تذهب الرواية السعوية مستشفه من المثل ( روب ضارة نافعة ) .. وماورد في الأقوال الشعبية ( دفعتني فنفعتني ) .. والخير كامن في بطن الشر . نسوق الرواية وأحداثها بالإفصاح.. أحد الموظفين بالقطاع العام . موظف متميز في عمله .. هذا التميز كبده مشاق وصعوبات عديدة .. فالموظف المولود في خريف عام ١٣٨٢هجرياً من عائلة محترمة غير خاملة الذكر .. متوسطة الدخل .. ويعد ترتيبه في أسرته الرابع بين أخوته .. تسبقه أخت تحبه وتوده .. وأيضاً يودها كثيراً ويغليها .. ويستأنس برأيها ، ووجهة نظرها في كبره وحينما أشتد عوده .. كان في صغره قبل دخوله المدرسة إذاً عادة من مدرستها .. تجلب معها حلاوة غندوره الشائعة في ذالك الوقت من مقصف المدرسة .. وكثيراً ماكان ينتظرها على مدخل باب المنزل لقرب انصرافها من المدرسة .. وعودتها إلى المنزل .. ويتلقى هذه الحلاوة بحبور وابتهاج .. وهذا الطفل لا حدس درس في مدرسة الإمام الشافعي الابتدائية بالخنساء بالمعابدة في مكة المكرمة ، والمتوسطة بموسى بن نصير بشارع الحج ، والثاوية بالحديبية بمجر الكبش ، وكلاهما الثانوية والمتوسطة بشارع الحج مكة المكرمة .. والجامعة بأم القرى .. بالجامعة صقلت مواهبه .. وفيها اكتسب المعارف النظرية ، والمهارات الذهنية .. أضف إلى ذلك أصقله مشاركاته في مجلة الجامعة ،والأنشطة الطلابية المتعدده والمتنوعة كان يمارسها .. ويحرص عليها أكسبته خبرات .. وأبرزت قدراته .. وجلت مواهبه .. ومحصت إدراكه .. وغرست بذور المعارف .. وحببت له فريق العمل الجماعي ..كانت ردءً له في حقول العمل فيما بعد ، وبعد تخرجه من الجامعة .. تقدم من ضمن المتقدمين لإدارة حكومية فعالة في الحياة الاجتماعية ، وحدد لقاء ومقابلة ، ونظراءه المتقدمين ..وكان الرجل الثالث المسؤل بالإدارة بمثابت وكيل وزارة درجة ورتبه .. طرح سؤالاً على المتقدمين فحواه هذا السؤال إذا خيرت بين فرصة عمل قريبة من مقر سكنك أو بعيدة جداً .. أيهما تختار ؟ كانت إجابة المتقدمين عما سواه لاشك الأقرب من مقر السكن .. معللين بالاستقرار الوظيفي ، ما عدا هو .. انفرد عنهم بالإجابة ، معللاً الهدف من الوظيفة الطموح ، وتطوير المهارات ، واكتساب الخبرة ، وتطوير الذات بالمهارات العملية ، والإجراءات الحسية .. أينما كانت بعدت أو قربت ، ومدى توفر أدوات المعرفة ووسائل اكتسابها وإتقان مهارات وواجبات الوظيفة ، فان كانت في الأبعد يؤثرها .. فانه يبحث عن الأحسن والأكمل ، مالم تتساوى بين البعد والقرب يختار الأيسر اقتداء برسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام ما خير بين أمرين إلا أختار أيسرهما.. فالعبرة ما يتوفر من وسائل وأدوات مساعدة وتقنية تساعد على اكتساب الخبرة ، وتشجع بيئة العمل والمعرفة معاً بإلاضافة لمعززاتها مايتاح من المحاضرات والمؤتمرات والندوات والحلقات في حقل العمل وميادينه وورش العمل بمستوياته الثلاثة الدنيا على مستوى الإدارة والوسطى على مستوى المنطقة والعليا على مستوى الوزارة .. باعتبارها تغذية رجعية.. هو الأفضل وهو ما يتطلع إليه ؟ وإن كان في منأى عن مقر السكن ؟ كانت هذه إجابته لها وقع وأثر للمسؤول الثالث أثناء المقابلة وبعد عشرة أيام جاءه القبول دون نظراءه وتم تعيينه في شتاء عام ١٤٠١ هجرياً .. وبعد صدور قراره بالتعين ومباشرة العمل في شتاء ذلك العام ، طلبه المسؤل الثالث الذي أجرى معه مسبقاً المقابلة .. وأزجى إليه بعض الإيضاحات عن طبيعة العمل ومهمات الوظيفة التي يشغلها وسوف يمكن منها .. ورغب منه أن يعمل بأرشيف الإدارة العام ويطلع على الملفات المنتهية بالحفظ لاسيما الأوراق المكفنة - الطرود - ويتصفح فحوى الأوراق والإجراءات وان يقراء مايقع في يده من أوراق ومعاملات منتهية من الأسفل إلى الأعلى مع تدقيق الفهرس ومطابقته لمحتوى الأوراق..