بعد صعود طالبان للحكم مجدداً في أفغانستان الدكتاتوريات العربية المعاصرة تترقب مابعد استساغة الواقع المفروض والاعتراف التدريجي للمجتمع الدولي بطالبان كحركة سياسية لادينية ! يبقى هاجس وقلق هذه الأنظمة الدائم أن يكون هذا الصعود مجدداً هو نقطة العودة إلى المزيد من التنظيمات الإرهابية حديثة النشأة من جبالها باكورة وجودها وتأسيسها أو إنعاش الميتة ودعم الضعيفة والمتآكلة منها لتستمر معها معركة أنا ومن بعدي الطوفان معركة لاوجود طبيعي لها سوى داخل الدول المستبدة في المنطقة التي أوجدت طرف الصراع وأشعلت معه جذوة المعارك الدموية وتلك هي الدول الغبية التي ترفض قراءة التاريخ بل ومعاينة الحاضر أمامها !
تسعى جاهدة لزرع بذور التطرف في تربتها ولاتسقيها إلا بماء الإستبداد والتسلط والفساد والذي خبث لايخرج إلا نكدا ! فمواصلة طغيانها في تعطيل اهتمامات الشباب وعزلهم عن المشاركة في بناء أوطانهم وسلب حقوقهم وحرياتهم والزج بهم في السجون وأخيراً قتلهم بدم بارد حتى أصبحوا بذلك لقمة سائغة لروح التطرف الخبيثة ولأفكارها وأيديولوجياتها التي تنادي بحمل السلاح والإنتقام من السلطة العدو الأول ! وكراهية ورفض كل مختلف عنهم بل وقتله داخل حدود الوطن ! ذلك عندما غابت روح المواطنة والولاء للوطن وسادت الإنتماءات الضيقة كالعرق والدين والمذهب !
إن البطش ياعبيد السلطة لن يولد إلا البطش واقع العلاقة الطردية بين الإستبداد والإرهاب وهذا ما
لم تفهمه ولن تفهمه السلطات المستبدة في ايران والعراق وسوريا ولبنان التي تسير عكس حركة التاريخ والحياة الطبيعية والإنسانية تصادر حق الفرد في حياته وحريته وأمانه وتحمله وحده أعباء سياساتها الفاشلة وتزج به في المهالك لمصالحها السياسية ومشاريعها التوسعية لتعيش هي ويموت هو قهراً على هامش الوطن !
إن ظاهرة التطرف المسلح وولادة المزيد من الميليشيات والتنظيمات الإرهابية لن تتوقف وداعش ونظيراتها لن تكون الأولى والأخيرة اذا استمرت هذه الدول في التفريط بسيادة أوطانها وممارسة غبائها السياسي في خلق المشاكل وأطراف الصراع على أرضها ! وانشغلت في تبديد ثرواتها بدلاً من استثمارها والعمل على تنمية إقتصادياتها وتطويرها واستثمار الإنسان فيها أول لبنة في بناء أي مجتمع وفي صلاحه صلاح الدول وترسيخ الهوية الوطنية في نفوس أبنائها وإعلاء قيم المواطنة من المساواة العدالة الإجتماعية والحرية واحترام حقوق الإنسان حقه في الحياة وفي الأمان في تقرير مصيره حقه في قول كلمته حقه في المشاركة السياسية والإقتصادية لتعزيز قيمته بذاته وإنتماءه لوطنه مايضمن لهذه الدول استقرارها واستمرارها في تحصين نفسها ومجتمعاتها من داء التطرف ومسبباته يقول المفكر عبد الرحمن الكواكبي في وصف الاستبداد لو كان رجلاً وأراد أن يحتسب وينتسب لقال: "أنا الشر، وأبي الظلم، وأمي الإساءة، وأخي الغدر، وأختي المسكنة، وعمي الضر، وخالي الذل، وابني الفقر، وبنتي البطالة، وعشيرتي الجهالة، ووطني الخراب، أما ديني وشرفي فالمال المال المال".