لم تكن سيرة الشيخ العم حسن أمين العلي بتلكمُ الشخصية التي يمكن الابحار في أعماقها بسهولة ذلك لأنه لا يُمثل أحد قامات هذا الوطن الشامخ وأحد رواده في مجال العمل اللاسلكي والفقه الشرعي والأدب والتاريخ فحسب وإنما أيضاً يُمثل أحد كواكبه المضيئة في دروب الخير والعطاءات المتميزة الرسمية وما سواها ، ولد الشيخ العم حسن بمحافظة الوجه بمنطقة تبوك عام 1346هـ ونشأ وترعرع وتعلم في كُتابها بمسجدها الكبير على يد قاضي محكمتها الشيخ عبد الغني مُشرف ولرغبته التزود بالعلوم الشرعية لازم عدداً من القضاة والمشايخ في الأماكن التي عمل فيها كالشيخ حمد الجاسر بمحافظة ضباء وعبد القادر جزائري بمحافظة العُلا ومصطفى سحلي الخناني بمحافظة الوجه وحيث بلغه بوجود مدرسة لاسلكية بمكة المكرمة أنذاك فقد سافر للالتحاق بها ونال شهادتها عام 1366هـ مما أهلته للعمل بوزارة المواصلات ومصلحة البرق والبريد والهاتف ما بين فني وإداري في كلٍ من تبوك والرياض والوجه وضباء ثم انتقل بُعيد ذلك لمحافظة العُلا وعمل فيها مُحاسباً ومأمور زكاة ومن ثم انتقل للعمل بمكة المكرمة ولخبرته في مجال اللاسلكي وأمانته واخلاصه وتحمله المسئولية فقد تم توجيهه بموجب برقية وصلته من أمير منطقة تبوك خالد السديري والذي يعرفه جيداً ويقدره من واقع عمله السابق بمنطقة تبوك بمهمة القيام بتأسيس لاسلكي ومركز بريد بمحافظة تيماء بناءً على توجيه كريم من الملك عبد العزيز طيب الله ثراه والتي ما إن وصلها بعد سبعة أيام عبر طرق برية وعرة في معظمها مع ما لحقه من متاعب جمة قام حينئذ بتأسيس هذا المركز عام 1370هـ ولحرصه على التعليم فقد التحق بالمرحلة الابتدائية وتحصل على شهادتها عام 1383هـ عقب عودته للعمل بمحافظة ضباء ، والشيخ العم حسن هو أحد وجهاء منطقة تبوك ومن الذين نالوا تقدير خاص من لدن جميع الأمراء الذين تعاقبوا على إمارة منطقة تبوك تحلى بصفات جلية إضافة لما سبق ومن أبرزها تقوى الله ودماثة الخلق والحنكة والتواضع والوفاء والمرح والكرم والمرؤة والتضحية وحب الخير فضلاً عن مساهماته الخيرية غير المعلنة ومساعيه النبيلة في إصلاح ذات البين لأجل فقط نيل الأجر والمثوبة من عند الله تبارك وتعالى هذا عدا كونه إنسان اجتماعي بطبعه وله حضور مُتميز في المناسبات والمجالس وإذا ما غاب يفتقده روادها وإذا ما تحدث أمتع سامعيه من فيض ما اكتسبه من قراءة وسعة اطلاع ومخالطة لكثير من الناس أثناء تنقلاته داخل المملكة وخارجها وخاصة فيما يتعلق بالنواحي الأدبية والاجتماعية والتاريخية والثقافية أصدر كتاباً بعنوان(دراسات وحقائق في شمال غرب المملكة العربية السعودية عام 1418هـ) تعطر بمقدمة مقتضبة من صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان أمير منطقة تبوك حفظه الله تضمنت ثناءه وتقديره لما بذله من جهد مُخلص واصفاً إياه بأنه مُحب لوطنه مُعتبراً كتابه هذا إضافة جديدة للمكتبة السعودية تشرف بالسلام على الملك عبد العزيز في مشعر منى بمكة المكرمة في إحدى حجاته الأخيرة وبالسلام على الملك سعود بقصره بمدينة جدة أثناء مبايعته لتولي حكم البلاد وبذلك يكون قد عاصر جميع ملوك الأسرة المالكة الكريمة من آل سعود حتى عهد ملكنا سلمان حفظه الله ورعاه وعندما سألناه عن كم عمره عندما التحق بأول وظيفة حكومية أجاب بقوله (16) عاماً فيما كان راتبه (90) ريالاً ولكن فيه البركة على حد قوله. له عدد من الأبناء والبنات وجميعهم تقلدوا مناصب رفيعة المستوى لخدمة دينهم ومليكهم ووطنهم ومنهم على سبيل المثال لا الحصر أبنه الدكتور فهمي الذي تخرج من جامعة درهام ببريطانيا عام 1400هـ وتقلد عدة مناصب ومنها مديراً لحماية البيئة بالأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربي وشارك في مؤتمرات وأبحاث دولية وأبنه الدكتور أحمد وشغل مديراً للشؤون الصحية بمنطقة تبوك وأبنه الأستاذ يعرب وشغل مديراً لمكتب الآثار بمنطقة تبوك حتى تقاعده عام 1438هـ وأبنه زياد وشغل مديراً لفرع وزارة الاشغال العامة والإسكان بمنطقة تبوك عام 1987م فمديراً لإدارة النقل والطرق فمديراً لعدد من المشاريع الحكومية بالمنطقة ولكفاءته وتميزه تحصل على المرتبة الرابعة عشر وعُين مستشاراً لمعالي مدير جامعة تبوك ولا يزال كذلك وأبنه اللواء طيار ركن أنس وتقلد عدة مناصب عسكرية شملت قيادات ومناورات وتمارين في بعض البلدان العربية والأجنبية وفي الختام نسأل الله أن يجعل ما قدمه العم حسن لخدمة دينه ومجتمعه ووطنه في موازين حسناته وأن يبارك في عمره حفظه الله ورعاه .
عبد الفتاح بن أحمد الريس
باحث تربوي ومؤرخ وكاتب صحفي