العلاقات مع المملكة العربية السعودية لها مكانة خاصة في السياسة الخارجية لجمهورية أذربيجان. إن جمهورية أذربيجان والمملكة العربية السعودية يجمعهما الاحترام المتبادل وعلاقات الأخوة الخاصة. إنه لمن دواعي اعتزاز شعبينا أن البلدين يشتركان في تراث إسلامي مشترك وتعاون شامل يخدم مصالحنا والتنسيق الكامل بينهما.
إنه لمن الجدير بالثناء لنا أن المملكة العربية السعودية تواصل دعمها المستمر لموقف بلدنا العادل بشأن النزاع الأرمني الأذربيجاني ناغورنو كاراباخ في إطار منظمة الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الاسلامي والمنظمات الدولية الأخرى. من المعروف أن سياسة أرمينيا العدوانية ضد أذربيجان مستمرة اليوم. نتيجة لهذه السياسة العدوانية، لا تزال 20 في المئة من أراضي جمهورية أذربيجان تحت الاحتلال وحوالي مليون شخص حُرمّوا من حق العيش في أراضيهم الأصلية. نتيجة لاحتلال أرمينيا، تعرضت المعالم التاريخية والثقافية لشعبنا وكذلك مساجدنا للتدمير الوحشي.
تدعو قرارات مجلس الأمن للأمم المتحدة رقم 822 و 853 و 874 و 884 المعتمدة في عام 1993 بشأن النزاع الأرمني الأذربيجاني ناغورنو كاراباخ وهو الضامن الرئيسي للسلم والأمن الدولي، صراحة إلى ضرورة الانسحاب الكامل وغير المشروط للقوات الأرمينية من الأراضي الأذربيجانية المحتلة. تدين هذه القرارات الخطوات العدوانية التي اتخذتها أرمينيا ضد أذربيجان، وتحمي المدنيين الذين ليسوا أطرافًا في النزاع، وتؤكد على عدم جواز استخدام القوة لكسب الأراضي. في نفس الوقت، يلاحظ سلامة أراضي أذربيجان وسيادتها وحرمة حدودها المعترف بها دوليا.
خلال الفترة الماضية، استخدمت أرمينيا جميع أنواع الأعمال القبيحة لمواصلة سياستها العدوانية. اعتبارًا من ليلة 12-13 يوليو 2020، انتهكت القوات المسلحة الأرمينية وقف إطلاق النار وقصفت مواقع أذربيجانية في اتجاه منطقة توفوز بعيدًا عن منطقة النزاع باستخدام معدات المدفعية من أجل احتلال أراضٍ جديدة. تم منع هذا الهجوم من قبل جيشنا. ونتيجة للاستفزاز، قُتل 11 من العسكريين الأذربيجانيين ومدني واحد وأصيب العديد من مواطنينا بجروح خطيرة.
في 27 سبتمبر من هذا العام، قامت القوات المسلحة الأرمنية مرة أخرى باستفزاز عسكري واطلقت النار على المناطق السكنية والمدنيين الأذربيجانيين بأسلحة ثقيلة. شنت أرمينيا عمليات عسكرية واسعة النطاق واستهدفت المناطق المدنية وبدأت في قصفها بالأسلحة الثقيلة مخالفا للقانون الدولي.
بعد الاستفزاز العسكري السائر، شن الجيش الأذربيجاني هجومًا مضادًا لاستعادة وحدة أراضيها وحماية سكانها. حتى الآن أطلقت القوات المسلحة الأرمينية النيران على مدن كنجة ومينغاشفير وخيزي وبردا وبيلغان وأغجابادي وغورانبوي وتارتار ويفلاخ، بعيدة عن مناطق الحرب مما أسفر عن مقتل 43 مدنياً، بينهم 13 امرأة و 3 أطفال واصابة 214 مدني، من بين هؤلاء 44 امرأة و 22 طفلاً (6 منهم أطفال صغار) وهذا العدد يتزايد كل يوم. نتيجة لهذه الهجمات، تضررت العديد من مرافق البنية التحتية والمباني السكنية.
على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه روسيا والذي تم التوصل إليه في 10 أكتوبر لأغراض إنسانية، قصفت القوات المسلحة الأرمينية مدينة كنجا، ثاني أكبر مدينة أذربيجانية بصواريخ إلبروس الباليستية (سكود) من أراضيها في الساعة 2 صباحًا يوم 11 أكتوبر مما يدل على خرق وقف اطلاق النار من قبل القوات الارمينية، ونتيجة لذلك، قُتل 10 أشخاص، من بينهم 5 نساء، وأصيب 35 شخصًا، بينهم 17 امرأة و 6 أطفال صغار، ودُمرت 3 مبانٍ بالكامل، وتضرر أكثر من 10 مبانٍ سكنية وأكثر من 100 منشأة مختلفة.
وفي يوم 22 أكتوبر أطلقت أرمينيا صواريخ بالستية على مدينة قبلا وهي أهم الأماكن السياحية الرئيسية، من بينها ثلاثة صواريخ باتجاه منطقة (سيازان) الساعة 7:00 صباحاً، واثنان على مدينة (قبلا) وواحد على منطقة (كوردامير) الساعة 09:00 صباحاً. وكان تستهدف القوات المسلحة الأرمينية السكان المدنيين والبنية التحتية المدنية.
ونتج عن ذلك اصابة طفل عمره 16 سنة بجروح مختلفة، ولحقت أضرار بالغة بخمسة منازل في قرية قبلا. كما أطلقت قوات الارمينية صاروخاً على خط أنابيب المياه (أوغوز - قبلا – باكو) ، الذي يمد شبه جزيرة أبشيرون بمياه الشرب وهو ذو أهمية استراتيجية خاصة. وقامت قوات الدفاع الجوي للجيش الأذربيجاني، بإسقاطه ما نتج عنه سقوط أجزائه بالقرب من خط أنابيب المياه.
أود أن أشير إلى أنه في هذه الفترة التاريخية التي يشهدها بلدنا، فإن دعوة حكومة المملكة العربية السعودية لحل النزاع سلميًا وفقًا لقرارات مجلس الأمن اللأمم المتحدة ذات الصلة تظهر دعمها لشعبنا.
كما بعث صاحب سمو تركي الفيصل بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية في هذه الأيام الصعبة برسالة إلى فخامة رئيس جمهورية أذربيجان إلهام علييف في 13 أكتوبر، أعرب فيها عن تضامنه معنا ودعمه لدولتنا.
أعرّب عن امتناني العميق لحكومة المملكة العربية السعودية بصفتي رئيسة مجموعة العمل بين أذربيجان والمملكة العربية السعودية حول العلاقات البرلمانية على هذا الموقف. في الوقت نفسه، أعتقد أنه لا ينبغي للمجتمع الدولي أن يظل صامتًا بشأن هذه القضية، وأن يطالب أرمينيا بتنفيذ قرارات مجلس الأمن للأمم المتحدة ذات الصلة بشأن انسحاب الأراضي الأذربيجانية المحتلة. يجب وقف سياسة أرمينيا العدوانية التي تهدد البيئة الأمنية الإقليمية والدولية على الفور، ويجب الضغط على أرمينيا للانسحاب من الأراضي الاذربيجانية المحتلة في أقرب وقت ممكن، ويجب منع جرائم الحرب التي ترتكبها. فقط في هذه الحالة يمكن تحقيق السلام في المنطقة.
بقلم : فاطمة يلدرم.
رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية الأذربيجانية السعودية.