عندما يخرج الزعماء على وسائل الإعلام أو يتقدمون لمخاطبة الناس في لقاء عام فإنهم يكتبون كلماتهم أو يضعون الخطوط العريضة على الأقل لما سيقولون..وربما يكتبها لهم خبراء ويراجعها خبراء قبل إلقائها..وهذا متعارف عليه ولا غضاضة فيه..إذ أن كلمة السياسي بالذات مسموعة وحساسة ويتم تفسيرها في العديد من الاتجاهات..أما إذا كان الأمر يتعلق بالأرقام والإحصائيات فإن الحاجة إلى تدوينها ومراجعتها ستكون أكبر بالتأكيد..إلا محمد بن سلمان..فإنه حاضر الذهن قوي الذاكرة ومستعد للإجابة عن أي سؤال في الشأن الداخلي والخارجي لبلاده دون تحفظ أو انتقاء للعبارات..لأنه باختصار صادق وواثق في نفسه ومعلوماته وسلامة توجهاته.
ويميل الزعماء عادة إلى إطلاق الشعارات الرنانة والوعود العائمة..ويخفون الحقائق المؤلمة..ويفصحون أو يلمِّحون عن دورهم الريادي والقيادي وأنهم المنقذون الذين جادت بهم السماء لبلدانهم..إلا محمد بن سلمان..لا شعارات زائفة ولا وعود واهية..ولا استعراض ولا تزييف للحقائق..فهو رجل يقول كنّا هنا..وواجهنا بعض الصعوبات في طريقنا وهي كذا وكذا..وواقعنا اليوم هو هذا بشفافية عالية ووضوح تام..ونطمح لأن نكون هناك..وكل ذلك مؤيد بالأرقام والإحصائيات والمؤشرات وليس كلاماً مرسلاً..وقد أحصى بعض الأخوة الأرقام والنسب التي وردت على لسان الأمير في اللقاء الأخير بأنها تجاوزت 190 نسبة ورقم.
وعلى المستوى السياسي..يميل السياسيون إلى المبالغة واستعراض أثرهم وأثر دولتهم في قرارات العالم وسياساته..ويظهرون القوة والتحدي..وبعضهم كأنه الهرُّ يحكي انتفاخاً صولة الأسد رغم إدراكه لضعفه وانعدام حيلته..إلا محمد بن سلمان..فإنه لا يقلل من شأن الآخرين..ويمتدح خصومه..ويشير إلى قيمتهم وأهميتهم..ويمد يده إليهم..وأتذكر هنا ثلاثة مواقف..عندما بين أهمية إيران في المنطقة للسعودية وأن مشكلتها فقط في مشروعها التوسعي الذي يتمنى أن تتخلى عنه..وعندما لم يستثن قطر من مشروع نهضة الشرق الأوسط(أوربا الجديدة)رغم الخلاف معها تلك الأيام..وعندما قال بأن الحوثي رغم ارتباطه بإيران فإنه يمني عربي وأتمنى أن يغلب مصلحة بلاده..أما القوى الكبرى فإنه يعترف بقوتها وأهميتها..ولكنه يقول بوضوح:لا نقبل تدخلهم في شؤوننا الداخلية..ونحاول أن نتجنب نقاط الخلاف..ونعزز نقاط الالتقاء..وأن ما يحكم سياساتنا معهم هي المصالح..وأننا سنتحول ببساطة وفقاً لمصلحة بلادنا..ولو تطلب الأمر تغيير تحالفاتنا..وهذه المواقف العاقلة الرزينة لا تصدر إلا من قائد واثق بنفسه وواثق ببلاده وواثق من اعتدال سياساته.
وبشكل عام..فإنك أمام قائد يعرف ما يقول..أهدافه واضحة..ورؤيته واضحة..وخطته واضحة..وطريقه مكشوف للجميع..ويصارح مواطنيه ولا يتوجس من قول الحقائق أمامهم مهما كانت..وهو ملمٌّ بتفاصيل التفاصيل في كل ملف تطرحه أمامه..من التشريعات والقوانين والقضاء والأمن..إلى التجارة والاقتصاد والمشاريع والأسواق..إلى التعليم والصحة والتوظيف والإسكان..إلى البيئة والسياحة والرياضة والترفيه..إلى الصناعة والبترول والطاقة..إلى كل اتجاه وكل قطاع..وكأنه مجموعة من الوزراء في شخصية واحدة..وهو متحدث بارع..كلماته مؤثرة وصادقة وتخرج من القلب إلى القلب..كما يرد في ثنايا كلامه عبارات خالدة تنبئ عن زعيم استثنائي غير عادي..أذكر منها آخر عبارات في اللقاء الأخير..عندما سأله المذيع ماذا بعد 2030 ؟! فقال مباشرة وبدون تردد: 2040 ..وفسر الأمر بأن عشرين ثلاثين تضعنا في موقع متقدم جداً في العالم..أما عشرين أربعين فستكون مرحلة المنافسة عالمياً..وعندما سأله المذيع عن أعظم شيء تملكه السعودية للنجاح؟! أجاب مباشرة:المواطن السعودي..وأننا بدونه لن نحقق أي شيء مما حققناه..وأخيراً سأله المذيع ممَّ تخاف سمو الأمير؟! فأجاب:بأن السعودي لا يخاف..بلا شك نقلق..نشيل الهم..نعمل على تجاوز ذلك بحلول..لكن الخوف غير موجود في قاموس السعودي.
محمد بن سلمان بالنسبة لي قيمة عظيمة..وكنز يجب أن نحافظ عليه..نضعه في عيوننا..ونحيطه بقلوبنا..وأنا متأكد أن أشد مبغضيه وألد أعدائه يتمنى لبلاده..بينه وبين نفسه..زعيماً حاكماً قوياً مبدعاً نشيطاً واثقاً واعياً شجاعاً مثل محمد بن سلمان.
حفظ الله سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وأحاطه بعنايته ورعاه بعينه التي لا تنام..وحقق له جميع طموحاته..وجنَّبه الأعداء والحاقدين والحاسدين..وإنني أدعو أخوتي الكرام..من العرب خصوصاً في الشرق والغرب..إلى مشاهدة ساعة ونصف مع الزعيم محمد بن سلمان..ليدركوا لماذا نحن السعوديين نحبه ونفاخر به.
*صالح جريبيع الزهراني*
الأربعاء 28 أبريل
جدة