احبتي القراء أود ان أورد مشهد وحوار من اجمل ما قرأت في كتب التراث الإسلامي وسير شخصيات إسلامية عطرة الذكر وذكر غير خامل نعتز بسيرهم وذكرهم .. هذا الحوار ومشهده مثمر بين ثلاثة شخصيات رجلان وامرأة ، فأما الأول محمد عليه أفضل الصلاة والسلام خاتم الأنبياء والرسل .. ومنقذ الإنسانية ، بعث لكافة العالم الانسان والمكان ..بل الثقلين والثاني الطاهرة العفيفة ابنته زينب رضى الله عنها وعن أمها خديجة بنت خويلد وأخواتها .. أكبر أولاده ، المولودة بمكة المكرمة ٢٣ قبل الهجرة النبوية ، والمتوفية عام ٨ هجرياً بالمدينة المنورة في عهد والدها والثالث أبو العاص ابن الربيع القرشي صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل النبوة وبعدها . زوج ابنته زينب ، أمه هالة بنت خويلد اخت خديجة زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأم زينب رضى الله عنهما ما نتطرق اليه حديث وحوار مشوق بينهم الثلاثة يطوي في طرفيه عبر وعظة ..اجمل الأدب والاحترام وحسن ثماره ونتائجه ..
ذهب أبو العاص بن الربيع إلى النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وقال له:
أريد أن أتزوج زينب أبنتك الكبرى.. ابنة خالتي خديجة أنا لها راغب ، وفيها اشد الرغبة بأدب وحسن ارحية تأدباً مع محمد كل هذا قبل النبوة .
فقال له النبي عليه أفضل الصلاة والسلام :
لا أفعل حتى أستأذنها. محاسن الاب مع ابنته وهو عين الشرع .
ويدخل النبي ﷺ على زينب رضى الله عنها وعن أمها مخبراً :
ابن خالتك جاء خاطباً وذكر أسمك ..
فهل ترضينه زوجاً لك؟
فاحمرّ وجهها واستحت وابتسمت حياء نعم الحياء ونعم البنت .
فخرج النبي صلى الله عليه وسلم طليق الوجه ، وتزوجت زينب أبا العاص بن الربيع .. وانكرت قريش الزراج فالاعراف أبن العم أولى من ابن الخالة أو الخال رغم كثرة أبناء العمومة لها بخلاف ماهو أبعد ..
يا سادة من هنا بعد الزواج تبدأ قصة حب قوية بينهما .. فاذا نظر إليها سرته وإذا أمرها أطاعته ولم تخالفه يوماً امر قط واذا غاب عنها حفظته في أولاده وماله ، وأحسنت العشرة معه والتبعل .
وأنجبت منه الولد علي وأمامة وأمامة حفيدة رسول الله صلى عليه وسلم كان يحملها في صلاته..
ثم بدأت مشكلة كبيرة حينما بعث ابيها نبياً ورسولاً لقومه والانسانية ( عقيدة ) بعث النبي نبياً..
وكان أبو العاص مسافراً وهو في عودته مشتاق لزوجته زينب وحين عاد وجد زوجته أسلمت.. أمام قضية عقدية عقائدية
فقالت له:
عندي لك خبر عظيم.
فقام وتركها احتراماً وتقديراً ما بينهما من عشرة وولد .
فاندهشت زينب وتبعته بلطف ولين وتقول:
لقد بُعث أبي نبيا وأنا أسلمت.
فقال: هلا أخبرتيني أولا؟
قالت له:
ما كنت لأُكذِّب أبي..
وما كان أبي كذاباً إنّه الصادق الأمين..
ولست وحدي لقد أسلمت أمي وأسلم إخوتي..
وأسلم ابن عمي (علي بن أبي طالب)..
وأسلم ابن عمتك (عثمان بن عفان)..
وأسلم صديقك (أبو بكر الصديق)..
