مع التسارع الكبير في عمليات التحول الرقمي في العالم , ازدادت وتيرة الهجمات الإلكترونية على المرافق والخدمات (الإقتصاد) ولم يعد هناك أحد بمأمن من ذلك , الهجمات الإلكترونية (القرصنة) لا تقوم بها جماعات أو أفراد بل وأيضا حكومات عالمية بدرجة دول عظمى !! , أمريكا تتهم روسيا بشن هجمات إلكترونية على العديد من الشركات والمرافق والخدمات , وروسيا بدورها تقول أن معظم الهجمات الإلكترونية العالمية مصدرها أمريكا . طبعا الهجمات الإلكترونية تكبد الإقتصاد العالمي خسائر مادية فادحة , وقد تمتد كي تشمل الأرواح والتي قد تتجاوز الآلاف . وقد يكون مصدر ذلك أحد الهواة (مراهق) , ولكن السؤال الذي قد يتبادر إلى الذهن من يتحمل تبعات ما قام به هذا المراهق أو تلك الجماعة أو العصابة والتي قد يترتب عليها إشعال حروب عالمية ؟! . ليس من السهولة بمكان أن تتقبل أي دولة تعطل اي من مرافقها وخدماتها مثل محطات الوقود أو الكهرباء , الطيران , محطات القطار ، البنوك (الشلل التام), أو تجد أن الأموال في البنوك قد تم تحويلها إلى جهات غير معلومة أو حتى إلى جمعيات خيرية , بحيث تجد هذه الدولة نفسها وقد عادت إلى العصر الحجري (دولة مفلسة) ؟! . اليوم في عالم الحروب لم تعد العدة والعتاد والجنود هم من يحسمون المعارك , بل (التقنية) الإلكترونية هي التي سوف تغير مجرى سير الحروب في العالم . وكي ندرك مدى خطورة الحروب الإلكترونية في المستقبل فإن كبير مسؤولي البرمجيات في وزارة الدفاع (البنتاغون) وقبل أيام قدم إستقالته , لأنه لا يستطيع أن يتحمل تفوق الصين على أمريكا في مجال التطور التكنولوجي بما يعادل عقدين من الزمان , وقال أن شركات الأمن السيبراني الأمريكي مقارنة بالشركات الصينية أشبه بـ (روضة الأطفال) ؟! . العالم الآن في ظل إنتشار التقنية وسهولة الوصول إليها واستخدامها , أصبح أشبه بالدولة التي يتوفر فيها السلاح لدى الجميع وكل يهدد باستخدامه (فوضى السلاح) عفوا التقنية , وضع ميثاق شرف أو قوانين عالمية لن يحل مشكلة القرصنة الإلكترونية , في زمن كل يتربص فيه بالآخر وفي نفس الوقت تجده يدعي الشرف . أعتقد أن الحل يكمن في زيادة الأموال المخصصة للأمن السيبراني (الأبحاث) والتي يجب أن تأخذ طابع السرية , مع بذل المزيد من الجهد نحو إستقطاب كبار القراصنة في العالم والاستفادة من خبراتهم , وأيضا وضخ خطط بديلة في حال التعرض للهجمات الإلكترونية .