* كما بدأت الحلقة الأولى من هذا المقال بسؤال؛ ها أنا أبدأ هذه الحلقة بسؤال فأقول: ما نصيب شيوخ وحشود الصحوة الظلامية من القراءة والاطلاع من قبل ومن بعد عن جماعة الإخوان التكفيرية..؟ هذا إذا كان لهم نصيب من هذا. هل كانوا حقيقة يقرؤون ويحاولون معرفة وفهم ما يدور داخل الجماعة المصرية أوان ذاك؛ إبان ظهورها؛ ومن ثم تصديرها لبلادنا والبلاد المجاورة لنا..؟! أين كانوا طيلة عقود طويلة؛ من تصريحات وتأكيدات شيوخ معتبرين كانوا من جماعة الإخوان مؤسسين أو منضوين..؟
* من هذه التأكيدات الكثيرة الدالة على (تكفيريّة) جماعة الإخوان؛ ما قال به الشيخ (محمد متولي شعراوي)، وهو من المؤسسين الأوائل للجماعة، وممن نفض يده منها، وتكلم عليها كثيراً في لقاءاته ومحاضراته. قال: (إنه كان في سنة 1937 م، يجتمع مساء كل يوم إلى صلاة الفجر مع بعض قيادات حزب الإخوان، وعلى رأسهم الشيخ حسن البنا، وأنه كتب بخط يده أول منشور للإخوان، لكنه انفصل عن الحزب لاحقاً؛ بعد كتابته قصيدة في مدح مصطفى النحاس، الذي كان رئيسًا للوزراء أوان ذاك.. فغضب عليه الشيخ حسن البنا. وكان دفاع الشيخ الشعراوي؛ أن النحاس باشا هو أقرب الساسة إلى منهج الله تعالى، وهو إنسان طيب، لكن إجابة الشيخ حسن البنا كانت: بل هو أعدى أعدائنا.. لأن له ركيزة في الشعب، وهو الوحيد الذي يستطيع أن يضايقنا، أما الباقون؛ فنستطيع أن نبصق عليهم أجمعين)..! ويضيف الشيخ الشعراوي: (انفصلت عن الإخوان؛ عندما أدركت أن هدفهم الوحيد هو الحكم. الرغبة في الوصول إلى كرسي الحكم هدف أسمى لكل الأحزاب السياسية، وأخذ رجال الدين بنصيبهم من الدنيا أمر مشروع، لكن غير المشروع؛ أن تصبح السلطة هدفًا رئيسيًا تسقط دونه القيم، وأن ينقسم الناس إلى قوم: نبصق عليهم؛ وقوم: نناصبهم العداء).
* ومن أقوال (ثروت الخرباوي): (كتاب سيد قطب: جاهلية القرن العشرين؛ سبحان الله.. كل الكتاب يدور حول تكفير المجتمعات المسلمة، فهو لم يدخر جهدًا في إثبات كفر المجتمعات. وكتابه: في ظلال القرآن؛ يصرخ في كل حرف بهذا المعنى، فيقول وهو يفسر آية من آيات القرآن: وهنا يرشدنا الله إلى اعتزال معابد الجاهلية، التي هي المساجد التي نعبد الله فيها، واتخاذ بيوت الله العصبة المسلمة؛ مساجد نحس فيها بالانعزال عن المجتمع الجاهلي). ثم يقول أيضاً نصًا عن سيد قطب: (لا نجاة للعصبة المسلمة في كل أرض؛ من أن تنفصل عقديًا وشعوريًا ومنهج حياة عن أهل الجاهلية من قومها، حتى يأذن الله بقيام دار إسلام تعتصم بها).
* ويقول الدكتور (ثروت الخرباوي) كذلك في كتابه: (سر المعبد.. الأسرار الخفية لجماعة الإخوان المسلمين) ط6 ص222 ما نصه: (أوجعتني الروح العدائية التي لمحتها في نفوس الإخوة في فترات وجودي الأخيرة في الجماعة، كانوا ينظرون للمجتمع نظرات ناقمة ساخطة، في عيونهم كل الناس أشقياء، ونحن الخامة البشرية التي وصلت إلى أعلى درجات النقاء..! ثم أوجعتني الطريقة العدائية التي يتعاملون بها مع خصومهم الفكريين، وتلك القسوة القاتلة التي يتعاملون بها مع من خرج من التنظيم، ولكني أثناء بحثي وتنقيبي؛ وجدت أن كل هذه الأشياء؛ تهون أمام النظام الخاص للجماعة وجرائمه، فقد هالني هذا الجيش الذي لم تكن له إلا فكرة واحدة هي القوة، وليست له إلا مهمة واحدة هي النصر أو الشهادة).
* وهذا القول لشاهد من الجماعة هو د (ثروت الخرباوي)؛ إلى ما سلف من شهادة للشيخ (محمد الغزالي)؛ من أن فكر الجماعة وعملها ليس له إلا هدف واحد هو: قم لأقعد مكانك. يعني السلطة ولا شيء غير السلطة، حتى لو قامت على قواعد ماسونية، ولو تعاطت مع دول تلعنها في العلن وتبوس أقدامها في الخفاء مثل أميركا، ولو مع الشيطان .. فقط: كفِّر؛ ولا تفكِّر إلا في كرسي الحكم والسلطة..!
* يذكر الشيخ (أحمد عادل كمال)، أحد كبار قادة الإخوان في النظام الخاص في زمن حسن البنا في كتابه: (النقط فوق الحروف)، فيقول عن (بيعة النظام الخاص)، التي كانت تختلف عن البيعة العادية: (كنا نؤديها في غرفة مظلمة، وعلى مصحف ومسدس، ولم يكن يباح لمن يبايع أن يعرف من بايع، لأنه يؤديها في غرفة مظلمة)..!
* هذه الطريقة في المبايعة؛ هي طريقة الماسونية نفسها في التكوين- كما يقرر بعد ذلك (ثروت الخرباوي)، و(أحمد إبراهيم أبو غالي)، وآخرون من الخارجين على جماعة الإخوان- فالماسونية العالمية؛ تخترق كافة الجماعات الإسلامية في المنطقة، بعلمها أو بدون علمها، مثلما تخترق أحزابًا وحكومات كثيرة في هذا العالم، وفي المقدمة حكومات الولايات المتحدة الأميركية نفسها.
* وفي الحلقة القادمة؛ نواصل الكلام على مشروع جماعة الإخوان المسلمين، القائم على التكفير والإرهاب، والسعي للسلطة بكافة الطرق الممكنة، حتى لو قتلوا وفجروا وسفكوا دماء الأبرياء وتعاونوا مع الشيطان، ولماذا كانوا حريصين منذ البدء؛ على الحضور