فقال:
أما أنا لا أحب الناس أن يقولوا خذّل قومه وكفر بآبائه إرضاء لزوجته..
وما أباك بمتهم.. وهذا حسن المنطق بين الأرحام والأصهار ..
فهلا عذرتِ وقدّرتِ؟ حوار بناء وجميل بين زوجين تنبع بينهما المودة وحسن العشرة ..
فقالت:
ومن يعذر إنْ لم أعذر أنا؟
ولكن أنا زوجتك أعينك على الحق حتى تقدر عليه.. حسن فهم واحتواء ..
ووفت بكلمتها له ..صبر لله .
ظل أبو العاص على كفره ثم جاءت الهجرة، فذهبت زينب إلى النبي ﷺ
وقالت:
يا رسول الله أتأذن لي أنْ أبقى مع زوجي؟ وفاء وهذا هو الحب والوفاء للعشرة والتبعل .
فأذن لها ﷺ.. رحمة بهما ولعل زوجها يهتدي للإسلام .. ما أعظمه من نبي وأرحمه من رسول .
وظلت بمكة إلى أنْ حدثت غزوة بدر، وقرّر أبو العاص أن يخرج للحرب في صفوف جيش قريش.. يكون في الصف الذي ضد أبيها..
زوجها يحارب أباها..
فكانت زينب تبكي وتذرف من الدمع وتقول:
اللهم إنّي أخشى من يوم تشرق شمسه فييتم ولدي أو أفقد أبي..
حيرة ورجاء وامل وثقة بالله .
ويخرج أبو العاص بن الربيع ويشارك في غزوة بدر..
وتنتهي المعركة فيُؤْسَر أبو العاص، وتذهب أخباره لمكة..
فتسأل زينب:
وماذا فعل أبي؟
فيقال لها:
انتصر المسلمون وانتصر أبيك وأسر زوجك .
فتسجد لله شكراً .. على لطفه وقدره في أبيها وسلامته واسر الزوج .. والاسر أهون من القتل وأمل ترجوه من الله .
ثم تسأل:
وماذا فعل زوجي؟
فقالوا:
أسره حموه.
فقالت:
أُرسل في فداء زوجي.. وهذا هو حسن التصرف عقل وتأني .. وحسن الدراية من ابنت الرسول .
ولم يكن لديها شيئا ثميناً تفتدي به زوجها.. سوى عقد اهداءه أبيها لأمها خديجة يوم زواجهما .
فخلعت عقد أمها الذي كانت تُزيِّن به صدرها.. أهدته أمها خديجة رضى الله عنها يوم ليلة زفافها .
وأرسلت العقد مع شقيق أبي العاص بن الربيع ( عمر )إلى رسول الله ﷺ.
وكان النبي جالسا يتلقى الفدية ويطلق الأسرى..
وحين رأى عقد السيدة خديجة سأل:
هذا فداء من؟
قالوا:
هذا فداء أبو العاص بن الربيع.
فبكى النبي وقال:
هذا عقد خديجة بنت خويلد.. وفاء من رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام لزوجته وحب وحسن العشرة .
ثم نهض وقال:
أيها المسلمون ..
إنّ هذا الرجل ما ذممناه صهراً فهلا فككت أسره؟ عدل وأنصاف.
وهلا قبلتم أنْ تردوا إليها عقدها تواضع القائد وحسن ونبل الأخلاق
فقالوا:
نعم يا رسول الله.. حسن أدب الجنود ، وطاعة قائدهم.
فأعطاه النبي العقد، ثم قال له:
قل لزينب لا تفرط في عقد خديجة.. ثقة الأخلاق .
ثم قال له:
يا أبا العاص هل لك أن أساررك؟
ثم تنحى به جانباً غير بعيد وقال له:
يا أبا العاص إنّ الله أمرني أنْ أُفرِّقَ بين مسلمة وكافر، فهلا رددت إليّ ابنتي؟
فقال:
نعم.. رجولة ومكارم اخلاق وخلق .
