تربة المكان والوادي .. وفي المقالين السابقين .. فالجزء الأول البعد التاريخي لتربة .. وخلصنا إلى مسمى تربة من الترايب مفردها تربة .. الجزء الأعلى من جسم الأنسان الصدر .. باعتبارها أعلى الوديان وصدرها .. المفصل مابين السهل والجبل .. وأطلق عليها نعتاً دجنة لكثرة سواد نخيلها وزراعتها على امتداد ضفتي الوادي .. وفي الجزء الثاني مسميات أوديةالوادي ومصابها وتجمعها .. تباعداً واتحاداً وتقاطعاً ..
في هذا المقال الجزء الثالث .. نتطرق إلى مسمى محافظة تربة ونشأتها.. وتطورها من خلال ما صدر من أنظمة.. باعتبارها مرفق اداري أمني في أول التأسيس .. تأسست محافظة تربة في ما لا حدس فيه بعد موقعة تربة التاريخية عام ١٣٣٧ .. وهذه السلطة المحلية وتطورها في ظل أنظمةالمناطق .. وارهاصاته الأولية ماتقدم وما تأخر منها لاحقاً .. فالمقر والمحافظة والإدارة المحلية او الإمارة.. مايعرف بالحاكم الإداري.. وهذه المحافظة تقع بين خطي الطول والعرض (٤١.٦ - ٢١.١٧ ) .. تعددت المسميات من تاريخ تأسيس المملكة العربية السعودية حتى العصرالراهن ومواكبة العصر وتطوره .. تطور النظام الإداري للمناطق من حيث المحتوى والتصنيف عبر الأزمنة من عام ١٣٤٥ الى ١٤١٢ .. عرفت تربة المدينة لا الوادي بدجنة وهو كما أشير نعت عن السواد سواد النخيل وكثافتها وشدة اخضرارها من ارتوا الماء وعذوبته وخصوبة التربة .. واطلق فيما بعد على مقر السلطة المكانية او الادارة المحلية .. مجموعة ادارات حكومية .. استقر المسمى في ظل نظام المناطق عام ١٤١٢ مايعرف محافظة تربة .
- نشأة وتطور المسمى :
١- عرفت تربة في نظام الطوارف والماموريات عام ١٣٤٩ بطارفة تربة كاحد الطوارف في ظل التقسيم الإداري والتصنيف الذي صدر في بداية توحيد أطراف.. وطوارف البلاد على يد المؤسس الأول الملك/ عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل يرحمه الله .. فلتت زمانه وعصره .. وعبقرية الزمان والمكان .. عام ١٣٤٥- ١٩٢٦م وقسمت المملكة أربع إمارات رئيسية .. كل إمارة تشرف على عدد من الطوارف .. وكل طارفة تشمل قرية او عدد من القري او سلسلة وادي بروافده .. وواحاته الزراعية .. وحيازاته السكنية .. وحقوله التجارية .. وحوانيته وأسواقه..وفي هذا التاريخ صدر مايعرف بالتعليمات الأساسية للحكم .. وكان على كل إمارة امير حاكم اداري يمثل الملك .. وعلى كل طارفة طارف يتبع الإمارة.
٢- في ظل نظام المأموريات والملحقيات عام ١٣٥٤ عرفت بمأمورية تربة . ومع تطور نظام المناطق تطور المسمى وتوسعت الصلاحيات باعتباره واقع من ربط اللازم بالملزوم .
٣- عام ١٣٥٠-١٩٣١م صدرنظام الوكلاء والنيابة وربطت الإمارات والملحقيات بها
٤- في نظام الأمراء عام ١٣٥٩ تم تقسيم المملكة ادارياً ثمان مناطق بدل أربع إمارات .. كل منطقة تمثل إمارة رئيسية .. وكل امارة تحتوي على ملحقيات .. وعرفت تربة بملحقية تربة الدائرة ١٨ .
٥- في ظل نظام الإمارات والمراكز عام ١٣٦٩ فإمارة المنطقة تضم عدد من المراكز والمركز يضم قرية او عدد من القرى وعرفت تربة باسم مركز .
٦- عام ١٣٧٣- ١٩٥٣م تم انشاء وزارة الداخلية .. وربطت بها إمارات المناطق .. واخذ النظام الإداري يتدرج ويتطور متكيفاً مع معطيات العصر وتطلباته الزمنية والمكانية .
٧- عام ١٣٨٣ صدر نظام المقاطعات وقسمت المملكة ادارياً تسع مقاطعات كل مقاطعة عباره عن إمارة رئيسية وتتبعها عدداً من الإمارات الفرعية وتتبع الإمارات الفرعية عدداً من المراكز وفي ظل نظام المقاطعات عرفت تربة باسم إمارة تربةالفرعية مرتبطه إدارياً بمنطقة مكةالمكرمة كإمارة فرعية . وهكذا أخذ التصنيف الإداري للمناطق ينمو في التجدد والتطور .
