يعتقد الكثير من الناس بأن الإنسان العاطفي غالباً ما يكون ضعيف الشخصية فيما يرى السيكولوجيون بأن الإنسان العاطفي ليس بالضرورة أن يكون كذلك وأن قوة الشخصية من عدمها لا تقتصر على العاطفة لكونها تشغل حيزاً كبيراً من الاستعدادات الانفعالية والوجدانية وإنما هناك مدركات ووظائف عقلية تلازمها وتتقاسمها الأدوار لتشكيل الأنماط الشخصية فنقول مثلاً ذلك الشخص قوي أو ضعيف الشخصية وآخر نرجسي أو حساس وهكذا مما يجعل الإلمام بكيفية التعامل مع هذه الأنماط بالغ الأهمية لا سيما من يقوم بأعمال قيادية ويترأس موظفون متفاوتون في أعمارهم وعقولهم وقدراتهم وميولهم وتوجهاتهم وعندما يشرع أيضاً في اتخاذه القرار بحيث ينطلق من تخطيط سليم واستشارة أصحاب الرأي والخبرة والتجارب واستخارة الله العلي القدير إذا ما اكتنفته الحيرة كما علمنا نبينا صلى الله عليه وسلم ، ذلك لأن الاعتماد على العاطفة دون إعمال العقل على اعتباره مناط التكليف والتحكم والتدقيق والمراجعة غالباً ما ينتج عنه سلوكيات أو تصرفات ناقصة أو غير مناسبة أو متناقضة أو غير صحيحة وهذا ما تجلى لنا مؤخراً من خلال مشاهدتنا لشخص رث الثياب وفاقد يديه كان جالساً أمام سوق تجاري كبير ومتسوقون ينسابون إليه لمساعدته طمعاً في كسب المثوبة من عند الله تبارك تعالى بينما هو في الحقيقة مخفياً يداه داخل ملابسه لاستمالة أصحاب القلوب الرحيمة للحصول على مبالغ مالية كما أتضح أمامنا على يد موظف بجهاز مكافحة التسول وهو ما شاهدناه أيضاً أمام بعض مساجدنا ولربما أنتم كذلك من جلوس بعض النساء وهن يحتضن أطفالهن ولربما لغيرهن في مشهد بائس وفقير يتفطر له القلب ويتألم بينما هن في الغالب الأعم لسنا كذلك ولمن أراد التحقق فليطلب منهن أوراق ثبوتية راجين ألاّ يُفهم من كلامنا هذا اغلاق باب الخير وإنما لأجل التنبيه بعدم الانجراف وراء مثل هذه السلوكيات السيئة وغير الحضارية من منظور عاطفي فبلادنا بخير ولله الحمد والمنة وتتوافر على امتداد رقعتها المباركة جمعيات خيرية تعطي بسخاء لمن يتقدم إليها بصدق وأمانة ولأجل أيضاً تعاون الجميع لقطع دابر تلكم السلوكيات لما ينطوي عليها من تكاسل وتقاعس واتكالية امتثالاً لقوله تعالى (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) ولنا في نبينا صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة فعندما حضر إليه غلاماً ذات مرة وطلب منه مالاً وكان بإمكانه اعطاؤه إياه ولم لا ؟ وهو نبي الهدى والرحمة والشفقة منحه فأسـاً وقال له لأن تحتطب وتبع خيراً لك من المسألة ليغرس في نفسه حب العمل وكسب المال الحلال من عرق الجبين فيما يُروى عن حكيم صيني قوله: لو قمت بإعطاء سمكة لجائع فقد اطعمته لمرة واحدة ولكن لو علمته كيف يصطاد السمكة فقد أطعمته لمرات عديدة فالعاطفة إذاً بقدر ما تكون هادفة وبناءة في بعض جوانب الحياة بقدر ما تكون مُضرة في جوانب أخرى منها وهو ما ينطبق تماماً في حالة إعمال العقل جزئياً أو كلياً فالأيتام مثلاً ما أحوجهم للعطف والشفقة