يبدو أن سفينة الشحن العملاقة (إيفر جيفين) والتي يبلغ طولها (400) متر وما يعادل حجم أربعة ملاعب لكرة القدم , والتي جنحت في قناة السويس وأغلقت القناة في وجه الملاحة البحرية , قد فشلت كل الجهود المبذولة لتعويمها , وفتح المجال للمئات من السفن التي تنتظر فتح القناة كي تواصل مسيرتها . يمر من قناة السويس يوميا ما يقرب من (12% من حجم التجارة العالمية , 50 ناقلة وسفينة , 9,6 مليار دولار من البضاع , 1,9 مليون برميل يوميا) , على كل العديد من السفن بدأت تغير وجهتها نحو طريق رأس الرجاء الصالح , الطريق الأبعد والأكثر تكلفة والتي سوف يدفع المستهلك ثمنها في نهاية المطاف . كما حصل مع إرتفاع أسعار النفط بنسبة 6% , وإذا إستمر الإغلاق فترة أطول كلما كانت هناك صعوبات في تأمين سلاسل التوريد كما حصل عند تفشي وباء كورونا (الإغلاق) . العالم لن يتحمل أي إغلاق لأي من الطرق التجارية العالمية , وما يحصل من قيام إيران بمهاجمة السفن التجارية في مضيق هرمز وباب المندب أو من خلال أدواتها في المنطقة (الحوثي) , أو ما نشهده من إعتداءات متبادلة على السفن التجارية بين إيران وإسرائيل , يجعل العالم يبحث عن طرق تجارية بديلة مثل طريق الحرير , القطب الشمالي , رأس الرجاء الصالح , إضافة إلى إبتكار وسال أخرى لنقل البضائع (البدائل) سواء كانت برية او بحرية او حتى جوية , وأيضا التعجيل في إنشاء طرق أخرى قيد الإنشاء أو الدراسة مثل خط إيلات عسقلان , على كل هذا الإغلاق الحاصل في قناة السويس سوف تكون له نتاج سلبية على القناة من حيث الدخل أو حتى الثقة بالقناة كطريق تجاري آمن , خاصة لو استمر الإغلاق لفترة أطول . وقد يطال ذلك سلسلة التوريدات العالمية من خلال إيجاد بدائل آمنة خاصة وقت الأزمات , من خلال (التنويع) في سلاسل التوريد وعدم ربطها بمكان جغرافي أو طريق تجاري واحد كما حصل عند إنتشار وباء كورونا . أعتقد أن مرحلة ما بعد إغلاق قناة السويس لن تكون كما كان الوضع قبل الإغلاق , وأن هذا الإغلاق كان بمثابة جرس إنذار للعالم , فإذا كانت سفينة واحدة أحدثت كل هذا الضرر في في التجارة العالمية , فكيف سوف يكون الوضع في حال نشوب صراعات أو عدم الإستقرار كما هو الحال في مضيق باب المندب وهرمز حيث نجد العديد من دول العالم تحشد أساطيلها لحماية سفنها التجارية .