٨- عام ١٣٩٥ صدر الامر رقم ١٢٨٨ في ١٣٩٥/٤/١٢ تقسيم المملكة أربعة عشر منطقة ادارية تتبع وزارة الداخلية وكل إمارة منطقة تتبعها عدداً من الإمارات الفرعية وكل إمارة فرعية تتبعها عدداً من المراكز .. عرفت تربة في ظل هذا النظام بإمارة تربة الفرعية تابع إمارة منطقة مكةالمكرمة.. ومازال التصنيف الإداري يأخذ بالتعرج نحو الكمال .. ومزيد من توسع الصلاحيات لما هو الأفضل والأكمل .
٩- عام ١٤١٢ صدر نظام المناطق بالأمر السامي رقم ا/٩٢ في ١٤١٢/٨/٢٧ تقسيم المملكة إدارياً ثلاث عشرة إمارة منطقة كل منطقة يتبعها عدداً من المحافظات بفئتيها ( ا - ب ) وكل محافظة يتبعها عدداً من المراكز بفئتيها ( ا - ب ) وبهذا اكتمل تفصيل ثوب المناطق ونظامه بالتمام تمشياً ما تشهد المملكة من تطور وعصرنة الوقت زماناً ومكاناً .. وسمو الإنجاز السعودي في تنمية المكان و بناء الإنسان و معطيات التنمية والتنمية الاقتصادية وثقافة المجتمع .. وتنامت الصلاحيات في ظل هذا النظام بشكل أوسع وأفضل .. وصنفت تربة محافظة ( ب ) .. وعرفت بمحافظة تربة مرتبطة بإمارة منطقة مكةالمكرمة .. مرتبطاً بها تسعة مراكز إدارية .. وأول محافظ في ظل نظام المناطق سعادة الاستاذ/ حسن بن سعد العريفي .
١٠- عام ١٤٣٣ صدر الأمر السامي بناءً على توصية صاحب السموالملكي وزيرالداخلية وتوصية أصحاب السموالملكي أمراء المناطق من أجل الارتقاء بالعمل الإداري .. رفع فئات محافظات ( ب ) إلى ( ا ) وكذلك مراكز ( ا ) إلى محافظات ( ب ) وتم تصنيف ورفع محافظة تربة من محافظة فئة ( ب ) الى محافظة فئة ( أ ) .. ورتبط بها عشرة مراكز إدارية.
- الطبيعة والمساحة والمناخ :
تشغل محافظة تربة حيزاً من مساحة إمارة المنطقة المركزية بنسبة ٧٪ وتمتد بين ست محافظات تابع إمارة المنطقة - الطائف والخرمة ورنية و المويه وميسان - والسادسة محافظة العقيق تابع منطقة الباحة .. وتمتد بينها بنسب متفاوته . وتقع بين إقليمين عريقين من القدم .. نجد والحجاز .. فتربة نجدية بطبيعة أرضها المنبسطة بما تعنيه من انبساط .. وخلوها من الجبال والحرات وأحراش الأرض نجدية المعالم وتضاريسها تجمع وتزاوج بين الجبال والسهول الرملية والأودية شعاباً ومسيلاً و تفرعاتها وحرات وشعوف متعددة في نواحي المحافظة أدغال وغابات جنوب المحافظة والغطاءالنباتي يكثر شرق وغرب بأشجار وشجيرات صحراوية .. وتتوافق تربة و نجد في المناخ درجات الحرارة والعواصف والرياح وموسم الامطار قارس شتاءً معتدل صيفاً هطول الأمطار في فصل الخريف والرياح موسمية شرقيةً شماليةً في الصيف مصحوبة بالأتربة و الغبار تحجب الرؤية على بعد أقل من كيل و تعرف محلياً بالغبرة واتحادها بالأرض النجدية في أنواع من الحيوانات و النباتات لا توجد الا في البيئة النجدية .
- ابرز المقومات :
١- الموقع تقع بين الحجاز وسراته وبين نجد وشفائه.
٢- تتوسط بين إمارتي مناطق مكةالمكرمة والباحة .
٣- تتصل محافظة تربة بطرق رئيسية عامة كطريق الطائف حضن وطريق تربه أبو راكة ميسان وطريق الباحة العقيق القوامة بتربة وطريق بيشة : تربة الخضيراء رنية وطريق تربة الخرمة ظلم الرياض .
- خير مايميز تربة النعوت :
١- النعوت الاجتماعية :
- مؤنسة الغريب كناية عن طيب المعشر ورفع الكلفة عن كل من جاورهم .
- ظهور السواني كناية عن الحرث والزراعة .
- سهوم المنايا كناية عن الشجاعة .
٢- النعوت المكانية :
- تربة الفيحاء كناية عن الاتساع .
- تربة العرق كناية عن الوادي وامتداده .
- تربة مفتاح الحجاز وبوابة نجد كناية عن أهمية الموقع .
- تربة رمادان كناية عن سوق البلدة
- دجنة كناية عن الوادي وكثافة نخيله واشتداد سوادها بالاخضرار وريان نخيلها وزروعها .
في العدد القادم نكمل ماتبقى بالتفصيل عن مفتاح الحجاز وأسباب هذا النعت وأول من أورده .. وعن بئر بريم التاريخية قبل الاسلام معلم من معالم المحافظة وجبل حضن .. انتظروا الجزء الرابع .
الكاتب والباحث/ خالد حسن الرويس