ويدقق النظر بالشروح المذيلة على الخطابات والاستدعاءات والقصاصات المرفقة .. من أجل تتكون لديه حصيلة من الدراية عن طبيعة العمل .. إذا أراد اكتساب الخبرة فرحب بالنصيحة الصادقة واستمسك بها وبعد ستة أشهر أخذ تدويره على أقسام الإدارة ، متنقلاً من قسم إلى قسم أخر .. وشارك في إعداد المحاضر والتقارير وكان من خلالها تفوق واكتسب الخبرة . وأدرك معرفة التعليمات وأتقن فهم التعاميم بأبعادها الثلاثية الحدية والكلية والحقيقية نصاً وقصاً ، وابعادها الزمنية والمكانية ومناطها الموضوعي ، ماكانت حينية ، وقاعدة ثابته يسار عليها ، ومازال يتفوق في معارج الإجراءات العملية ، ويتحسن أداءه للأحسن.. ويتميز حيناً بعد حين .. وبعد عام عقد قرانه وزواجه ، وأموره مستقره في أول الأمر ، ولا حدس التميز والتفوق ، لهما ضريبتهما .. كان رؤوساءه حملة مؤهل المتوسطة الأغلب ، والثانوية الندرة .. واستشف منهم يتضايقون من تفوقه ، وتميزه ونباهته ، وانضباطه في الحضور والإنصراف ، وتواجده أثناء العمل دون غياب أو تأخير.. ارهاصات ومخفسانية الكراهية أخذت تدب شيئاً فشيئاً ، ومما يغلب عليه الصراحة ، والمصداقية والثبات ، والموضوعية في إجراءاته.. ويكره المراوغة والمماطلة ، والكذب للمراجعين ، وزملاءه والمسؤلين على مستوى الأفقي أو العمودي - الرأسي - التي في الغالب لا ترضي رؤوساءه هذه التصرفات .. ويمتعض منها زملاءه .. وأخذ يتضايق رؤوساءه منها بامتعاض .. متضورن وكارهون .. وتتسع فجوة الخلاف .. ويتنامى شيئاً فشيئاً .. ومما زاد الطين بله .. تقاعد الرجل الثالث .. زادت المضايقات .. واستغلها المبغضون في تأخير ترقياته .. متعللين مسبوق بالمحضر لا يوجد وظيفة متماثلة ومتجانسة لوظيفته اسماً وجنساً وتصنيفاً ، ومؤهله يحمل الماجستير واذا رفع تظلمه عرضت إدارة الموارد البشرية على صاحب الصلاحية يستفسر من الخدمة المدنية باعتباره يشغل وظيفة استثنائية وجمد أحد عشرة سنةً من الترقية ثم تبعها رحيل والده ثم دب الخلاف بينه وبين أخوته ثم دب الخلاف بينه وبين زوجته ومما زاد ذلك الخلاف الحاد مع رئيسه المتقلب المزاج وسريع الانفعال . وبناءً على العروض المقدمة من رئيسه وتعضيدها من كارهي النجاح والتفوق سارعت بتداعيات النظر في أمره .. فضلاً عن زوجته صعبة المزاج، حنّانة نكدية صعّبة المراس .. نكدت عليه عيشته، ومدير سريع الانفعال ، وإخوةٌ ينازعونه في أرض ، وقد وصلت الأمور بينه وبين إخوته إلى ما يقارب القطيعة ، وبينه وبين رئيسه جفوة ، سارعت بالتداعي أن يصدر قرار بنقله ، لأحد فروع الإدارة يبعد خمسمائة كيلاً ويزيد عن منزله ، جاءه الخبر كالصاعقة .. وفحوى القرار بناءً على المصلحة العامة .. فكتب استقالته على الفور، ونصحه بعض زملاءه المخلصون العارفون بحقيقته بالتريث ، ثم مكث أياماً يتأمل في حاله ، محدث نفسه : حسناً، ما يمنعني من الذهاب إلى الموقع الجديد؟ لا مدير مسؤلاً في قيادته وإدارته مثل المسؤلين وغير منصف ، ولا زوجة حسن التبعل ، ولا إخوة كالأخوه، هل سيكون الوضع هناك أسوأ مما أنا فيه ؟ وربما في الأمر خير . وأبعد عن المشكلات وبيئة العمل وضغوطاته .
