عَشرٌ تَجَلَّت وَالزَّمَانُ تَعَطَّرَ
وَالكَونُ جَلجَلَ بالأذَانِ وَكبَّرَا
وَالنَّفسُ تَاقَت لِلصَّلَاحِ وَلِلتُّقَىٰ
فِي العَشرِ إنَّ الخَيرَ هلَّ وَأمطَرَا
وهذه بُشارة لكم من الرسول ﷺ لمن يكبر ويهلل في هذه العشر المباركة ففي الحديث الصحيح قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"مَا أَهَلَّ مُهِلٌّ قَطُّ إِلا بُشِّرَ، وَلا كَبَّرَ مُكَبِّرٌ قَطُّ إِلا بُشِّرَ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِالْجَنَّةِ؟ قَالَ: نَعَمْ".السلسلة الصحيحة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحِجة" . مجموع الفتاوى.
وقال الأوزاعيّ: " بلغني أن العمل فِي اليومِ من أيام العشر كقدرِ غزوة في سبيلِ الله يُصام نهارها ، ويحرسُ ليلها ، إلا أن يختص امرؤ بشهادة ". شعب الإيمان.
وقال الحسنُ البصريّ: "صيام يوم مِن العشر يعدِل شهرين". الدر المنثور.
وقال ابن القيم في زاد المعاد: "وكان صلى الله عليه وسلم يكثر الدعاء في عشر ذي الحجة ، ويأمر فيه بالإكثار من التهليل والتكبير والتحميد" .
فأحيوا سنة التكبير وأكثروا منه في بيوتكم وأسواقكم وأعمالكم فالتكبير من الشعائر العظيمة في عشر ذي الحجة.
اللَّهُ أَكْبَــرُ اللَّهُ أَكْبَــرُ لا إِلَهَ إِلا اللَّه
اللَّهُ أَكْبَــرُ اللَّهُ أَكْبَــرُ و للَّه الْحَمْـدْ
قال ميمون بن مهران:
" أدركت الناس وإنهم ليكبرون في العشر ، حتى كنت أشبهه بالأمواج من كثرتها ". فتح الباري لابن رجب.
وأكثروا من التهليل والتسبيح والاستغفار طوال الوقت ، وحافظوا على الفرائض والنوافل ، وصوموا ، وتصدقوا بالمال والطعام ، وبروا والديكم ، وصلوا أرحامكم.
قال ابن عثيمين: "من صلى ركعتين في عشر ذي الحجة نافلة أفضل من ركعتين نافلة في عشر رمضان ، ورجل تصدق بدرهم في عشر ذي الحجة أفضل من الصدقة في عشر رمضان ، ورجل قال سبحان الله والحمدلله والله أكبر ولا إله إلا الله في عشر ذا الحجة أفضل من قولها في عشر رمضان".
فرِّغْوا أنفسَكم في هذه الأيام،
وخفّفْوا مِنَ الاشتغالِ بالدنيا ،
واجتهدوا ؛ فإنها أيامٌ معدودات ، سريعاً ما تمضي وتنقضي ، وتُطوى صحائفُها.
واشكروا الله على نعمه الكثيرة والعظيمة التي لا تعد ولا تحصى وخصوصاً حين تأكلون وتشربون ؛ لأنه ورد في فضل الشكر والصبر أحاديث كثيرة منها قول الرسول صلى الله عليه وسلم :
(الطاعمُ الشَّاكرُ بمنزلةِ الصائمِ الصابرِ).
صحيح الترمذي.
ومعنى: "الطَّاعمُ الشَّاكرُ"، أي: الذي يأكُلُ الأَكلة ، فيَشكُرُ الله ويحمَدُه، "بِمَنزلةِ الصَّائمِ الصَّابرِ"، أي: كل منهما مأجورٌ، والمقصود بالمنزلة: أن كلًّا منهما في طاعةٍ ، وقيل: المعنى: أن كلًّا منهما مُساوٍ للآخر في الأجر ، والصَّائمُ الصَّابرُ، هو الذي يَكُفُّ نفسه عن الأكل والشرب والشهوات ، ويَصبِرُ عن المباحات مُدَّةَ الصيام ابتغاء مرضاة اللهِ ، وصح عنه عليه الصلاةوالسلام قوله: (للطاعِمِ الشاكرِ مثلُ ما للصائمِ الصابرِ).
فشكر النعم واجب على كل مسلم ومسلمة ؛ لأنه بالشكر تدوم النعم وتزداد ويبارك الله عز وجل فيها.
أيها القراء الكرام نحن دخلنا أيام فضيلة عظيمة القدر فلا تعيشوا في هذه الأيام العشر كباقي أيام السنة العادية ؛ إنها موسم عظيم ننتظره منذ عام كامل لنزداد قرباً إلى الله تعالى فجدوا واجتهدوا في الأعمال الصالحة فيها ، واشحذوا الهمم والعزائم لاغتنام مواسم الطاعات ؛ لأننا لا ندري أندركها في عام آخر أو لا ، وتعرضوا لنفحات الرحمة والمغفرة.
قال ابن رجب: "تعرض لنفحاتِ مولاك في هذا العشر ، فإن فيها لله نفحاتٍ يُصيب بها من يشاء ، فمن أصابته ؛ سَعِدَ بها آخر الدهر". لطائف المعارف.
فاحمدوا الله تعالى واشكروه أن بلغكم هذه العشر وأنتم في صحة وعافية ، فاللهم وفقنا للأعمال الصالحة التي ترضيك عنا وتقبلها منا يا رب العالمين.
بقلم الباحث الشرعي : زياد بن منصور القرشي.