سياسية مبهمة وغير مفهومة تتبعها الأمم المتحدة وخاصة مجلس الأمن في التعامل مع الملف النووي الإيراني، ففي وقت تعترف فيه بامتلاكها أسلحة نووية ترفض المنظمة الأممية تمديد حظر الاسلحة على طهران، الأمر الذي يضع علامات استفهام عديدة إزاء تعاملها مع هذا الملف الشائك.
قرار الأمم المتحدة ذلك، يحتاج إلى تفسير منها، في هذا التوقيت بالذات حتى تقطع الطريق على من يشكك في نزاهتها، فكل الأدلة والبراهين تتنافى مع حيثيات الأمم المتحدة ، وكان من المتوقع ،هو تشديد العقوبات على نظام الملالي الذي يهدد أمن واستقرار وسلم الشرق الأوسط.
الإعلان المفاجئ يطرح تساؤلات عدة منطقية أولها: هل هناك اتفاق ما مع الغرب يدار من خلف الكواليس ، لا سيما أنه هو الذي يدير المشهد السياسي من خلال مباحثاتها مع الغرب لحلحلة الملف النووي الإيراني.
فالنظام الإيراني مثله مثل الكلب المربوط لا نعلم متى يحل واثقة، "إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ".
السؤال الثاني الذي يطرح نفسه، هل قرار الأمم المتحدة بمثابة ضوء أخضر لطهران بمهد لها الطريق ، لرعاية الإرهاب بشراء وبيع الأسلحة التقليدية دون قيود محددة من الأمم المتحدة، والتي فرضت لأول مرة منذ أكثر من عقد.
وبالتأكيد أن فشل مجلس الأمن في التصرف بشكل حاسم للدفاع عن السلم والأمن الدوليين "أمر لا يغتفر"، ولابد من محاسبته من قبل القوى الإقليمية الدولية الفاعلة والمتأثرة بهذا القرار.
لقد تناست الأمم المتحدة جرائم طهران التي لا تسقط بالتقادم وسجلها الدموي الحافل بقتل الأبرياء من أبناء شعبها في المظاهرات المطالبة بالحرية وبرحيل "خامنئي" ، فكان الرد استخدام القوة المفرطة بحق المدنيين من قتل وتنكيل وتحويل السجون لسلخانات تعذيب. إلى جانب ذلك ، دعم وتمويل المنظمات الإرهابية المتطرفة مثل مليشيا الحوثي الإرهابية في اليمن ، وحزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق ،كما انتهكت إيران أبسط الحقوق من خلال قطع الانترنت عن شعبها ومواطنيها وحظرت مئات المواقع الالكترونية التي تكشفها على حقيقتها من أجل لا تكشف سوءتها أمام مواطنيها.
وأتوقع أن واشنطن ستواصل العمل لضمان عدم تمتع النظام الإرهابي الإيراني بحرية في شراء وبيع الأسلحة التي تهدد أوروبا والشرق الأوسط، تحديداً، وهنا أذكر بتصريحات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أن الولايات المتحدة لن تتخلى أبدا عن أصدقائها، الذين توقعوا المزيد من مجلس الأمن.
إن هذا التساهل الأممي مع إيران قد يكون بمثابة تواطؤ واضح معها، مما يعرض سمعة مجلس الأمن للتأكل واتهامات بالازدواجية وعدم المصداقية في التعامل مع هذا الملف، مما يدفع الدول الأعضاء إلى التفكير الف مرة قبل الرجوع اليه، وهو ما يهدد أمن وسلم العالم وليس الشرق الأوسط فقط.
وفى الختام أتمنى أن ترمم الأمم المتحدة هيكلها الذي غلب عليه الصدأ، وأصبح كالجسد الذي أصابه المرض ، بل أن تقف على مسافة واحدة من أطراف النزاع الذي أنشئت من اجله ، فقد بدى للجميع أن سوءتها تتعرى حتى لسطحي التفكير، مما ينذر بتفككها وهذا ما لا يريده عاقل.
أ. عبدالعز منيف بن رازن.
مستشار بمركز الدراسات العربية الروسية.