لم أفاجأ حقيقة بالظهور المشين لعضو في حكومة لبنان هذا الزمان؛ وزير الخارجية والمغتربين (شربل وهبة)؛ في حواره المتلفز على قناة الحرة مع المحلل السياسي السعودي (سلمان الأنصاري). الحالة التي ظهر بها الوزير اللبناني- الذي أصبح سابقًا اليوم- تصوّر ما هو عليه لبنان بعد أن تسلطت عليه الحزبيات المقيتة، والتبعيات المهينة. يكفي أن تثبت انتماءك لحزب الله الذي يمثِّل إيران في لبنان؛ حتى تحمل حقيبة وزارية، ولن تبقى فيها إذا لم تمحض الولاء، وتخلص الانتماء لأسيادك في حزب الشيطان وإيران. لم أفاجأ.. وخصوصاً أن الوزير الهمام؛ ظنّ أن البداوة التي وصفنا بها سبّة وشتيمة، في حين أنها تمثِّل عندنا قمة الأصالة، وجوهر الأخلاق والمثل التي لا يعرفها كثير من المتفرنجين والمتأرننين، كشربل وأمثاله، الذين ابتلي بهم الشعب اللبناني في زمانه الرديء هذا.
* حين نتكلم عن الوزير شربل وهبة؛ ومن وافقه في طرحه، وشابهه في حاله؛ فنحن لا نعني شعب لبنان بأكمله، ذلك أن في لبنان القديم والحديث شرفاء أحرار، حتى وإن وُجد من بين هذا الشعب العربي الأبي أسراء أجراء، وأتباع متفرنجين أو متأرننين، فهؤلاء ما هم إلا الحالة الشاذة التي تؤكد القاعدة. والقاعدة؛ أن شعب لبنان شعب عربي أصيل، من مسلمين ومسيحيين وغيرهم. المحزن في الفهم العقيم الذي أبداه وزير خارجية لبنان السابق؛ حين لم يجد وسيلة لإظهار حقده وكرهه ضد السعوديين والخليجيين إلا وصفهم بالبداوة؛ ظنًا منه أنها سبة وشتيمة، وأنهم يكرهون ذلك.. المحزن أنه بهذا؛ سب وشتم كل أنبياء الله ورسله، بمن فيهم أصحاب الرسالات السماوية، ومنهم رسولنا ونبينا الصادق الأمين محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك السيد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام. فإذا كانت هذه ثقافته، وهذا فهمه للدين والعقائد والتاريخ؛ فعلى لبنان السلام، حتى يستدرك أمره مع البقية الباقية من مدرسة شربل وهبة في دفة القيادة والإدارة في هذا البلد العربي العريق. إنه مما صح عندنا عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسولنا الأمين قال: (ما بعث الله نبيًا إلا رعى الغنم. فقال أصحابه: وأنت يا رسول الله..؟ فقال: نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة). رواه البخاري في صحيحه. ومعلوم لكل ذي عقل ولب؛ أن رعي الغنم لا يكون إلا في البوادي، وأن الحكمة في رعاية الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم للأغنام؛ أن يأخذوا أنفسهم بالتواضع، وتصفى قلوبهم بالخلوة، ويترقوا من سياستها بالنصيحة إلى سياسة أممهم بالهداية والشفقة، وهذه من الدروس التي أخذها عن نبينا صلى الله عليه وسلم صحابته ومن تبعهم، فساسوا وقادوا وفتحوا البلدان، ونشروا الإسلام والسلام في شتى الأقطار، ومنها لبنان التي يراها شربل متحضِّرة وغيرها متبدي..! من المؤكد أن هذا الفهم لم ولن يصل إلى شربل ومن تشربل معه إلى يوم الدين..؟
* إن بادية المملكة العربية السعودية وكافة بلدان الجزيرة العربية؛ مثلما أنجبت من قبل سيد هذه الأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وأنجبت أبا بكر وعمر وعثمان وعلي رضوان الله عليهم، وخرج منها قادة الفتوح وساسة الأمصار في آسيا وإفريقيا وأوروبا؛ أنجبت قائدًا عظيمًا، وملكًا همامًا، جاهد وشرَّق وغرَّب حتى أرسى قواعد دولة معاصرة كبيرة يحسب لها ألف حساب. هذا هو (الملك عبد العزيز الفيصل آل سعود) -طيَّب الله ثراه-. هذا ملك بدوي؛ أسس مملكة تفخر بأنها بدوية، دخلت التاريخ من أوسع أبوابه.
* لن نظلم لبنان فنقول بأنه كله (شربل وهبة)، و(حسن نصر الله)، ومن شابههما وتفرنج أو تأرنن معهما، ولكن نقول: بأن في لبنان أحرار لم يرتهنوا لقوى إقليمية أو دُولية، ولم يُمتَهنوا من أحد غير شعب لبنان وعروبته وتاريخه. من هؤلاء من لهم أقوال خالدة في (الملك عبد العزيز آل سعود) -طيَّب الله ثراه- وفي المملكة العربية السعودية وحكامها من بعده. سوف نقف على بعض مما ورد وأثر عن بعضهم، ممن عرفوا الملك عبد العزيز، وعرفوا مملكته البدوية المتحضّرة، كما لم يحدث قط في أي بقعة أخرى من هذا العالم. فهذا الأديب الدبلوماسي الشاعر اللبناني.. بل شاعر الثورة العربية (فؤاد الخطيب 1880م- 1957م). ابن بلدة (شحيم) قرب بيروت؛ الذي عمل مع الملك عبد العزيز وزيرًا مفوضًا، ثم سفيرًا له في كابول عاصمة أفغانستان، يقول في ملك البدو الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- ما هو جدير به، بمناسبة حلول جلوس جلالته على العرش من قصيدة طويلة:
تحية تملأ الدنيا وتمجيدُ
ونغمة هي في الأفواه تغريدُ
فاليوم يجلس فوق العرش صاحبُه
وللجزيرة تهليل وتحميد
تزاحمت حوله الأيام من حسد
وكل يوم تمنى أنه العيد
والسعد فرد، ولكن فيه مجتمع
فهو السعود ومن والاه مسعود
ليث الجزيرة إن يهتف بها انتفضت
لديه فاندفعت منها الصناديد
لو تستطيع الجبال الشم لانخلعت
ركضًا إليه وشدت خلفها البيد
يا لابس التاج وهاجًا ومؤتلقًا
التاج فوقك قبل اليوم معقود
وما الجلالة في أبهى مظاهرها
إلا جلالك وهي اليوم تأكيد
بوأت نفسك عرشًا لم تشده يد
سوى يديك وهذا العزم مشدود
ونلت بالسيف ملكًا أنت سيده
ولم يولّك مرسوم وتقليد