قد يظن البعض أن التوتّر الحالي بين روسيا و أوكرانيا سيؤدي في نهاية المطاف إلى نشوب حرب بين الدولتين الجارتين اذا ما فشلت الجهود الدبلوماسية في احتواء المواقف غير أن الحرب في حالة وقوعها لن تكون مع أوكرانيا وحدها وانما ستشمل حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية التي تعهّدت سابقا بالدفاع عن أوكرانيا ضد الاتحاد الروسي في حال غزت القوّات الرّوسية أوكرانيا لدعم ومساندة الجماعات الانفصالية المعارضة في منطقة دونباس الأوكرانية التي كانت قد شهدت نزاعات مسلّحة في مارس عام 2014 واندلعت خلالها مظاهرات دموية من قبل الجماعات الموالية لروسيا, وذلك في أعقاب الثورة الأوكرانية التي أطاحت بالرئيس الأوكراني آنذاك فيكتور يانوكوفيتش, و قسّمت البلاد الى قسم موالي للاتحاد الأوروبي و قسم موالي لروسيا. وقد نتج عن كل هذه الأحداث ظهور ما يعرف بأزمة القرم عام 2014 والتي أدّت الى استفتاء القرم وبالتالي اعلان قيام جمهورية القرم التي انضمّت الى روسيا لاحقا. ويذكر أن روسيا ترفض انضمام أوكرانيا الى حلف شمال الأطلسي.
وكانت روسيا حشدت قواتها قبل أسابيع بالقرب من الحدود مع أوكرانيا استعدادا لشن هجوم مسلح بمختلف أسلحة الدمار الشامل الأمر الذي يثير قلق الدول الأوروبية و أمريكا من التورّط في حرب عالمية نووية تهدّد الأمن والسلم الدوليين و تعيد سيناريوهات الحربين العالميتين اللتين اسفرتا عن دمار واسع وشامل في كل دول العالم التي تئنّ اليوم اقتصاديا وصحيّا تحت وطأة جائحة كورونا و توابعها, وهي الجائحة التي حبست أنفاس العالم و عطّلت مسار الاقتصاد العالمي و هزّت النظام المالي العالمي كنتيجة طبيعية للإغلاقات المتكرّرة واجراءات فرض حظر التجوّل و قيود السفر ممّا أضرّ بقطاعات عديدة من اقتصاديات دول العالم المعتمدة اساسا على التجارة البينية والسياحة والصناعة والتبادل التجاري عموما.
علاوة على مؤشّرات الشلل الاقتصادي العالمي نتيجة لتداعيات كورونا وأخواتها, فان الحرب النووية بين القطبين المتنافسين قد يترتّب عليها أن يفقد الانسان كل أمل له في الحياة على كوكب الأرض اذا ما أخذنا في الاعتبار أن أدوات الحرب بين القوّتين لن تكون بالسّيوف والسهام و آلة المنجنيق و انما بالأسلحة الكيماوية والبيولوجية الجرثومية وكذلك الصواريخ العابرة للقارّات والحاملة لرؤوس نووية مدمّرة.
وقد تبيّن للعالم بشكل واضح أنّ قتل النّاس بالمعادن المتطايرة والمتفجّرات يختلف بشكل أو بآخر عن اطلاق سحابة من المواد الكيميائية القاتلة أو البكتيريا, والتي لا يمكن التنبّؤ بآثارها أو السيطرة عليها. و برغم توقيع معظم دول العالم على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية وفقا لبروتوكول 1925 لحظر الاستعمال الحربي للغازات الخانقة أو السّامة وغيرها, وكذا الوسائل البكتريولوجية, غير أن بعض الموقّعين على المعاهدة لم يلتزموا تماما بنصوص المعاهدة حيث وقّع الاتحاد السوفيتي على المعاهدة, ثم بنى سرّا ترسانة هائلة من الأسلحة البيولوجية.
وتعتبر ليبيريا وكذلك ايران و كوريا الشمالية من الدول التي لم توقّع على معاهدة التخلّص من الأسلحة الكيميائية. و تفيد المصادر الاستخباراتية أن كوريا الشمالية تمتلك أسلحة السارين والجمرة الخبيثة. وهنا يكمن خطر السلاح الكيميائي والبيولوجي المستخدم في هجمات عشوائية على السكّان المدنيين الأبرياء. وعلى غرار القنبلة النووية التي تسعى ايران لامتلاكها, فان السلاح الكيميائي يعدُّ أحد أسلحة الدمار الشامل. ويمكن أن يودي أي هجوم باستخدام عوامل كيميائية أو بيولوجية بحياة الآلاف وربّما مئات آلاف البشر بسهولة.
وعموما فان نشوب حرب بين قطبين متنافسين على بسط نفوذهما على أجزاء واسعة من العالم سيشكّل تهديدا خطيرا لحياة البشر على كوكب الأرض الأمر الذي يفسّر لنا بأن الدول المارقة التي لا تحترم المعاهدات والقوانين الدولية قد تشكّل منطلقا لشرارة اندلاع حرب نووية عالمية لا تبق ولا تذر. فكيف يمكن انقاذ البشرية من أسلحة الدمار الشاملة و مفاعلات الدول المارقة, وفيروسات الصين القاتلة؟!
انّـــي أرى واقــــع الأيّــــام كمـــا لــو أنّــه *** حقــــــــول ألغــام عليها الجموع تسيرُ
حربـــاً هنــــــا شُنّـت وهنـــــاك حـــــــربٌ *** وجنـود الحــرب مقصـدهم هو التدميرُ
فــي كــلّ يـــومٍ تُســـمع الأنّــات والآهـــات *** وكأنّـــما بــك تســــتغيثُ وتســـــتجيرُ
"وامعتصماه" صداها بعرض البلاد وطولها *** يتردّدُ الصـــوتُ عليـنا ولكن لا مجيرُ