لم نتفاجأ من موقف حزب الإصلاح اليمني ورؤيته العدمية والتي نشرت في صحيفة الإخوان "الإصلاح نت" والتي سردت ما قالت أنها قراءة في رؤية الإخوان التي احاطوا بها المبعوث الدولي "هانس غروندبرج" في عمان بالأردن.
وعندما قلنا أنها رؤية عدمية، لأنها في الأساس لا تتماشى مع الموقف الراهن لحزب الإصلاح الإخواني، ووضعه على الأرض، فبقدر التشدد والتطرف الذي حملته (الرؤية)، فإن موقف حزب الإصلاح على الأرض لا ينسجم مع مفردات لغتها، فمن المعروف انحسار سيطرته وانكماشه في جغرافيا اليمن، والجنوب، أثر انكسارات مليشياته، وتسليمها لمواقعها المتقدمة لمليشيات الحوثي، عدى ما فضل لديهم من مواقع صغيرة يتنازع عليها مع قبائل مأرب، وأخرى ينازعه عنها بعض بلاطجة السوق، وبعض زعامات محلية في مدينة تعز.
إنّ عدمية حزب الإصلاح جعلته لا يقرأ الواقع كما هو، وظل يردد أكليشات ما يسمى بـ(المرجعيات الثلاث) والتي يعلم استحالتها، ويعلم عجزه في الدفاع عنها على أرض الواقع، وفرضها وإنهاء الأزمة اليمنية، بل ويعلم تماما إن بعض ما يسميها (مرجعيات) أن لم تكن سببا رئيسيا في انفجار الأزمة والحرب، فإنها في الأساس عجزت عن حل الأزمة وإيقاف الحرب خلال الثمان سنوات منذ اندلاعها، ولم تسفر عن أي تقدم في المفاوضات خلال الجولات الماراثونية.
واختصارا للوقت والجهد، لا نريد أن نخوض في تفاصيل هذه المرجعيات التي يتغنى بها "الإصلاح" والظروف التي ولدت فيه، بدءًا من المبادرة الخليجية التي انتفى الحاجة إليها مع انتهاء أحد طرفيها، وسيطرت أطراف أخرى كانت خارج المعادلة، و(مؤتمر الحوار اليمني) الذي جاء في ملحقات المبادرة الخليجية، والهادف فرض الاستقرار، كان السبب الرئيس في اشعال فتيل الحرب، التي يتجرع الجميع ويلاتها. والقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن الدولي التي ساندت التحالف العربي، بتطرف حاد كان الهدف منها جر المليشيات الانقلابية الحوثية الى طاولة التفاوض صاغرا، وأثبتت عدم واقعيتها مما جعل مجلس الأمن الدولي يرسل أربعة مبعوثين دوليين حتى الآن لإقناع مليشيات الحوثي للجلوس إلى مفاوضات سلام وتسويه شاملة وحل كافة القضايا العالقة، تحت رعاية الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وهي وسائل ضغط لصالح فرض السلام والأمن والعدالة الدولية، وليست سلاح أو وسيلة لفرض طرف بعينه على السلطة، وإبعاد طرف آخر كما يصورها أو يعتقد بها قادة حزب الإصلاح الإخواني، وحملوها كل أحلامهم وآمالهم، وأعني كافة القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الخاصة باليمن، منذ اندلاع الحرب في نهاية 2014م، بما في ذلك القرار الدولي الأخير (2624)،والذي وصف مليشيات الحوثي بالإرهاب، ودعاء إلى حوار شامل يضم كافة الأطراف ويضع في الاعتبار مصالح الأحزاب والمكونات (الإقليمية) الكبرى، دون سقف محدد أو شروط مسبقة.
إن الطرح العبثي والرؤية السطحية لحزب الإصلاح الإخواني، ونظرته العمياء للأحداث في اليمن والجنوب اليوم، والبعيدة كل البعد عن الواقع، والموضوعية، وتجاهله المتعمد للمعطيات التي فرضها شعب الجنوب، وافرزتها الأزمة والحرب لثمان سنوات، تجعل أصاحب هذه الرؤية ومن يأخذ بها في حلقة مفرغة، لن يستطيع الخروج منها وإنجاز أهدافه بتعسف الواقع، أكانت عبر الجهود الدولية لإيقاف الحرب وفرض السلام، وإيجاد حل سلمي شاملا، أو كانت لهدف فرض حلول عسكرية لإنهاء انقلاب الحوثي، وفرض أجندته، فقراءة الواقع والمعطيات على الأرض تساعد - من أراد جادا اتخاذ القرار المناسب والمعقول، والذي يضع مصالح كل أطراف الأزمة، في اليمن والجنوب في الاعتبار والحسبان، وماعدا ذلك فهو عبث لا يستحق حتى الذكر.