كنت أحد الذين يتأملون الحرب الأخيرة في غزة من منظور شرعية إسرائيل ومشروع تأسيس الدولة اليهودية بعد مارأيت أن الكثير مازال تحت تأثير الحملات الإعلامية الصهيونية في قلب الحقائق وتمييعها نعم نجحت اسرائيل سياسياً في تثبيت نفسها بين الأمم كدولة شرعية ديمقراطية معترف بها ونجحت أيضاً في إثارة الشكوك والتساؤلات وهز الثوابت والقناعات بين الشعوب العربية بشأن أحقية وجودها المختلق وإحتلالها رغم اعتراف العدو نفسه بأنه مجرد محتل يقول بيني موريس أشهر المؤرخين الإسرائيليين "لقد كانت الصهيونية ايديولوجية وحركة استعمارية وتوسعية"
فمن المضحك والمعيب بحقنا أننا لانزال حتى الآن واقعين في شباك التأثير نتسائل ونجادل في شرعية هذه الدولة !! والحقيقة بإختصار ودون تعقيد تقول أن إسرائيل هي الدولة التي جاءت من الفراغ إلى الفراغ بعد الشتات والتشرذم الطويل كان لها في فلسطين حكاية من الأساطير آمنت بها مكذبة الوقائع والتاريخ كحل أخير تم التخطيط له في اجتماع مصغر في كنيسة وستمنستر في لندن لتوطين اليهود هناك وإقامة دولة لهم هذا عندما تقاطعت المطامع البريطانية في المنطقة ورغبة اليهود في إقامة دولة لهم في فلسطين كان الحل شكلاً من أشكال الإستعمار الأوروبي كونه ولد في ظل الإنتداب الإستعماري البريطاني ! كان استعماراً واحتلالاً واضحاً لالبس فيه كان مجرد فكرة لمعت في ذهن أحدهم ثم استقرت ثم صارت حدوداً على الخريطة لالشيء سوى أن الشتات كان قاسياً وكانت صعوبة الإندماج مع الشعوب والمجتمعات الأخرى أمراً غير مقبول ! وكانت معاداة السامية في جميع أنحاء أوروبا عبر التاريخ حجة تتذرع بها إلى انشاء وطن قومي لليهود في فلسطين ممسكة بأوهامها وأكاذيبها بشأن الحق الديني والتاريخي لها هناك ! هذه المعاداة التي بلغت ذروتها عند استيلاء النازيين على السلطة في ألمانيا والتنفيذ الفعلي لبرنامجهم المعادي للسامية في عزلهم وحرقهم ! في مايسمى "بالهولوكوست" المحرقة النازية لليهود التي سمحت للحركة الصهيونية بتحقيق مشروعها الذي تخطط له قبل وصول هتلر بإنبثاق دولة إسرائيل ! هذه المحرقة التي لم تكن بتلك الأهمية لدى الصهاينة المؤسسين مقارنة بأهمية التخطيط لإنشاء دولة لليهود ! ينقل عن ديفيد بن غوريون رئيس الوكالة اليهودية انذاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي فيما بعد قوله "كلما كانت المصيبة أقسى صارت قوة الصهيونية أعظم" هذه الفلسفة التي تفسر لامبالاة بن غوريون النسبية بالمحرقة ! مايعني أن الحركة الصهيونية لم تضع خطة لإنقاذ اليهود والضغط على الحكومات لفتح أبوابهم من أجل إستقبال اللاجئين بقدر ماكانت تخطط لإنشاء الدولة والإهتمام بأولويات الحركة الصهيونية ومخططاتها للهجرة والتوطين ومايؤكد ذلك مانقله معارضي فكرة الدولة اليهودية من اليهود عن بن غوريون قوله بعد وقت غير طويل من المذبحة النازية "لوكنت أعرف أن بالإمكان إنقاذ جميع الأطفال في ألمانيا بنقلهم إلى إنكلترا بينما لايمكن إنقاذ غير نصفهم بنقلهم إلى فلسطين لاخترت الخيار الثاني لأننا لانواجه حساب هؤلاء الأطفال فقط بل الحساب التاريخي للشعب اليهودي" بل والأفظع من ذلك خوف بن غوريون من أن تكون الصهيونية في خطر لو استيقظ الضمير الإنساني لدى دول العالم وفتحت أبوابها أمام اللاجئين اليهود من ألمانيا ! هذا يصلنا إلى أن معادة السامية كانت تتماشى مع مبادئ الصهيونية وأهدافها وهي الورقة المهترئة التي تلوح بها حتى الآن لشرعنة وجودها وحشد المجتمع الدولي من أجلها إذاً تبقى حقيقة أن المسؤولية عن الفشل في إنقاذ اليهود من المذبحة النازية إنما تقع في نهاية المطاف على الصهاينة أولاً وحكومات البلدان المتحالفة أمريكا وبريطانيا المتواطئتين في الإبادة بشكل غير مباشر ! هذا عدا رفضهم لإستقبال اللاجئين اليهود عندما قام معارضي الصهيونية اليهود بطلب فتح الأبواب أمام اللاجئين فكان لكل بلد أسبابه الخاصة من البطالة الكساد وعدم وجود مساحة كافيه أو صالحة للإقامة ومنهم من يرفض إستيراد "مشكلة عنصرية حقيقية هو في غنى عنها"
