شاهد المواطنون السعوديون خلال الأسابيع الماضية تقارير إعلامية بثّتها قناة الاخبارية السعودية من أرض الحدث حول نشاط العمالة الوافدة ومخالفتها للأنظمة الصحيّة والمهنيّة المتعلّقة بأعمال بعض المحلات التجارية في وسط الرياض حيث كشفت لنا تقارير الاخبارية مشاهد من فوضى وعشوائية تخزين وتوصيل وعرض المواد الغذائية في أماكن تفتقر لأدنى متطلبات السلامة الصحية التي أقرّتها الجهات الحكومية ذات العلاقة وأكدّت عليها هيئة الغذاء والدواء في المملكة العربية السعودية.
يشير هذا التحرّك لقناة الاخبارية حول نقل مشاهد المخالفات من أرض الحدث الى اهتمام وزارة الاعلام بعرض الحقائق وايصال المعلومات للجهات المعنية لأجل اتخاذ القرارات المناسبة بما يتماشى مع حرص القيادة السعودية لحماية المجتمع السعودي من كل ما من شأنه الحاق الضرر بصحة أفراده والمقيمين على أرضه.
وان ما يدعو للفخر حقيقة هو تأهيل وتدريب وزارة الاعلام لشباب سعوديون تمكّنوا - بفضل الله ثم بفضل رعاية واهتمام الوزارة بتطوير قدراتهم- من المساهمة الفعّالة في اعداد وتقديم تغطيات اعلامية احترافية كما شاهدنا مؤخرا من رصد ونقل وقائع الأحداث بالصوت والصورة من أحد مواقع المخالفين لنظام العمل.
ومن خلال مشاهدة التغطية الاعلامية لمخالفات العمّال في أماكن عملهم, فإننا نتفهّم تماماً مستوى الغيرة الوطنية عند هؤلاء الشباب الوطنيين, سواء العاملين منهم في مجال الاعداد أو مجالات الاخراج التلفزيوني والتصوير والمونتاج وتقديم الخبر للمشاهدين.
وبصفتي مواطن سعودي متابع لقناة الاخبارية, فإنني أثمّن حقيقة هذا الدّور الاعلامي المميز الذي يعد دورا تكامليا مع ما تضطلع به الادارات الحكومية الأخرى من مهام ومسئوليات تتطلّع من خلالها لتحقيق الأهداف الاستراتيجية على ضوء التوجيهات الكريمة للقيادة السعودية الحكيمة.
وممّا يجسّد هذا التكامل بين الإعلام ومختلف الجهات الحكومية هو التفاعل الايجابي لإمارة منطقة الرياض مع التقرير الذي أعدّته وبثّته قناة الاخبارية حول مخالفات العمل في أماكن مكتظّة بالعمّال الأفارقة والآسيويين وسط العاصمة الرياض بأن صدر التوجيه الكريم والقرار الصائب الحكيم لنائب أمير منطقة الرياض سمو الأمير محمد بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز – حفظه الله – لجميع الجهات المعنية بسرعة معالجة وضع سوق البطحاء وما يشهده من مخالفات والرفع بتقارير عاجلة عن ذلك.
ومن هنا تكون شفافية الرسالة المهنية للإعلام ذات تأثير قوي في صنع القرار الحكومي ازاء ما يحدث من مخالفات للأنظمة العامة في المملكة العربية السعودية. وهذا ما تتميز به قناة الاخبارية السعودية التي يتواجد مراسلوها في أماكن كثيرة من بلادنا ليس من أجل تغطية فعاليات المهرجات والمؤتمرات وكل الأحداث المحلية والإقليمية فحسب وانما لكشف النقاب عن الوجه الآخر لكل الأنشطة والممارسات المخالفة للذوق العام, والمهدّدة لصحة الانسان في بلادنا.
ولأجل تعزيز هذه العلاقة التكاملية بين وسائل الأعلام والجهات الرسمية الأخرى, فأرى أن من الأفضل كذلك أن تقوم الصحف الرسمية السعودية وهي أحد أركان الاعلام بتكثيف التغطيات الصحفية الميدانية لنشر تقارير صحفية عن نبض النشاطات الاقتصادية في مواقع العمل مثل ورش صيانة السيارات وأسواق الأثاث المستعمل, ومخططات بناء المنشآت السكنية والتجارية وغير ذلك من المواقع العامة لكي يتسنّى للمسؤولين في الجهات ذات العلاقة الاطلاع على تلك التقارير الاعلامية واتخاذ القرارات المناسبة حيال مضمون رسالتها.
وبما أن المملكة هي وجهة العمل الأولى لدى غالبية طالبي الهجرة والعمل باعتبارها أحد اقوى مراكز الأعمال التجارية والصناعية في العالم, وأحد أعضاء مجموعة العشرين الاقتصادية, فان توافد هذه الأعداد الكبيرة من العمّال يتطلّب من وجهة نظري تشكيل وزارة للهجرة بحيث تتولّى وضع الاطار التنظيمي العام لشئون القادمين للعمل في المملكة العربية السعودية كما أوضحت ذلك سابقا في مقال بعنوان " القوى العاملة المهاجرة".