بدلا من العقاب الصارم، حصل بشار الأسد على مكافأة ثمينة من المجتمع الدولي نظير ارتكابه جرائم حرب في سوريا، نعم مكافأة دولية تتمثل في منح جزار دمشق مهلة غير محددة لقتل مئات الآلاف من البشر الأبرياء، أمريكا حصلت على ما تريد وأبعدت خطر وقوع الأسلحة الكيماوية في يد أطراف معادية لها أو لإسرائيل، والروس الذين أصبح اقتصادهم يعتمد على التجارة بدماء الشعوب استغلوا التردد الأمريكي كي يقدموا عرضهم المخفض: (نتف الريش بدلا من الضرب على الرأس)!، أما الشعب السوري الذي تم قصفه بغاز السارين فهو خارج هذه الصفقة!.
**
المشهد السياسي الدولي اليوم في غاية الطرافة: أوباما يظهر بصورة رجل الحرب الذي لا يحب صوت الرصاص، وبوتين يظهر بصورة رجل السلام الذي يخفي وراء ظهره عمليات القتل والحرق والتدمير!.
**
مكافأة بشار الأسد لا تعني نجاته، بل هي بداية لعملية (تقشيره)، سبق وأن حدثت عملية التقشير لأكثر من ديكتاتور عربي، صدام حسين ــ مثلا ــ تمت مصادرة أسلحته غير التقليدية وتدميرها بإشراف دولي بعد حرب تحرير الكويت، ثم محاصرته 13 عاما كانت كافية جدا لإتمام عملية التقشير التي انتهت بالانفضاض عليه دون مقاومة تذكر، والقذافي أيضا تم (تقشيره) بالتدريج، حيث أحضر له الأمريكان صور إلقاء القبض على صدام فدب الرعب في قلبه وسلم فورا كل أسلحته غير التقليدية، وقدم قائمة بأسماء العلماء الذين تعانوا معه في برامج التسلح، بعد التسليم منح الأمريكان القذافي الفرصة الكافية كي يدمر ليبيا قبل أن يتركوه يواجه المصير الأسود مع شعبه، والذي كان أسوأ بكثير من مصير صدام الذي حاول أن يتحاشاه، وما يحدث مع الأسد اليوم هو أول التقشير، حيث سيسمح له بالبقاء مدة أطول كي يدمر أكثر ويقتل أكثر قبل أن يواجه مصيره المحتوم الذي هو نهاية كل ظالم متجبر، ولكن بعد ماذا؟.. بعد أن تكون البلاد قد تقسمت وتدمرت وتوغلت الثارات في نفوس أهلها، هذا ما حدث في العراق وليبيا ويحدث اليوم في سوريا برعاية دولية.. (تقشير الديكتاتور ) حتى يصبح عظما بلا لحم، وهي المرحلة التي يقتل فيها الديكتاتور عددا مهولا من البشر قبل أن تصل السكين إلى رقبته.
**
موافقة الأسد على تسليم ترسانته الكيماوية تأكيد جديد على استخدامه هذا السلاح ضد شعبه، وهذه جريمة ضد الإنسانية، ومن أهم الخطوات التي يجب أن تخطوها الدول المناصرة للشعب السوري هي السعي لمحاكمة بشار الأسد دوليا، والعمل على استصدار قرار دولي يفرض منطقة حظر جوي؛ لأن قصف المدنيين بالطائرات لا يقل فتكا عن قصفهم بالكيماوي!.
[COLOR=#FF0036]الكاتب : خلف الحربي[/COLOR]
عكاظ