بناء على الأمر السامي الكريم والقاضي بالموافقة على عودة التعليم حضوريا , معالي وزير التعليم يصدر قرارا بتشكيل لجنة لإعداد تصور لعودة التعليم حضوريا في العام الدراسي القادم . لقد كان ولاة الأمر – حفظهم الله – أكثر واقعية من القيادات التعليمية بشقيها العام والعالي , كان قرار إستمرار التعليم عن بعد أو حضوريا يتم لفترة زمنية مؤقتة تخضع للمراجعة والتقييم , بناء على تطورات الوباء محليا وعالميا , لأن التعليم الحضوري يبقى هو (الأصل) , والتعليم عن بعد مجرد إستثناء إقتضته الضرورة وليس الأفضلية . ويمكن الإستفادة منه في المستقبل كداعم ومساند للتعليم ليس إلأ . للأسف نجد معالي الوزير وقد ذهب به الحماس بعيدا , ففي تصريح سابق له قال بالحرف الواحد : "التعليم عن بُعد" سيكون خياراً إستراتيجياً للمستقبل وليس مجرد بديل ؟! , وأيضا نجد نائب وزير التعليم للجامعات والبحث والإبتكار ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير عندما صرح قائلا : التعليم عن بعد لم يعد تعليم طوارىء أو مرتبطا بهذه الجائحة وإنما هو خيار إستراتيجي لا يمكن لنا التخلي عنه مستقبلا ؟! . وفي حينه وفي مقال لي في صحيفة أضواء الوطن وتحت عنوان : (التعليم عن بعد خيار إقتضته الضرورة وليس الأفضلية) , أوضحت خطأ ذلك وأن التعليم عن بعد لن يكون في يوم من الأيام بديلا عن التعليم المباشر , لأن التعليم ليس مجرد تحصيل معلومات بل قيم ومثل ومهارات وخبرات ومشاهدة على الطبيعة , التعليم عن بعد في حال إستمراره سوف يترتب عليه ظاهرة (الطلاب المتفوقين دراسيا , والمتخلفين إجتماعيا) نتيجة العزلة والإنطوائية وعدم إحتكاك الطلاب بأقرانهم (الحياة بحد ذاتها مدرسة), والآن معالي الوزير يشكل لجنة لوضع تصور نعم (تصور) وخلال خمسة أيام لكيفية عودة الطلاب , لا إعرف مع تراجع نسبة الإصابات بكورونا وبدء التطعيم ضد الوباء , نجد وزارة التعليم لم تضع حتى الآن مجرد (تصور) لكيفية عودة التعلم المباشر !! , علما بأن جميع أعضاء اللجنة هم من الذين سبق لهم وأن صرحوا بأن التعليم عن بعد هو (الخيار) الإستراتيجي الوحيد وليس (البديل) عن التعليم المباشر ؟ّ! , وزارة التعليم بشقيها العام والعالي بحاجة إلى قيادات شابة تستطيع أن تستشرف آفاق المستقبل بسهولة ويسر وتكون في موقع الفاعل لا الفعول به .