التواصل الفعّال هو مفتاح النجاح في كل جوانب الحياة وخاصةً الجانب الاجتماعي. كما أنه في غاية الأهمية في مجال القيادة كما أسلفت في مقالتي السابقة. وبالرغم من توفّر وسائل التواصل في هذا الزمن و سهولة استخدامها إلا أننا وللأسف نفتقد مهارة التواصل الفعّال. ولازال آباؤنا وكبار السنّ يتقدموننا بمراحل. ولعلّ السبب في ذلك هو تربيتهم الصارمة على أهمية صلة الرحم، وحسن الجوار والتواصل مع الأصدقاء وحتى صلة أصدقاء الوالدين ومعارفهم.
توجد مهارات عدة وآداب للتواصل مع الناس في آيات كثيرة من القران الكريم وفي أحاديث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهي التي تحولت لعلم يُدّرس لدى الغرب فكان كتاب ديل كارنيجي (كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر على الناس) من أقوى الكتب في هذا المجال.
كغيري من جيلي أفتقد لكثير من مهارات التواصل وآدابها ، وقد حاولت جاهدة خلال السنتين الماضية تنميتها واكتساب آدابها ومازلت أتعلم وأحاول تقويتها فهي مهارة تحتاج للممارسة وإعادة القراءة للتذكير المستمر.
هناك ثلاثة قواعد أساسية للتعامل مع الناس: أولها : لا تنتقد، لا تحكم على أحد ولا تتذمر. فوقع النقد على النفس شديد ومؤذٍ خصوصًا مع الأبناء. والنقد يجرح كبرياء المرء ويقتل شعوره بالأهمية. ولا تحكم على أحد، حاول أن تفهم لماذا هذا التصرف بدلًا من إصدار الأحكام. لا تتذمر ،فالتذمر يُنفّر من حولك فالجميع يرغب في مجالسة من يجعله يشعر بجمال الحياة ويعينه على تحمل أعبائها لا أن يزيد همومه. أما القاعدة الثانية فهي التقدير الصادق للناس و الحرص على إسماعهم كلمات الثناء التي يستحقونها. و أخيرا فكّر كيف تثير رغبة الآخرين قبل إقناعهم بالقيام بأمر ما.
كما يوجد الكثير من الأمور التي تجعل من حولك يحبونك. أولها: الاهتمام الحقيقي بالآخرين ومشاركتهم أفراحهم ومواساتهم في أحزانهم. وثانيها: الابتسامة و سحرها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلُّ معروف صدقة، وإنَّ من المعروف أن تلقى أخاك بوجهٍ طَلْق)). أما الأمر الثالث فهو تذكّر أسماء الأشخاص لأن ذلك أحبّ وأهم الأصوات بالنسبة لهم. أما الاستماع الجيد فهو الأمر الرابع فيما يعتبر الحديث عن اهتمامات الشخص الآخر هو الأمر الخامس. و آخرها أن تجعل كل شخص حولك يشعر بأهميته و أن تفعل ذلك بصدق. كما يوجد الكثير من الآداب والذوقيات للكلام والتعامل مع الناس في ديننا الحنيف ويمكن الرجوع لـ (ذوقيات إسلامية للمؤلف م. عبد اللطيف محمد سعد الله البريجاوي).
في زماننا الحالي ومع كثرة وسائل التواصل قد يكون إظهار الاهتمام والابتسامة واختزال جميع ماسبق بمتابعة شخص تابعك أو بضغطة إعجاب أو تعليق صغير أو حتى وضع رمز تعبيري (وهذا مالاحظته في سلوك الأجانب) فيما يبخل بذلك الكثير في عالمنا العربي ظنًا منهم أنه سيكون في موضع استخفاف من الآخرين ولا يعلم أن ذلك من المهارات التي تجعله على تواصل مع الجميع وقد تكسبه أصدقاء جدد في مختلف المدن والدول وتزيد محبته لدى الناس.
وفي النهاية أعتذر من الجميع على تقصيري معكم فأنا مازلت أتعلم :)
بقلم:
د.منال باكثير
Twitter: @ManalBakathir