يُعنى علم الاقتصاد بوجه عام بالعواقب المفاجئة للسلوك الرشيد التي تكون أحياناً مأساوية. ومن هنا فإن كتاب تحدي البديهة ــ الحكمة غير المألوفة لعلم الاقتصاد لمؤلفه ستيفن لاندسبيرج يتحدث عن التطبيقات غير التقليدية لعلم الاقتصاد التقليدي.
يقول ستيفن : يُحدثك المنطق العام قائلاً: إن الانحلال الجنسي ينشر مرض الإيدز، وإن النمو السكاني يهدد الرفاهية، وإن البخلاء هم جيران سوء. وفي حقيقة الأمر فإنني قد كتبت هذا الكتاب لمهاجمة هذا المنطق. أسلحتي هي الدليل والمنطق، وخصوصاً منطق علم الاقتصاد، ويعتبر المنطق أعظم مرشد – وبالتأكيد أكثر الأمور إمتاعاً – حينما يدعونا لكي نرى العالم برؤية جديدة تماماً، وكتابي هذا يُعنى بهذا النوع من المنطق.
إنجاب الإناث يتسبب في الطلاق، والتعطش إلى الانتقام أفضل من التعطش للذهب، وحظر صيد الفيلة من الأنباء المشؤمة للفيلة، ومساعدات الإغاثة عند وقوع الكوارث من الأنباء المشؤمة – أيضاً – لمن يقبلون هذا المساعدات، أما أولئك الشريرون من مخترقي الحاسبات فيجب إعدامهم، وأكثر الناس إحساناً هم من يتبرعون لأقل عدد من المؤسسات الخيرية، وكتابة الكتب يخلو من المسئولية الاجتماعية في حين أن دفعك الناس للوصول إلى أول طابور صنبور المياه في المتنزهات العامة لا يُعد كذلك، ويحصل طوال القامة وأصحاب الأجساد الرشيقة ومن يتسمون بجمال الخِلقة على رواتب أعلى، لكن ليس للأسباب التي قد تظنها!
يقول ستيفن: كل جملة من الجمل السابقة هي أقرب إلى الحقيقة بأكثر مما تظن. فإذا أخبرك المنطق العام عكس ذلك، فتذكر أن منطقك العام يخبرك أيضاً أن الأرض مستوية وليست كروية.
يقول ستيفن : إن ما توشك أن تقرأه في كتابي تحدي البديهة هو بمنزلة احتفال بكل ما هو مخالف ومبتدع وواضح وغريب في آن واحد. أعني كل كلمة كتبتها في هذا الكتاب، وفي نفس الوقت فإن كل كلمة هي متعة في حد ذاتها. يقدم كتابي براهين مدروسة بعناية شديدة عن أمور مهمة في الحياة، ولكنها أيضاً براهين مدهشة، والدهشة متعة. يمنحك كتابي فهماً جديداً للكيفية التي يسير بها العالم، وهو قد يثير غضبك أحياناً ولكنني أتمنى أن ينجح أيضاً في رسم الابتسامة على شفتيك.
إن من المبادئ العامة في علم الاقتصاد أن ((النتائج تكون أفضل حينما يجب على الأفراد أن يحيوا متحملين العواقب الخاصة بسلوكهم))، أو لنقلها بطريقة أخرى: ((إن النتائج تصبح سيئة حينما تنصب عواقب أفعالنا على الآخرين)). ومع السهولة والوضوح اللذين يبدوان في هذا المبدأ العام فإن لديه القوة على تدمير موروث هائل من الحكمة المألوفة؛ فهذا المبدأ يشير إلى أن العالم يحتوي على عدد ضئيل للغاية من البشر وكذا عدد ضئيل من البخلاء وفي نفس الوقت عدد غير كاف من العلاقات الجنسية التي تمارس خارج نطاق الزواج، وإن كان به القدر الصحيح من الدخان المستعمل وعمالة الأطفال. يقر هذا المبدأ أيضاً أن التعطش للذهب هو أمر مدمر على المستوى الاجتماعي في حين أن الميل إلى الانتقام يمكن أن يُنظر إليه باعتباره من الأمور المستحبة اجتماعياً. وبالإضافة إلى ذلك، يلقي هذا المبدأ الضوء على السبب الذي بموجبه يحصل طوال القامة وأصحاب الأجساد الرشيقة ومن يتسمون بحمال الخِلقة على رواتب أعلى، ويقترح المبدأ إصلاحات هائلة في النظامين القضائي والسياسي وقانون الضرائب، ويرد على من يعارضون فكرة دخول القادمين الجدد إلى أول الطابور وليس آخره أمام صنبور المياه في المنتزهات العامة، وهو يشرح أيضاً السبب وراء الارتفاع الباهظ لأسعار التأمين على السيارات.
أ . د / زيد بن محمد الرماني
ــــ المستشار الاقتصادي
وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التعليقات 1
1 pings
رشيد
21/07/2020 في 1:41 م[3] رابط التعليق
مقال ماتع وفي نفس الوقت يحتاج بعض الشروح
(0)
(0)