يعيش تحت كنف والديه حتى يبلغ من العمر ٢٥ عاما ، ثم يذهب للدراسة أو للوظيفة ثم يتزوج ثم ينسلخ من والديه ، فيرتبط مع أصحابه وأصدقائه ، ويترك والديه سوى قليل من المكالمات الهاتفية الشهرية ، تبدأ علامات ومراحل الكبر على والديه وتبدأ المعاناة المرضية ومتطلب الوجود بينهم ، فتراه بين الحين والآخر غريب الأطوار ، مشتت الملامح ، ليس في مقام الإهتمام البالغ ، ولا مستوى الحضور المستمر ، تتطور حالة الوالدين حتى تصل لمراحلها المتقدمة والعناية اللازمة ، والتدخل السريع من الإبن ، وتسديد الفواتير المجمعة منذ الصغر حتى القوام ،
فينسلخ هذا الإبن الذي أصبح رجلاً في نظر الناس ويترك والديه في عز حاجتهم له ، يتركهم لمن يهتم بهم ويركض هو خلف ملذات زائلة ومتعة دنيا فانية ، حتى يأتيه نبأ وفاتهم فتجده أحزن الناس وأسوئهم حالاً وأشدهم بؤساً ، ثم تبدأ مسلسل البر المتأخر فتجد التوجّد في حالات التواصل الإجتماعي ، وصناعة المحتوى الإعلامي في فقدهم ، حتى يرى الناس أنه هو الحزين الوحيد في هذا الكون ، البر المتأخر هو فقدان الشيء بعدما كان في المتناول ، البر المتأخر هو وقت الندم الذي سيبقى يلازمك حتى نهاية عمرك ، البر المتأخر هو فاتوره ستدفع ثمنها من صلبك ، البر ليس شعارات وليس حالات في التواصل الإجتماعي ، بل حقيقة تعيشها مع والديك ومع من أفنوا حياتهم لتعيش بسعادة ، الزمهم ماداموا أحياءً واعلم بأن السعادة هي في الملازمة والملاطفة والمعاملة ، التوجد العاطفي بعد رحيلهم لن يفيدك بقدر قربك منهم الآن فليس هناك أعظم من وقفة صادقة في وقت هم أحوج إليك...
وهذا لايمنع من برهم بعد موتهم سواءً بالدعاء أو بالصدقة أو بوصل أصدقائهم والإحسان لهم.
ولكن أين كنت عندما كانوا !!
البر المتأخر ( انتهاء الوقت الأصلي للوالدين ).