وخرجت زينب تستقبل أبا العاص على أبواب مكة، فقال لها حين رآها:
إنّي راحل.
فقالت:
إلى أين؟
قال:
لست أنا الذي سيرتحل، ولكن أنت سترحلين إلى أبيك.. وفاء بالوعد .
فقالت:
لم؟
قال:
للتفريق بيني وبينك..
فارجعي إلى أبيك..
فقالت:
فهل لك أن ترافقني وتُسْلِم؟
فقال: لا.
فقالت : هل اخليت الولد معي .
فقال : نعم
فأخذت ولدها ( علي ) وابنتها ( أمامة) وذهبت إلى المدينة.. طاعة وحب للاسلام لم تثنيها بيئتها .. وان كان قلب كلاهما متعلق بالاخر ويتقطع من الفراق وأصل الحب ووصله قائم وما سلف من حسن عشرة مع زوجها .. العقيدة مقدمة على ماسواها . فاذا تصادمت العقيدة مع العرف او تعارضت بالعادات والتقاليد قدمة العقيدة .
وبدأ الخُطّاب يتقدمون لخطبتها على مدى 6 سنوات، وترفض على أمل أنْ يعود إليها زوجها.. وفاء .. ورأفة بالاولاد .
وبعد 6 سنوات كان أبو العاص قد خرج بقافلة من مكة إلى الشام،
وأثناء سيره يلتقي مجموعة من الصحابة ويفقد قافلته.
فسأل على بيت زينب وطرق بابها قبيل آذان الفجر..ثقة وأمل .
فسألته حين رأته:
أجئت مسلما؟رجاء في الله .
قال:
بل جئت هارباً..
فقالت:
فهل لك إلى أنْ تُسلم؟ إلحاح وتعهد .
فقال: لا.
قالت:
فلا تخف.. مرحباً بابن الخالة..
مرحباً بأبي علي وأمامة..فضل وعدل وحسن جانب ولين .
وبعد أن أمّ النبي المسلمين في صلاة الفجر، إذا بصوت يأتي من آخر المسجد:
قد أجرت أبو العاص بن الربيع.. ومؤثر واستجابة (إيجابية ) .
فقال النبي بعد الانتهاء من الصلاة :
هل سمعتم ما سمعت؟
قالوا:
نعم يا رسول الله..
قالت زينب:
يا رسول الله إنّ أبا العاص إن بعُد فهو ابن الخالة.. وإنْ قرب فهو أبو الولد .
وقد أجرته يا رسول الله..
فوقف النبي صلى الله عليه وسلم وقال:
يا أيها المسلمون إنّ هذا الرجل ما ذممته صهراً..
وإنّ هذا الرجل حدثني فصدقني..
ووعدني فوفّى لي..
فإن قبلتم أن تردوا إليه ماله وأن تتركوه يعود إلى بلده، فهذا أحب إلي..
وإنُ أبيتم فالأمر إليكم والحق لكم ولا ألومكم عليه..شورى .
فقالوا :
بل نعطه ماله يا رسول الله.. أدب الرعية والراعي .
فقال النبي:
قد أجرنا من أجرتِ يا زينب..
ثم ذهب إليها عند بيتها وقال لها:
يا زينب أكرمي مثواه فإنّه ابن خالتك وإنّه أبو العيال، ولكن لا يقربنك، فإنّه لا يحل لك.. رحمة وشريعة .
فقالت:
نعم يا رسول الله..طاعة ومتثال للشريعة .
فدخلت وقالت لأبي العاص بن الربيع:
يا أبا العاص أهان عليك فراقنا؟
هل لك إلى أنْ تُسْلم وتبقى معنا؟
حب ورجاء اي حب واي رجاء ابلغ من هذا ؟
قال:
لا..
وأخذ ماله وعاد إلى مكة..
وعند وصوله إلى مكة وقف وقال:
أيها الناس هذه أموالكم هل بقى لكم شيء؟ أمانة .
