إن أكثر الأخطاء شيوعاً والتي يقع فيها المديرون في بناء علاقاتهم مع الموظفين تتمثل في طرفي نقيض بين وضع حاجز نفسي كبير بينهم وبين المرؤوسين والتركيز على العمل مع علاقة باردة ضعيفة إنسانياً ودون رعاية أو اهتمام . وبين أن يتحول الموظف إلى صديق مقرب للمدير وتصبح هذه الصداقة مقدمة على التزامات العمل وتضعف التركيز على الإنجاز أو تقديم التغذية الراجعة الدقيقة للأداء.
تطرح الدكتورة ليندا إيه تساؤلاً مهماً في كتابها (بصفتك رئيساً) على القادة والرