لا حدس حصر سيول بالعموم في مكان معين لا يمكن . يستحيل لاختلافها بين القوة والضعف وتنوعها . بعض السيول جارحة لها اثر على أديم المكان ونفسية الانسان . تعطب الأنفس والأملاك المنقولة والثابتة ، ولها وقع على الانسان ، ويؤرخ بها زماناً ومكاناً . هذا المقال سيتطرق عن احد السيول بما يعرف سيل دمام دم الدور ، والحيازات الزراعية ، كل ما هو على ضفتي وادي مدركة جعلها قاعاً صفصفاً .. سيل دمام سماءه أهالي مدركة ، واطلقوا عليه اسم دمام ، وورخوا به لما أحدثه من اثار وخسائر . سنورد طرفاً منه ، وذكراً من خبره .
في عام ١٣٥٦ هجرياً الزمان ومدركة المكان . تلبدت السماء فوق اديم مدركة بالغيوم ، وازدادت تلبداً وسواداً ، وأدلهمت واشتدت سواداً . ما قرب من أديم مدركة ، وما كان في منأى منها . منذرة بهطول أمطار غزيرة . حجبت شعاع الشمس وضوئها ، وخرج من خلالها الودق منهمراً ، واستمر وبله بإرسال المزن من كل مكان فوق الجبال وقممها ، والحرات وحدابها والحزوم ، فتصفق الماء من كل حدب وصوب . من مغزلات الشعايب وتلاعها والمسايل . تدفع مجاري المياه التي شقت اديم المكان صوب وادي مدركة . تسمع وشيم أصواتها . تخيف وترجف منها القلوب رجفاً . احتشى الوادي من الجال إلى الجال ما بين طرفي ضفتيه . مشكل عرمرماً ضخم بلون الطين . يطفو أعلاه الزبد ، ويهدد بالجرفان ونسف ما أمامه ، وما بين متونه وأطرافها ، وزاد من خطورته السيول المنقولة باعتبارها قدراً محتوماً من أثارها دمت الحيازات الزراعية بأشجارها وعقومها وزبيرها وركبانها ، واقتلعت كل ما عليها من انشاء الانسان ، وعرتها كأنها لم تكن هناك حيازات زراعية وركبان ، وتضررت المساكن من أمطار وسيول تلك السنة ورفعت إمارة مدركة عن ماحل من أضرار ، وأخذت لجان المساعدات ، وحصر الأضرار . تتوافد على مدركة كل في مجاله .
أراد أصحاب الحيازات الزراعية إعادة حيازاتهم ، وعقوم ركبانهم . دب خلاف بينهم ونزاع . لتداخل البعض في الحدود . وزاد الصراع ، واشتط الغضب بينهم ، وتنامى السخط بينهم بشدة ، وتوسع النزاع حتى درجة التهديد والانتقام ، وتعذر حل الخلاف ، ومغبة حدوث ما لا يحمد عقباه . اتفق مشائخ قبائل مدركة بإشعار إمارتهم المحلية بذلك في ضوء ما وصلوا اليه العقلاء طريق مسدود ، ونفق مظلم حيال التسوية بين المتشادين من ملاك الحيازات الزراعية ، ويخشى من الفتنة ، ويدق بليس زيره بإشعال مزيد من الفتنة ، والفتنة أشد من القتل ، ومغبة عواقبها مما اضطر . اشعار إمارة مدركة بخطورة الوضع ، والتدخل لحقن الدماء فاضطر امير مدركة في حينه عبدالله بن محمد بن شعيل اشعار المقام السامي ، حينما كانت إمارة مدركة مرتبطة بالمقام السامي قبل التنظيم الإداري نظام الإمارات والملحقيات والمقاطعات . ليصدر الامر من المؤسس الأول يرحمه الله مراقبة الموقف عن كثب وقرب ومنع المنغصات الأمنية وما يكدر صفو المجتمع محل الموقف ، وما يخدش صفوهما واشعاره أولاً بأول عن تطورات الوضع ، وافهام المشائخ ان الدولة ستتدخل بإذن الله حيال إعادة الحيازات الزراعية بين ملاكها .
أستفسر المؤسس الأول يرحمه الله من الجهة المعنية عن خرص وزكاة تلك الحيازات الزراعية وما تدخله للدولة ، فكانت إجابة الجهة المعنية مابين ١٥٠ - ١٦٠ الف فرانسي ، فقال يرحمه الله : مدركة مخباتي ، وأمر يرحمه الله بتشكيل هيئة قضائية من ثلاثة قضاة لإعادة توزيع الحيازات الزراعية بين أصحابها ، ولها ان تستعين باهل الخبرة من المنطقة ، ومهمة هذه الهيئة القضائية ، وظيفتين :
اعادة العقوم والركبان على عهدها السابق مع توثيق المعالم والحدود لكل حيازة زراعية من الحيازات ، والوظيفة الثانية تقسيم مشارب الحيازات الزراعية بين ملاكها .. في هذا المقال سنورد طرفاً من الوظيفة الأولى..