اقتداءً بنبينا صلى الله عليه وسلم القائل : أنا وكافل اليتيم في الجنة وأشار بالسبابة والوسطى ومثلهم إخواننا المسلمين ممن وقعوا لحروب دامية وتعذيب على يد كفرة وملحدين لأنهم فقط يدينون بالإسلام في حين يأمر الله عز وجلّ بمحاربة وقتل من يسعون في الأرض فسادا وبلا رأفة بنص القرآن الكريم أما بالنسبة للحياة الزوجية والتي وصفها القرآن الكريم بأنها سكن ومودة ورحمة فالعاطفة أجدى لديمومتها إذا ما اتسمت بالاتزان والتسامح والحوار الهادف والتغاضي عن صغائر الأمور ولأن عالمنا اليوم يعج بالمتغيرات الفكرية والعقائدية والثقافية والتحديات والاغراءات المادية التي طغت وبكل أسف على مكارم الاخلاق فأنه ما أحوجنا حيالها لعقلية نيرة وحكمة بالغة وإرادة قوية وجلد وبعد نظر لمواجهتا والتصدي لها متى شكلت خطورة على أمننا واستقرارنا وسلامتنا وكرامتنا والعاطفة في أبسط تعريف لها كلمة مشتقة من عطف عطفاً وعطوفاً أي مال وأنحنى وتعاطف القوم عطف وأشفق بعضهم على بعض بحسب ما ورد في المعاجم اللغوية بينما تعني في علم النفس استعداد نفسي ينزع بصاحبه للشعور بانفعال مُعين يدفعه للقيام بسلوك خاص إزاء أمر بذاته ولها أنواع منها ما هو إيجابي كالحب والاحترام والتعاون والعمل المخلص والإبداع والابتكار ومنها ما هو سلبي كالغضب والكراهية والقلق والذي يعتبره علماء النفس من أكثر جوانب العاطفة إزعاجاً لعامة الناس لما ينجم عنه من متلازمات نفيسة ومنها التوتر وتسارع ضربات القلب إذا ما قابل صاحبه مخاطر أو معوقات تمنعه لما يتطلع إليه في حياته ولكل قاعدة شواذ. جعلنا الله وإياكم ممن قال عنهم سبحانه (أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ).
- إمام المسجد النبوي: الإيمان العميق وحسن الظن بالله هما السر الكامن في ثبات الأمة
- متحدث «الأرصاد»: أمطار غزيرة ورياح نشطة على المملكة قبل دخول الشتاء
- تؤكد التزام المملكة وجهودها في مجال الاستدامة بالقطاع السياحي
- بلدية الخبراء تطرح ثلاث فرص استثمارية
- 5 ضربات ناجحة.. “الزكاة” تتصدَّى لتهريب 313,906 حبوب “كبتاجون” في الحديثة
- خطيب المسجد الحرام الشيخ عبد الرحمن السديس: لا تنجرفوا بأخلاقكم نحو مادية العصر واجعلوا الاحترام أساس علاقاتكم
- الاتحاد الدنماركي لكرة القدم يدعم استضافة المملكة مونديال 2034
- “تفاصيل الغياب” تبهر الجمهور وتثير الإعجاب في جدة
- تركي آل الشيخ يفوز بجائزة الشخصية الأكثر تأثيراً في العقد الأخير من MENA Effie Awards 2024
- هل يوقف العنب الأحمر سرطان الأمعاء؟
- الأرصاد عن طقس الجمعة: أمطار رعدية ورياح نشطة على عدة مناطق
- أمير منطقة حائل يستقبل وزير السياحة
- إدارة تعليم المذنب تحتفي باليوم العالمي للطفل
- حرس الحدود بجازان ينقذ مواطنين تعطلت واسطتهما البحرية في عرض البحر
- تنفيذ حكم القتل تعزيراً بعدد من الجناة لارتكابهم جرائم إرهابية
17/07/2021 8:28 م
بقلم_ عبد الفتاح بن أحمد الريس
0
164109
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3457133/