ولتحسين الصورة الذهنية المشوشة عنه عند المسؤولين ليظهر كمواطن صالح متعاون يُحجِّم الشر والمفسدين ، وفي المساء حضر لمنزل المهندس واتفق معه على مبلغ يعطيه ثمنًا لإنهاء موضوعه ، فوافق المهندس واتفقا على الزمان والمكان.
أبلغ الجهات الأمنية بالاتفاق وبموعد قبض الثمن وعند مساء اليوم التالي حضر ومعه رجال المباحث الذين تنحوا بعيدًا وابقوه مع ضحيته ليوقع بها .
- يطرق سعيد الباب
- مين عند الباب ؟
- أنا أنا سعيد
- مين سعيد ؟
- سعيد اللي تواعدت معك البارح وشبك نسيت ؟
- أيه العم سعيد فيفتح الباب مرحِّبا به
يسكن أبو بشار بالقبو الذي يعلوه حائط يقف في أعلاه رجال الحكومة ، وسعيد يختلس النظرات عليهم للتأكد من سماعهم كل التفاصيل .
- خذ يابو بشار هذا المبلغ اللي اتفقنا عليه
- يعد النقود .. تمام يا عم سعيد مثل ما اتفقنا
- ذكرني وش اتفقنا عليه أنا انسى وأنا عمك
- اتفقنا إنِّي اخذ هذا المبلغ وأخلص لك موضوعك في البلدية
- ارفع صوتك ما اسمعك سمعي ثقيل (يعيد أبو بشار العرض والمقابل )
- خلاص أخذت حقك كامل يا مهندس
- ايه يا عم وبكرة موضوعك مخلص بأمر الله
- ينظر سعيد للأعلى موهمًا أبو بشار بالنظر للسماء ويقول : أشهد ياربي
- هيا مع السلامة يا مهندس
يغادر سعيد مسرح الحدث من جهة ويباغت رجال المباحث أبو بشار من الجهة الأخرى وبالجرم المشهود .
وبعد عام قضاه المهندس في السجن يعود للقرية ليصطحب أهله مغادرًا لبلده بلا رجعه ، أمَّا سعيد فيزهو بجميل صنيعه بين الرجال وفي أروقة الإدارات الحكومية .