لاشك أن المحبة أنواع ، والحب من المشاعر التي تبهج الخاطر وتبعث السرور والإنشراح ،ولسنا بصدد التحدث عن بحرها ، سواء البحر الهادىء، أو المتلاطم بالأمواج
لكن ينبغي علينا أن نميز بين مشاعرنا ،التي تنتج عن أفكارنا وبالتالي تحدد سلوكياتنا ، فبعض الفروقات لابد أن ندركها وبعض العلاقات تستلزم أن نعي تفاصيلها وأدبياتها ، لاسيما وإننا في عصر العلم والمعرفة ، وقد أسهب علماء الاجتماع منذ مؤسسه الأول العالم الشمولي الجهبذ : ابن خلدون
إلى وقتنا الحاضر فأصبح علم يدرس في الجامعات ،وفيه ألف الكثير من الكتب ، حتى وصل الى ذكاءاته المتعددة كالذكاء الإجتماعي والذكاء العاطفي وفنياته
لذلك ،واسمحولي أن اتحدث عن هذه الجزئية الخفيفة
واللطيفة
بما يعرف بـ " فن المسافات" لكي تصبح حياتنا أجمل ولنتصالح مع انفسنا .
فالمسافة هي التي حمت الأرض من الإحتراق بالشمس لو اقتربت أكثر لاحترقت ،ولو ابتعدت أكثر لتجمّدت.
ولابد ان نفهم ان ليس كل من نتعامل معه بكل رقي حبيب او خليل ، او كما يحلو للبعض توئم روحي ، مهما بلغت ثقتك بهذا الشخص ،لاتفتح له من غرف حياتك، سوى غرفة الضيوف .
وهذا لاينافي أن تكون علاقتنا مع الآخرين مبنية على الاحترام والتقدير .
فبعض الطيبين الإيجابين نرتاح لهم ،ونستفيد من خبراتهم وتجاربهم ،فلكلماتهم الإيجابية أعظم الأثر
الذي يبعث في النفس التفاؤل وروح الأمل ،ويحفزنا
إلى فعل الخير .
لذلك نقدرهم ونجلهم ونحرص على محتواهم القيّم ،ولأنهم يجعلوننا سعداء، بإبتساماتهم وخفة ظلهم ودماثة اخلاقهم ، حتى لو خرجوا قليلاً عن جادة الصواب ، فهم غير معصومين من الزلل والخلل ،سرعان مايعودون أوابين معترفين بتقصيرهم ،وفي مزاحهم مع غيرهم يلتزمون بحدود الأدب، يلاطفون الآخرين دون استحقار أو تهكم على أحد .
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم :
عندما سألته العجوز ، أنه لاطفها ومازحها واشعرها بالأهمية وقال لايدخل الجنة عجوز إلى أن أوضح لها سؤالها.
هذا الطرح اللطيف والراقي، والذي يلامس واقعنا وحياتنا ،ويساهم في تحسين حالتنا المزاجية وتطوير حياتنا للأفضل ، هو مانحتاجه اليوم في ظل مانشاهده من إختلاط الحابل والنابل ، والإزدواجية في التعامل ،وحصول الكثير من خيبات الأمل ، وانتشار تجار الأنانية ، الذين ليس لهم هم الا ملء جيوبهم، والفوز بالكثير من الاعلانات الغير صحية ،وإسعاد انفسهم ، دون الإكتراث بمشاعر الآخرين ،وصحتهم النفسية والجسدية .
ومن يحبك صدقاً ،يحب لك كما يحب لنفسه .
لذلك لنحسن الإختيار ، ونرتقي في تعاملنا مع الآخرين
ولعلنا اكتسبنا من جائحة كارونا
" فن التباعد الصحي "
لنتقن
" فن التباعد الاجتماعي "
فكن مهندس مسافات ،واحسب خطواتك بدقة.
بقلم : أ / حمود الديحاني