فقالوا:
جزيت خيرا.. وفيت أحسن الوفاء.. فطرة .
قال:
فإنّي أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله..هداية من الله ونعمة .
ثم دخل المدينة فجرا وتوجه إلى النبي وقال:
يا رسول الله أجرتني بالأمس واليوم جئت أقول أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.. دفع بالتى هى أحسن .
ثم قال أبو العاص بن الربيع:
يا رسول الله هل تأذن لي أنْ أراجع زينب؟ عشرة وحب .
فأخذه النبي ممسكه بيده الكريمةوقال:
تعال معي..
ووقف على بيت زينب وطرق الباب وقال:
يا زينب إنّ ابن خالتك جاء لي اليوم يستأذنني أنْ يراجعك فهل تقبلين أب راع ماعظمه من اب عليه أفضل الصلوات والتسليم .
فأحمرّ وجهها وابتسمت.. وإجابة بالقبول .. رضى دائم .
بعد سنة من هذه الواقعة ماتت زينب.. في عهد أبيها.
فبكاها العاص بكاء شديدا حتى رأى الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح عليه ويهون عليه..
فيقول له العاص:
والله يا رسول الله ما عدت أطيق الدنيا بغير زينب.. رفيقة العمر .. وحسن العشرة والتبعل وأم الولد
ومات بعد سنة من موت زينب.. في عهد خلافة أبي بكر الصديق رضى الله عنهما .. أرواح مجندة ما تعرف منها أتلف.. وما تناكر منها اختلف .
أجمل ماذكر من سير الصالحين ..
صل على طب القلوب وشفاءها النبي لا كذب اللهم صلي وسلم عليه وأرض عن ابنته زينب وأمها خديجة بنت خويلد وزوجها . ونستشف من هذا حسن اختيار الزوج للابنة بغض النظر عن القرب واوشاج الدم والبعد وكل بنات الرسول صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهن قدوة يقتداء بهن نساء المؤمنات وكذلك زوجات الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام أمهات المؤمنين.
- أمير منطقة حائل يستقبل وزير السياحة
- إدارة تعليم المذنب تحتفي باليوم العالمي للطفل
- حرس الحدود بجازان ينقذ مواطنين تعطلت واسطتهما البحرية في عرض البحر
- تنفيذ حكم القتل تعزيراً بعدد من الجناة لارتكابهم جرائم إرهابية
- النيابة العامة تعلن عن تدشين “غرفة الاستنطاق المخصصة للأطفال”
- «الحياة الفطرية» تطلق 26 كائناً مهدداً بالانقراض في متنزه السودة
- تستمرّ للثلاثاء المقبل معلنة دخولَ الشتاء.. جولة مطرية جديدة يصحبها انخفاض بدرجات الحرارة بمعظم المناطق
- لاستبدال 250,000 مكيف.. “موان” يعلن إطلاق ثالث مراحل مبادرة “استبدال”
- «الجنائية الدولية» تصدر مذكرتي اعتقال لنتنياهو وغالانت
- “حساب المواطن” يعلن صدور نتائج الأهلية للدورة 85 لشهر ديسمبر القادم
- من مخاطر داخل المنزل تهددهم.. “المدني” يؤكد أهمية المحافظة على سلامة الأطفال
- “الهيئة العامة”: كود الطرق وضع معايير وشروط لتصميم وتركيب مطبات السرعة
- بوضعية خارج الرحم.. “سعود الطبية” تنقذ جنينًا بحالة حمل نادرة في الأسبوع الـ26
- «الطيران المدني» يُصدر تصنيف مقدِّمي خدمات النقل الجوي والمطارات لشهر أكتوبر الماضي
- الزكاة والضريبة والجمارك تدعو وسطاء الشحن إلى الاستفادة من الخدمات الجمركية المقدمة في المنافذ البحرية
خالد بن حسن الرويس
زينب بنت الرسول
(0)(1)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3479093/