مزق الاستقالة ، وأخذ بنصيحة العقلاء من زملاءه ، ومحبيه ومعارفه وأصدقاءه .. وقَبل قرار النقل الذي منحه بضعة أيام ، قبل أن يباشر في مقر عمله الجديد.
ذهب من فوره إلى كاتب العدل، وتنازل عن الأرض لأشقائه، وتنازل عن بيته ، وجعله باسم زوجته، ثم مضى إلى المحكمة ، وطلّق زوجته، وأخذ ثيابه ، وانطلق إلى موقع عمله الجديد .
وصل إلى مقر عمله الجديد، وباشر في تلك الإدارة، وتلقاه الزملاء بالترحاب .. لا يقل وافاءً عن زملاء الاوفياء السابقين ..
اندمج بسهولة في محيطه الجديد، وواصل ابداعاته وقوة شكيمته بالعمل وأخذ يتعرف على التكوين الاجتماعي والمكاني ، ومعرفة الديار والأشخاص ، وتكوين علاقات مميزه واستشف أنهم أهل سعة في الوقت والصدر وأهل كرم. وأحبه من عرفه وحبهم وأحبوه. وتغيرت الادارة المركزية ليستلمها مسؤولون أكفاء منصفون خلفاً لمن سبق . وبتصفح ملفه الوظيفي لم يلاحظ مايمنع من ترقيته ..
ووجد نفسه ، وجيهاً من وجهاء تلك الناحية ؛ يجالس المسؤلين بالمنطقة ووجهاءها ورؤساء الدوائر الحكومية ، في منازلهم ودواوينهم ومزارعهم، ويحضر مناسباتهم ، يشاطرهم الأفراح والأتراح .. وجاءته ترقيةٌ وزاد معها دخله، وصار يشارك القوم ويدعوهم، ويعزمهم ويقدم الولائم لهم، ونالَ أرضاً حسنة على هيئة منحة من البلدية التي يجالس أمينها، ونالَ من أحد رفاقه قرضاً .. فابتنى لنفسه منزلاً فخماً جميلاً .. جعل في فنائه خيمةً .. يستضيف فيها الناس وعلية القوم. وتزوج وانجب أولاد واستقر نفسياً ووظيفياً بالعمل . وردفاً ماسبق جاءته منحة زرعية ، واستقرض قرضاً زراعياً من أجل استصلاحها .. وجعل طرفاً منها مشروعاً لتسمين الأغنام ، ثم انشاء لاحقاً مصنعاً للأعلاف ، ثم لحقه مصنعاً لتمور ثم مصنعاً ثالثاً لتخزين الحبوب .. وادأحضر آلتين احداهما حصادة ، والأخرى مصفية الحبوب من الشوائب ، ومنظفة .. واستفاد من خلالها ما ينبغي .. وأخذ أصحاب الحيازات الزرعية ، إحضار سنابل محاصيلهم الزراعية لآلة حصاداته ، وكذلك القصب من أجل هصرها ، ووضعها قوالب أعلاف للمواشي ، وتمورهم لتنظيفها ، وتكيسها ثم تغليفها في اكياس مختلفة المقاسات .. واستفاد من ريع المزرعة .. واقتصاديات المشروع .. يدر عليه دخلاً فائق النظير .. وشبهها بواحة النخيل التي تخرف من موسم لموسم ..اما عن إدارته المركزية السابقة تغيرت قياداتها بالأفضل والأنصف خلفاً لمن سبق .. وبتصفح ملفه الوظيفي لم يلاحظوا ما يمنع من ترقيته للوظائف العليا والقيادية ..