ثمة ضوء خافت من نافذة العراق يطل على دول الجوار وثمة محاولات بسيطة للإنفتاح عليها وإعلان الشراكة الحقيقية في بناء العراق وإعادة هويته المفقودة ومكانته العظيمة التي سطرتها الحضارات العريقة عبر التاريخ والتي فقدت بريقها مع التجربة السياسية المره التي مر بها العراق وكانت اللحظة الفاصلة في حاضر العراق السياسي المنهك بين أنظمة ملكية تمحى بثورة عسكرية لتنتج نظاماً ديكتاتورياً خلف انقساماً مذهبياً وعقولاً لاتعرف إلا لغة التدمير تنفيساً عن كبت وقهر مضى وسط مستعمرة عراقية تديرها شرذمة من العملاء الغوغائيين والمرتشين الفسدة لتواصل العراق إبحارها في ظلمات بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج يائس فاقد لجميع السبل التي من الممكن أن تقذف به إلى بر الأمان !
وهاهي في كل سنة تعيد إنتاج الفساد والمحسوبية والمذهبية وولادة المزيد والمزيد من الأحزاب والميليشيات الإرهابية التي زادت من رقعة الدمار والفوضى السياسية والدينية دون حلول جذرية وانتفاضات متفرقة ما أن تشتعل جذوتها حتى تنطفئ بأقدام المحتل الإيراني الذي بات يسير العراقيين كالروبوت لخدمته وخدمة مواطينة بدءاً من غسل وتقبيل الأقدام إلى فتح خزائنه وثرواته الطبيعية لإنعاش الإقتصاد الإيراني وسط أصوات خافتة تعارض هذا الإستعباد والجنون منها من قد نجى من فوهة الكاتم ومنها من لقي حتفه دون تأبين يليق به !
لكن وبالرغم من حالة اليأس العربي في استعادة العراق أرى أملاً ونظرة واقعية لحركة الإحتجاجات الأخيرة التي حتى لو تم كتمها بالإرهاب الحكومي والحزبي وحملة الإغتيالات العشواء فإنها كانت مغايرة تماماً لما سبقها فهي تحمل روح الشباب الحر الواعي والمتحصن ضد طاعون المذهبية والرافض للسياسات الفاسدة والتغلغل الإيراني في مفاصل الدولة وفي حياة العراقيين !
وهي الحقيقة التي لم يتقبلها بعد المتطرفين والعملاء في دوائر القرار ولم يستعد للتعامل معها
شباب العراق اليوم يرفض وبعقلية منفتحه على العالم الجدران والعوازل السياسية والدينية حول الحدود بل ويتلهف للعودة إلى الحضن العربي بعد غربة امتدت لسنوات طويلة ليخرج في ساحات المدن العراقية حاملاً شعارات تناهض الوجود الإيراني وترفضه وتمقته وتطالب بمحاسبة العملاء والفاسدين شباب يهيم حباً بالعراق وحده ويتطلع إلى سيادة الدولة واستقلالها ونهضتها وهو يعلم علم اليقين أن ذلك لايمكن أن يحدث في ظل حكومات عاجزة عن إدارة العمليات الإنتخابية بنزاهة وبإستقلالية تامة عن التدخل الخارجي ومحاكمة كل من سعى لتدمير الوطن ونهب ثرواته والمحاسبة والمطالبة بإسترداد كل مافقد من المال العام !
مايحتاجه العراقيين المزيد من الوعي والتثقيف بحقوقهم والإيمان بوحدة العراق بين جميع مكوناته وهي ناتجة فعلياً الآن بسبب التجربة السياسية المذهبية المدمرة وفساد وفشل رجالات وقيادات الدولة حتى انقطع خيط الأمل الأخير في الإصلاح والتغيير على أيدي هذه الشرذمة الفاسدة وآن الأوان إلى دخول واقتحام العراق سياسياً واقتصادياً وإجتماعياً بل وفرض وجودنا لتصحيح الكثير من نظرة الشعب العراقي لجيرانه في الخليج وتحديداً السعودية فقد كان انسحابنا ورفضنا للعملية السياسية بعد سقوط صدام أكبر خطأ اقترفناه عندما تركنا الساحة لإيران تعبث فيها كيفما تشاء تنهب وتجند وتسلح وتهدد الحدود واليوم نشهد تقارب سياسي خجول بين المملكة والعراق ومحاولة ترميم العلاقة وعبر القوة الناعمة اقتصادياً وإعلامياً فالمملكة تدرك الآن أهمية وجودها على الساحة السياسية في العراق ومزاحمة النفوذ الإيراني ومحاولة كسب الأحزاب الشيعية المعتدلة والرافضة للوجود الإيراني وهو التوقيت المناسب بعد الضغوطات الأمريكية على النظام الإيراني وعجزه عن دعم الأحزاب الموالية لها وسلسلة العقوبات على كيانات وميليشيات عراقية تابعه لإيران ماجعلها في وضع متأزم مع الشارع العراقي وإيمان المملكة بأن فشل المشروع الإيراني يبدأ من بغداد وعلى يد أبنائها وأعيد كلامي أن الأهم من كل ذلك هو الوعي المجتمعي الذي يقوده الشباب الحر في الساحات والميادين الوعي الذي يتخطى به قدسية العمائم وشعارات الثأر واستغلال الدين وتوظيفه لمصالحهم الشخصية وتغذية الإنقسام المذهبي وتشجيعهم على التطرف واللحاق بالميليشيات للموت من أجل قضية خاسرة ومعركة فاشلة لم ينتصر فيها أحد !
اليوم ليس كالأمس والزمن لايتوقف ولايعود إلى الخلف وهو سائرٌ بطريق التغيير الحتمي قادم لامحالة لإحداث التغيير في العراق وغيرها وحديثي هذا ليس من باب التفاؤل والأمل وإنما من واقعية التغيرات الأخيرة التي جاءت بصورة رفض شعبي وتطلعات شبابية لحياة أفضل ربما تطول معركة الوعي والتغيير أو تقصر ولكنها قادمة بحول الله ..
التعليقات 1
1 pings
Tahani
04/12/2020 في 2:16 ص[3] رابط التعليق
مقال رائع
(0)
(0)