في الوقت الذي تناشد وتطالب الدول الفقيرة منظمات الأمم المتحدة بمساعدتها في توفير اللقاحات لمواجهة تفشي جائحة كورونا, نجد أن بعضا من دول العالم الغنية تحث مواطنيها باستمرار على أخذ اللقاح دون تردّد, وتبيّن لهم أنه لقاح آمن ويساعد كثيرا في الوقاية من مضاعفات الاصابة بالفيروس نظرا لأنه يعزّز مناعة الشخص من خلال العمل على تحفيز الجهاز المناعي لإنتاج أجسام مضادة وبالتالي خفض معدلات الاصابة والوفاة. الا أن البعض ممن تأثّروا بالشائعات والمعلومات غير الرسمية لا زالوا يتردّدون في أخذ اللقاح نتيجة لوقوعهم تحت ضغط سيل المعلومات المغلوطة و بقاءهم تحت وطأة الاشاعات المضلّلة في بعض الدول المنتجة والمصدّرة للقاحات كورونا وأخواتها المتحوّرة.
وهنا نتذكر جميعا بدايات الجائحة عندما كان الناس في كل دول العالم ينتظرون بشغف توصل العلماء لإنتاج لقاح فعّال ضد هذا الوباء, ونتذكّر كيف كان كوفيد 19 سببا في توحيد جميع دول العالم لمجابهة خطر الجائحة كما أوضحت في مقال سابق بعنوان " فيروس كورونا يوحّد جميع دول العالم". كما نتذكر أيضا تحذيرات منظمة الصحة العالمية باتّباع اجراءات وتدابير وقائية للحد من انتشار الفيروس كما جاء في مقال سابق بعنوان " دواء كلوروكوين ... ومسافة المترين".
وما أن لاحت في الأفق بشائر توصل العلماء آنذاك الى لقاح فعّال بعد تجارب ودراسات علمية أقرّتها واعتمدتها منظمات وهيئات صحية عالمية حتى تسرّبت وانتشرت مصادر أخرى تحذّر النّاس من أخذ اللقاح و تبثُّ الشائعات حول تبعاته وآثاره وأعراضه الخطيرة على صحة الإنسان كما يزعمون.
في تقديري أن هؤلاء المتردّدين بحاجة لمساعدتهم أولا في التعافي من آثار البيانات والمعلومات التي تهدف الى تأجيج مخاوف البشر لأجل اجهاض انجازات العلماء من خلال ضخ المعلومات المضادة وبالتالي التأثير على المجتمعات لمنعهم من اتخاذ القرار الصائب. ونعلم كذلك أن حكومة المملكة العربية السعودية تُعدُّ من أكثر دول العالم حرصا على صحة العنصر البشري حيث وفرت لمواطنيها والمقيمين على أرضها اللقاحات مجانا ودون مقابل ايمانا منها بأهمية المجتمع وسلامة أفراده.
وانطلاقا من اهتمام القيادة السعودية الحكيمة بالمحافظة على صحة الانسان وتقديم الرعاية الصحية له والتأكيد على بقاءه في منأى عن المؤثّرات الخارجية المتضمّنة معلومات مغرضة, فإنني اقترح من هذا المنبر الصحفي قيام الجهات ذات العلاقة بتكثيف برامج التوعية العلمية للمجتمع من خلال وسائل الاعلام المختلفة وتشجيع المتردّدين من أفراده على المبادرة بأخذ اللقاح دون خوف أو وجل.
فالمهم هو أن تطغى البيانات الصحية الرسمية وبرامج التوعية الطبية على المعلومات غير الرسمية التي يتم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومحطّات التلفزة الفضائية التي لا تحظى بمصداقية اعلامية. ولهذا ينبغي أيضا أن تقوم المراكز المختصة بالشأن الأسري بزيارات ميدانية لهؤلاء المتردّدين وأولئك الرافضين لأخذ اللّقاح ومساعدتهم في تبديد مخاوفهم ورفع معنويّاتهم وبثّ الطمأنينة في قلوبهم والتأكيد لهم بأنّ اللّقاح آمن جدّا ومفيد في الوقاية من أعراض الوباء المتفشّي في كل أنحاء العالم على أن يقوم الفريق الزائر مثلا بتقديم هدايا ومكافآت رمزية لمن يعانون من فوبيا لقاح كورونا في البلاد. فهذه الشريحة المجتمعية بحاجة للوقوف معها لتخفيف معاناتها وتبديد مشاعر الخوف التي افرزتها مصادر معلومات غير موثوقة وصلت اليهم عبر وسائل تواصل غير مهنية.
وعلى صعيد التدابير الاحترازية المتعلّقة بالوقاية من انتشار العدوى, فحبّذا لو يتم زيادة مسافة المترين الى ثلاثة أمتار, وأن يكون التباعد بين الصفوف في المساجد بنفس طول المسافة بين المصلّين لأجل تقليل خطر انتقال العدوى أثناء أداء الصلوات في المساجد الكبيرة مع ضرورة تواجد مراقبين من وزارة الشئون الاسلامية ووزارة التجارة للتأكد من تطبيق الاجراءات الاحترازية في الأسواق مثل لبس الكمامة واتباع قواعد التباعد الاجتماعي وتنظيف اليدين وتجنّب الازدحام في بعض الأماكن.