على الرغم من مرور أكثر من نصف قرن على نهاية الإستعمار الفرنسي لمعظم الدول في القارة الإفريقية , إلا أن فرنسا ما زالت لها اليد الطولى والحاكم الفعلي للعديد من الدول الإفريقية . فهي التي ترسم لها السياسة الخارجية بل وحتى الداخلية خاصة في شمال إفريقيا .
إن أكثر مما يدل على قوة هذا التأثير ما حصل يوم الأربعاء الماضي في تونس , حيث صوت البرلمان وبأغلبية ساحقة ضد مذكرة تطالب فرنسا بتقديم إعتذار رسمي من تونس عن مرحلة الإستعمار والجرائم التي أرتكبت خلالها بل وما بعدها . يعني بالمختصر المفيد أنه لا عزاء ولا تعويضات لكل من أرتكبت بحقهم جرائم القتل والإغتيال والتعذيب والإغتصاب والتهجير القسري ونهب الثروات الطبيعية خلال تلك الفترة . وأنت تتجول في دول البلدان التي كانت خاضعة للإستعمار الفرنسي سابقا تجد اللغة والثقافة والتعليم والقوانين المدنية الفرنسية هي السائدة , بل تجد على سبيل المثال صحيفة اللوموند الفرنسية هي الأكثر إنتشارا وتوزيعا .
هناك (14) دولة إفريقية ما زالت تدفع المليارات من الدولارات كضريبة فوائد الرق والاستعمار , من خلال ربط الفرنك الإفريقي بالفرنك الفرنسي والذي لا يوجد له غطاء ذهبي على خطى الدولار ؟! . يقول الرئيس الفرنسي السابق شارل ديغول : تركنا جزائريين يحبون فرنسا أكثر من الفرنسيين أنفسهم .. سيواصلون على منهج الجمهورية الفرنسية .
ومن أجل إستمرار وضمان هذه المحبة والمنهج قامت فرنسا بتأسيس المنظمة الدولية للفرانكوفونية للدول الناطقة بالفرنسية على طريقة رابطة الكومنولث البريطانية , وكل من حاول الخروج منها أو التمرد على ضريبة الرق أو فك الإرتباط بالفرنك الفرنسي تمت تصفيته أو تمت الإطاحة به عن طريق إنقلاب عسكري .
في مالي تدخلت فرنسا تحت غطاء القضاء على تنظيم القاعدة حيث تجد هناك دول تقاتل بالوكالة وأخرى تمول وفرنسا من خلال شركاتها تقوم بنهب مناجم الذهب , والشعب المالي يعاني من الجوع والفقر . يبدو أن الطريق إلى الإستقلال ما زال طويلا أمام الدول الناطقة بالفرنسية .