حضرت الهيئة القضائية ، ووضعت خطتها ، وتصورها بعد الانتقال ، والمعاينة على الطبيعة ، والاستماع لأصحاب تلك الحيازات ، وأخذ ما لديهم ، وأخذ ما لدى مشائخ أصحاب تلك الحيازات ، وأعيان الأهالي ، ووجهة نظر أهل الخبرة ، والاطلاع على المحاضر والتقارير ، ومحاضر الحصر ، والأضرار السابقة . ثم شرعت بالعمل وقسمت الوادي من أعلاه إلى اسفله عدة مربعات ، والمربعات عدة مجموعات ، والمربع لا يقل عن تسعة وسبعين مجموعةً والمجموعة عدد من الحيازات الزراعية لا تقل عن ثلاثين حيازة ، وشخصت بالوقوف وانطلقت أعمالها ، واستغرقت شهرين وعشرة أيام ، وقد وفقت في مهامها باعادة الحيازات لوضعها السابق مع استبعاد التداخلات بين الحيازات الزراعية بعد أخذ إقرارات التسوية بين ملاك الحيازات ، ومصادقة مشائخهم ، وإمارة مدركة على إقرارات التسوية بينهم ، وربط كل ركنين من الحيازة بمعلم ثابت واضح من الجبل الذي يلي الحيازة صخرة ثابته من صخور او رضمة ثابته ، وعلم عليها لتكون واضحة للأعيان ، وضبطت أركان حدود الحيازة بالأذرع ، وبالاستعانة بما يعرف بالماسح ،كما استعانت الهيئة القضائية ببعض المدرسين بالمنطقة التي لديهم خلفية بحساب المساحات بضبط اذرعة ومساحة كل حيازة ، ووثق ذلك بمحاضر كلاً على حده نوعاً وكماً ، وكل مسمى موقع تقع فيه الحيازة او اكثر من حيازة ، وكان هذا الذرع والمساحة ، وتوثيقها بمدركة تعد الأول في المملكة على حد علم كاتب المقال ، وقطع دابر النزاع بموجبه ، وظهرت اثباتات الحيازات الزراعية فيما بعد ، وأصبحت قاعدة يسار عليها وحفظت المحاضر والإقرارات والسجلات والضبوط والتقرير النهائي للهيئة وأعضاءه من القضاة الثلاثة ، وكتاب الضبط في أرشيف إمارة مدركة للرجوع اليها عند الحاجة ، وطوي دابر النزاع والخلاف نهائياً لا رجعة فيه ، وكانت الهيئة القضائية طيل هذه المدة في ضيافة الأهالي الأعيان والمشائخ ، وعند الانتهاء من المهمة ، ومغادرة المكان تخلف ما يزيد عن ستين طلياً او خروفاً . تركت تتصرف بها إمارة مدركة مما حد بأحد القضاة من الهيئة القضائية بقوله لا كرم بعد كرم مدركة ، وأصبح نعتاً من نوع مدركة الاجتماعية ، بخلاف المكانية وتعد نعوت مدركة الاجتماعية والمكانية مجتمعة ومنفردة . تزيد عن أربعين نعتاً سنوردها فيما بعد في مقال مستقل .
يا سادتي واحبتي بعد انتهاء الهيئة القضائية من مهمتها عجت المناشط الاجتماعية والحركة الاقتصادية بوادي مدركة أتوا التجار بالمعدات ، ومن لم يكن عنده معدة اجر جماله ، وحميره و ثيرانه ، على أصحاب الحيازات لإعادة ما ينبغي اعادته ، واستصلاح وتسوية ما ينبغي من الركبان ، وكان مصدر رزق وفير لمن أراد العمل والارتزاق ، وقد صدق المثل ( رب ضارة نافعة ) .
في ظل راعي رؤوفاً برعيته . عادلاً في قضيته .. العدل سجيته ، والسخاء ديدنه .
- أمير منطقة حائل يستقبل وزير السياحة
- إدارة تعليم المذنب تحتفي باليوم العالمي للطفل
- حرس الحدود بجازان ينقذ مواطنين تعطلت واسطتهما البحرية في عرض البحر
- تنفيذ حكم القتل تعزيراً بعدد من الجناة لارتكابهم جرائم إرهابية
- النيابة العامة تعلن عن تدشين “غرفة الاستنطاق المخصصة للأطفال”
- «الحياة الفطرية» تطلق 26 كائناً مهدداً بالانقراض في متنزه السودة
- تستمرّ للثلاثاء المقبل معلنة دخولَ الشتاء.. جولة مطرية جديدة يصحبها انخفاض بدرجات الحرارة بمعظم المناطق
- لاستبدال 250,000 مكيف.. “موان” يعلن إطلاق ثالث مراحل مبادرة “استبدال”
- «الجنائية الدولية» تصدر مذكرتي اعتقال لنتنياهو وغالانت
- “حساب المواطن” يعلن صدور نتائج الأهلية للدورة 85 لشهر ديسمبر القادم
- من مخاطر داخل المنزل تهددهم.. “المدني” يؤكد أهمية المحافظة على سلامة الأطفال
- “الهيئة العامة”: كود الطرق وضع معايير وشروط لتصميم وتركيب مطبات السرعة
- بوضعية خارج الرحم.. “سعود الطبية” تنقذ جنينًا بحالة حمل نادرة في الأسبوع الـ26
- «الطيران المدني» يُصدر تصنيف مقدِّمي خدمات النقل الجوي والمطارات لشهر أكتوبر الماضي
- الزكاة والضريبة والجمارك تدعو وسطاء الشحن إلى الاستفادة من الخدمات الجمركية المقدمة في المنافذ البحرية
خالد بن حسن الرويس
سيول مدركة
21/02/2022 1:52 م
خالد بن حسن الرويس
0
234841
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3490937/