يبدو أن موجة التطرف والعنصرية تشهد تصاعداً في أوروبا محملة بالعقول المفخخة التي تتغذى يومياً على عبارات سامة مليئة بالعنصرية والكراهية ضد الآخر في وسائل التواصل الإجتماعي ومن شخصيات سياسية !
لتولد لنا جماعات وحركات حزبية متمردة على القانون وخارجة عن طورها الإنساني تريد أن تفرض وجودها وتقصي الآخر بداعي الإختلاف !
أوروبا التي تنادي بحقوق الإنسان وتلتزم بمبدأ التعايش والتسامح مع الآخر أياً كان لونه أو عرقه أو دينه تعاني في الآونة الأخيرة من تزايد لجرائم الكراهية ضد الأجانب اعتداءات مستمرة على المسلمين وغيرهم وتضييق الخناق على الممارسات والطقوس الدينية ومضايقات ومشادات كلامية لاتنتهي وبالطبع هذا نتيجة سياسات بعض الحكومات التي هي الأخرى تمارس دورها في التطرف وتدعم الإنقسام الشعبي وتستخدم سلطاتها لتنفيذ سياساتها العنصرية اتجاه الأقليات الدينية والعرقية بل وتجعلها ضمن خطتها السياسية لتتفيذ مصالحها الشخصية ! دون إدراك لحجم الكارثة التي ستخلفها هذه السياسات فالعمليات الإرهابية تزايدت بشكل مخيف خلال السنوات الأخيرة في العواصم الأوروبية وكانت على أيدي بعض الجماعات اليمينية المتطرفة التي تتواجد في أوروبا وتلقى دعماً سياسياً من بعض الأحزاب التي نشأت من أجلها وتعمل على نشر أفكارها ومعتقداتها خصوصاً مع صعود نجم هذه الأحزاب وتصدر الشعبويين منهم الذين يفتقدون لأسس وقواعد السياسة الحديثة وقوانينها ولايملكون أخلاقياتها ومبادئها الإنسانية
يذهبون بشخصيتهم المتعصبة والحانقة والعنصرية إلى فكرة القومية البيضاء ورفض التنوع الديني والعرقي الذي بدونه تنغلق المجتمعات على نفسها وعلى العكس بها تغتني المجتمعات وتزداد قوة لإنفتاحها واندماجها مع الآخر وهو مالاتفهمه العقليات المتعصبة لنفسها ولعرقها !
في مقال قبل سنة تنبأت بما ستؤول إليه الأحوال لو استمر تصاعد الأحزاب اليمينية واستمرار الخطابات القومية التي تعزز فكرتها وتعادي المهاجرين واللاجئين فذكرت أن الواقع السياسي الداخلي للدول الأوروبية لايطمئن مع صعود نجم هذه الأحزاب اليمينية وهذا مؤشر خطير على التحول السياسي والشعبي الذي وصلت له أوروبا !
القبول الشعبي للأحزاب اليمينية التي تتفق في سياساتها المتطرفة إزاء المهاجرين واللاجئين التي ترتكز على تنظيف المدن من المهاجرين وإغلاق الحدود في وجه اللاجئين والتضييق على المسملين داخل البلاد كل ذلك يدل على أننا سنواجه مستقبلاً شعوباً تتسم بالعنصرية والكراهية ومايؤكد ذلك الهجمات الإرهابية الأخيرة في أنحاء أوروبا ضد المسلمين !
هي نتيجة طبيعية لتحول الحملات الإنتخابية الأوروبية إلى تهريج سياسي شعبوي من أجل دعم مسيرتهم السياسية الشخصية عبر مشروع الإسلاموفوبيا وقضايا المهاجرين واللاجئين بدعوى الحماية وفرض الأمن والإستقرار
وبالفعل تتحول أوروبا تدريجياً إلى الإنكفاء على نفسها وتلاشي قيم ومبادئ الديمقراطية التي سعت من أجلها وخاضت في سبيلها أشد الصراعات لتعود بشكلها الظلامي في إقصاء الآخر ومعادته !
ولكن يبقى للعقلاء صوت وسط زخم الكراهية والعنصرية المنتشرة بين المجتمعات الأوروبية أصوات تتحدث عن حق الآخر في العيش على هذه الأرض وعن حقه في ممارسة دينه دون تهديد وتضييق وعن دراية بكامل المخططات الخبيثة التي تديرها الحكومات والأحزاب لخلق صراع وانقسام بين المجتمع الواحد إما لمصالح شخصية وإما عملاً بالمعتقدات وهي الآن في حرب شرسة للدفاع عن وحدة شعوبها ونظامها .