فالتقارير المرفوعه عنه من رؤساءه ، والأداء الوظيفي .. تشير بامتيازه .. فاسند إليه قيادة قطاع إدارة مهمة ، وأوسع نطاق ، ومنح مراتب عليا .. أمّا عن زوجته الأولى ، فقد كسرها الطلاق كسراً، وأكبرت فيه ما صنعه حين تخلى عن الدار لها ، وسجلها باسمها؛ فألحت عليه تريد أن تعود إلى عصمته، فأبى إلا بعد شروطٍ شبه تعجيزية، وضعها لكي ترفضها طليقته، فوافقت عليها كلها، فأعادها إلى عصمته، أما إخوته فقد راجعوا أنفسهم، وتشاوروا فيمابينهم قبل أن يتفقوا على ضرورة الصلح مع أخيهم الذي نقم عليهم وزهد فيهم، فأخذوا يسترضونه، واقروا بخطاءهم ، وإرجاع نصيبه من الأرض ، ودعوه وأولموا له ويلمة وأصلحوا ما بينهم وبينه. واخذ يترقى في السلك الوظيفي .. وعادة أموره إلى الأفضل معززا مكرّماً حلالاً ووجيهاً ..
ياسادة تفاءلوا بالخير، واعلموا أن الله رحيم بعباده، وأنه إذا سدّ عنك باباً فإنه يفتح أبواباً، وأن الظروف والأحداث الصعبة قد تؤدي بك إلى طريق آخر لم يكن يخطر على بالك وذهنك، فتكتشف أن هذا الطريق هو الذي يحملك إلى النجاح والتوفيق .. ان الشدائد في اغلب أحوالها خير . . أن مع العسر يسر .. وربما في الشر خير .. أن تكرهوا شيئاً فهو خير .. ومن يتقي الله يجعل له مخرجاً ، ويرزقه من حيث لا يحتسب .. ومن يتوكل على الله فهو حسبه .
(….. وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَاتعلمون ) .
فالرزق والقدر تساق بقدر اللطيف الخبير .
- محافظ رنية يلتقي مدير عام صحة الطائف لمناقشة تحسين الخدمات الصحية
- “العناية بشؤون الحرمين”: هذه هي مواعيد دخول الروضة الشريفة بالمسجد النبوي “للرجال والنساء”
- بلدية رنية تواصل أعمال إزالة الرمال الزاحفة على طريق الحفائر
- «الموارد البشرية» تمنح 60 يوماً إضافية لتصحيح أوضاع العمالة المهنيّة المتغيبة
- ولي العهد: المملكة تستعد لاستضافة المنتدى العالمي للمياه لعام 2027
- ماكرون: ملف المياه مرتبط بقضايا التصحر ولا يمكن معالجتها بجهود فردية
- بعد تصريح القيادي الحوثي حول جثة شقيقه.. “التحالف”: غير دقيق ويفتقر للمصداقية ونتعامل مع الملف بشكل إنساني دون تسييس
- صدور موافقة خادم الحرمين على منح وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الثالثة لـ72 مواطنًا ومواطنة
- هيئة الأمر بالمعروف في محافظة رماح تفعّل برامج وحملات الرئاسة العامة التوعوية والوقائية في عدد من الأماكن العامة
- أدوات متطورة لمتابعة المعدل.. تدشين خدمة الامتثال بالتأمين الصحي للمنشآت
- فعل متهور وخطر وغرامة..”المرور” تحذر من الانشغال عن القيادة بأى أجهزة محمولة
- بحضور ماكرون.. الرياض تحتضن القمة السنوية “7” لرؤساء مجموعة العمل الدولية لصناديق الثروة السيادية
- وزارة الصحة تحصل على شهادة المواءمة الذهبية
- “التأمين” تُطلق عدداً من الحلول الرقمية لتعزيز خدمات تأمين المركبات
- الصيدلي الطميحي يحقق إنجازًا أكاديميًا بمرتبة الشرف في الصحة العامة
بقلم _خالد حسن الرويس
العسر واليسر
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3488722/