تمضي عجلة السنين كالسيف البتار ونمضي معها، لنقف بين ردهات التفكير ، وكهوف الحيرة، أمام منعطفات شتى نواجه كل المنحنيات، نستقبل منها متأملين ونودعها مشدوهين كل ما امتد بنا العمر، لأننا نخطو بخطواتٍ شبه تائهة وضالة نحو مستقبل مجهول وقدر عند الخالق معلوم، لكن يبقى الحكم الأخير تائهاً بين يديّ الإرتباط الوثيق، والاقتران المكين .
فالتعلق بأمور عظام، حافل بأصفاد الأيام البائدة، يقيد ذاكرتنا بالأشخاص، الأماكن والأزمنة، كبلت أيدينا وشلت حركتنا دهوراً، حتى لا نقرع ناقوس التخلي والإبتعاد عمن يشدون الوثاق بجوفنا، لنصبح في ميدان حربٍ ضروس بين جنود التغيير، جيش البقاء، عسكر الإستغناء، وأعوان التحدي، حتى يأتي دور البطلة الخارقة ” الإفاقة ” فتنعشنا من ذلك الإغماء العميق، فنستبسل بدروع الصرامة ورماح الإقدام، لتحررنا من قيود العبودية التي أنهكتنا وخلفت ورائها خسائر فادحة في صحتنا، وسرقت ترانيم ضحكاتنا، ومزقت أفئدتنا بخناجر الألسن، فكانت تمشي أجسادنا على الغبراء مسلوبة الروح تضيعُ بين صدر السماء وحضن الأرض، يا لها من هواجس عاتية أوجعتنا واعتللنا بها أعواماً مضنية ..
نعم أعلم علم القين بأن القرار ليس بهينٍ ويسير، لكن اتخاذ خطوة حازمة نحو غدٍ مشرق هو الحل الأمثل، فقط نعتق كل مؤذي من حياتنا، نبتعد عن أفواه اللغط ، نرحل عن مصدر العناء، نصم أذاننا، نغلق أعيننا، نصمت ونتركهم خلفنا على رفوف الأيام، ونمضي قدماً بجسارة، نعبر كل الجسور الهالكة دون وجل، نحمل راية المغادرة، وغنائم الحكمة والعزيمة، منمنمة بتاج اليقين، فقد آن الأوان أن نستريح، وينبلج فجر جديد بمعجزة الآمال الفريدة، لينسكب شهد السعادة بأقداح أرواحنا فتزيل ما علق بها من آلام وجروح .
ومضة :
إياكم والقلق فهناك بشر ترحل وأخرى تأتي محملة برداء الأفراح لتزيل الوصب الذي اشتعل عجافاً بالأتراح ..