كأن لم ينقص العالم أن يقع فريسة للأوبئة التي تسببت بنزيف بشري واقتصادي مستمر حتى هذه الساعة وربما لسنوات لانعلم متى تنقضي معها معركة المتحورات !
وكأن لم ينقص اللاجئين والمهاجرين الذين لم تُكتب لهم بعد العودة إلى بلدانهم والتعافي من أثر الحرب ينازعون داخل الخيم مابين قسوة البرد والجوع والتهجير وجحيم كورونا !
وبمستوى أقل درجة في المعاناة ذاتها تقاسي بعض البلدان النامية أزمة الفقر حيث تزايدت أعداد الفقراء بشكل مهول نظراً لتقلص المساعدات الدولية نتيجة تراجع معدلات النمو في الإقتصاد العالمي ! في خضم كل هذه الأزمات والمصائب والمخاوف المتزايدة من إستمراريتها على المدى البعيد تصر القوى السياسية العالمية على افتعال المزيد من الأزمات والصراعات التي ساقتها الظروف والمتغيرات الإقليمية والدولية الأخيرة في محاولة لجر العالم لحرب عالمية أخرى ربما يكون تأثيرها أشد وأقسى من غيرها لأسباب عسكرية واقتصادية وصحية مستدامة في الأثر والتأثير وهانحن على مرمى حجر من نشوبها ولاتعلم من أين تبدأ شرارتها ففي كل مكان من هذا العالم الذي يتقاذف فيه دول الصراع الإتهامات والتهديدات بالحرب في كل يوم لاتدري من سيقود هذا الجنون أولاً تنظر لهم وكأنهم حانقين على أنفسهم شهيتهم منفتحه لحروب جديدة وضحايا جدد بعد أن سأموا السلام لعقود يحاولون إعادة التاريخ بصورة أكثر دموية دون أن يقفوا لثانية عظة وعبرة بمن سبقوهم لعله غروراً منهم أوتعنتاً أوجهلاً أو غباءً أو ربما جميعها فقد سولت لهم أنفسهم أن الحرب خيارهم لإثبات الذات والفوقية القسرية والتحدي والسيطرة دون مراعاة للظروف المحيطة بالعالم والمصائب المتعاقبة عليه ودون أن يؤمنوا بخيارات النجاة والسلام على الضفة الأخرى من عقلهم المتزمت الذي يصر على التفكير بطريقة عنجهية وبغباء سياسي في التعامل مع الأزمات والصراعات خاصة اذا ماتدخلت بها أطراف خارجية لديها مصالح ومطامع فالتعنت والمكابرة والتعالي والمغالطة لن تؤدي بهم إلا لنفس مصير من كُتب عليهم الشقاء والفناء ودونت كتب التاريخ خيباتهم وهزائمهم وكان اضعاف الدولة وتمزيقها هو حصادهم الوحيد !
ويبدو أن هذا حال قادة الأزمات في عصرنا فمن روسيا وحتى الصين توتر ينذر بحرب بدأت بصورة نزاعات حدودية مع أوكرانيا وتايوان لم تنتهي تحشد لها أطراف خارجية كبرى في تطورات خطيرة وسريعة وعلى مقربة منا هذه الهند وباكستان في صراع تاريخي حدودي وعلى أرض يتيمة نعيش نحن كابوس التهديد النووي في كل مرة تتجدد الأزمة بين الطرفين أما عن المشرق الغارق في حروبه الدائمة فهو يعيش الآخر قلق الدبلوماسية الأمريكية التي تماهت كثيراً مع عدائية النظام الإيراني ووكلائه اتجاه المنطقة مادفع إيران للتمادي في وحشيتها وإجرامها وتهديدها لأمن الخليج مايرشح دخول المنطقة في مزيد من الصراعات على جبهات أخرى !
أخيراً وليس آخراً عندما يغيب تحكيم العقل عن المشهد السياسي ويوسوس شيطان النفس لعشاق الحرب تعظيم ذواتهم مايدفعهم حتماً إلى خرق القوانين والإخلال بالإلتزامات والمواثيق التي تنص عليها المعاهدات الدولية والسير عكس المبادئ والقيم الأخلاقية والإنسانية في السياسة العالمية والمكابرة والإصرار على عدم التنازل وتجنب الصدام وحل الخلافات ستكون الحرب عندئذٍ أمراً واقعاً لامجرد تكهنات أو حديثاً عابراً في وسائل الإعلام ..