قد كان لهؤلاء المعارضين الرافضين لمشروع فكرة الدولة في فلسطين رأيهم المبني على المنطق والوضوح في أن الفكرة بحد ذاتها تهديد للسلم والأمن في فلسطين والمنطقة المجاورة لها كما أنها ضارة باليهود في فلسطين وفي العالم بأسره وهو مقترح غير ديمقراطي وينطوي على سيطرة أقلية يهودية على أغلبية عربية في حال لم يطرد جميع العرب من فلسطين ! وأن أمريكا لديها مجال واسع لتوطين الملايين من اليهود في أي ولاية من ولاياتها الخمسين يمكنها استيعابهم فضلاً على أنهم سوف يجدون أنفسهم في بلد يخصهم فإنه لايمكن أن يكون لهم من مصير أفضل من التجمع في بلد تسوده الحرية المدنية والدينية ولاتشكل المسيحية جزءاً من دستوره ومن شأن أصواتهم الجماعية أن تؤمنهم فيه بالفعل من الإضطهاد في المستقبل ! ولذلك أصر الكثير من اليهود ومن الناجين من المحرقة رفضهم الذهاب إلى اسرائيل والإعتراف بها حتى بعد قيامها! لقد عاد هذا الرأي يطرق عقول الكثير من اليهود في اسرائيل بعد الحرب الأخيرة في غزة إيمانهم بأن لامجال لإسرائيل وسط فلسطين وبين العرب وأن لاأمان ولاتعايش بإسم الإحتلال والتهجير وسلب الحقوق وإستمرار الإستيطان وخطط التطهير العرقي المستمر! وأن لاحل لمشكلة بخلق مشكلة أخرى كما أن الهولوكوست جريمة تاريخية كبرى فإن النكبة الفلسطنيية تبقى أشد جرماً !
وأن ذريعة معاداة السامية من قبل الساميين أنفسهم وغيرهم ! في الوقت الذي يواصل فيه الإحتلال إزدواجية المبادئ والمعايير باتت حجة قديمة انتهت صلاحيتها ولم تعد تقنع لا الحكومات والاالشعوب ولاحتى وسائل الإعلام العالمي الذي اضطر أخيراً تحت ضغط الجماهير من النشطاء والمشاهير وغيرهم المتضامنين مع فلسطين في نقل الموقف والصورة الحقيقية التي يتبناها ويدعمها بالدلائل والبراهين قد ساهمت بشكل كبير في نجاح أهم معركة وهي معركة الوعي وفضح العدو وممارساته وانتهاكاته وعدوانه على العزل من المدنيين أمام المجتمع الدولي وإنتزاعه انتزاعاً من دور الضحية إلى دور الشيطان الأكبر ! هزيمة كانت أقسى من هزيمة المعركة العسكرية لأن اسرائيل تدعم شرعيتها بإحتكارها لدور الضحية منذ ولادتها
ختاماً عدا الشواهد الدينية والوعود الربانية يقول التاريخ أنه من المستحيل أن يدوم احتلال أرض أهلها رافضين لوجود هذا الإحتلال مؤمنين بقضيتهم كل جيل يخرج يكون اكثر مقاومة من سابقه ولامعنى حقيقي ولاثمار صالحة لكل اتفاقيات السلام ومحاولات التطبيع والتعايش ..
- “السياحة المصرية” تحذر: الحج بدون “تأشيرة مخصصة” يمنع استرداد الحقوق
- مفاضلة وتقديم ومقابلة.. “التعليم” تجيب على الأسئلة الشائعة عن برنامج “فرص” الجديد
- وداعاً للأرق.. حيلة غريبة تعيدك للنوم بعمق
- “الأرصاد” في تحديث جديد: انخفاض تدريجي في درجات الحرارة الصغرى
- الأردن : مقتل مسلح وإصابة 3 رجال أمن
- “السجل العقاري” يبدأ تسجيل 227,778 قطعة عقارية بمدينة الدمام والخبر والقطيف
- إيداع أكثر من مليار ريال في حسابات مستفيدي “سكني” لشهر نوفمبر
- بلدية محافظة الشماسية تُطلق حملة “نزرعها لمستقبلنا”
- “الضمان الصحي”: لكل مستفيد تأمين صحي واحد فقط من جهة عمله
- عبر “أبشر” في 4 خطوات.. “المرور” تطرح مزاد اللوحات المميزة اليوم
- ترويج مواد مخدرة وارتكاب حوادث سطو.. 9 جناة في قبضة “رجال الأمن”
- الهيئة العامة للأمن الغذائي تسمح لشركات المطاحن المرخصة بتصدير الدقيق
- “هيئة الإحصاء”: ارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة 22.8% في سبتمبر من 2024
- “حساب المواطن”: يكشف عن الفئات المستفيدة من دعم البرنامج
- “التعليم” تعلن برنامج “فرص” لسد الاحتياج والنقل لشاغلي الوظائف التعليمية
بقلم : مي العصيمي
اسرائيل الدولة..!!
(0)(1)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3447575/