باريس اليوم تعيش في عهدة ماكرون عودة للأحداث العنصرية والمتطرفة ضد الأديان فالتاريخ الفرنسي يحمل في طياته العديد من هذه الحوادث المشابهة والتي عاودت ظهورها اليوم بفضل تصريحات ماكرون المسيئة بحق الإسلام والمسلمين في بلاده ! حيث قال في تصريح له "الإسلام ديانة تعيش اليوم أزمة في كل مكان في العالم وأن على فرنسا التصدي للانعزالية الإسلامية الساعية إلى إقامة نظام مواز وإنكار الجمهورية" وسبق هذا التصريح دعوة وزير الداخلية الفرنسية جيرالد دارمانان حل الجمعيات الإسلامية التي يعتبرها عدوة للجمهورية وموقفه المتعجب من تخصيص أقسام في المتاجر الفرنسية للمنتجات الحلال مايعتبرها نوعاً من الفصل المجتمعي وأنه هكذا يبدأ التطرف !! هذه الحملة الحكومية لتأجيج الكراهية والنزاعات الدينية بين الشعوب رافقتها رسومات مسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم في بعض الصحف الفرنسية المدعومة حكومياً وتعاود بعضها نشر الرسوم الساخرة في مشهد استفزازي لمشاعر المسلمين حول العالم ما نتج عن ذلك حادثة مقتل استاذ تاريخ فرنسي على يد مراهق شيشاني لعرضه الرسوم على طلابه وتبعتها حادثة طعن سيدتين محجبتين من أصول جزائرية على يد امرأتين متطرفتين ! ماكرون الداعي إلى قيم ومبادئ العلمانية من التعايش و التسامح ونبذ التطرف يقسم المجتمع الفرنسي إلى طوائف متنازعة فيما بينها ويخلق حالة من التوتر والتعصب والكراهية الدينية والتهديدات والاعتداءات بالقتل والتخريب نتيجة سياساته العنصرية بدعوى مكافحة التطرف !! ليخرج بعد ذلك سائراً على نهجه في زيادة التوتر والاحتقان الديني لإلقاء كلمة في مراسم تأبين صامويل باتي أستاذ التاريخ قائلاً أن المدرس قتل لأنه يجسد القيم العلمانية والديمقراطية في الجمهورية الفرنسية وأن بلاده لن تتخلى عن الرسوم الكاريكاتورية ! مادعا ذلك لمقاطعة البضائع الفرنسية من قبل الدول العربية في حملة شعبية واسعة نصرة للعقيدة ومقدساتها ورموزها ماكرون الغارق في أزماته الداخلية والذي مازال في معركة مع أصحاب السترات الصفراء عدا فشل سياساته الخارجية بدءاً من الأزمة الليبية وصولاً إلى مالي ثم ازمته بشرق المتوسط وانتهاءً بالأرمن يحاول الخروج من مستنقعه بخلق أزمة وموجة جديدة للإسلام وفوبيا بخطابات عنصرية متطرفة يتبعها حملات معادية للمهاجرين واللاجئين المسلمين من اعتقال واغلاق لمئات الجمعيات والهيئات والمنظمات الإسلامية مناقضاً قيم العلمانية التي تدعو إلى ضمان حقوق الإنسان واحترام الأديان والتسامح غير المشروط حيال المعتقدات والأقليات الدينية ! الأكيد أنه لايغيب عن رئيس ذكي مثل ايمانويل ماكرون أن كلمات رئيس الحكومة وسلوكياته لها تأثيراً على عامة الشعب مايدل على أن ماقام به دعوة بطريقة غير مباشرة إلى كراهية المسلمين ونبذهم ! وهذا يعني أن حملة الحكومة سياسية حزبية لإنقاذ ماكرون من أزماته والهاء الشعب الفرنسي بها وفي نفس الوقت مغازلة اليمين المتطرف الذي يتزايد في أوروبا كلها وتلقى أحزابه التأييد وذلك لضمان بقائه ! إن على فرنسا ارساء القيم والمبادئ التي قامت عليها بعد عصور من البطش السياسي والحروب الدينية لا أن تعيد إحياء تركة تلك العصور لأهداف سياسية ضد جماعات دينية محددة ! وعلينا كمسلمين محاربة التطرف والتعصب وتجفيف منابعه بثورة ثقافية دينية تظهر الإسلام بصورته الحقيقية التي تحرم قتل النفس وتدعو إلى احترام الأديان وأتباعها وترفض التعصب والتمييز العرقي وتدعو إلى السلام والعدل والمساواة وقبول الآخر والاعتراف به وحل الخلافات بالحوار والتفاهم المشترك .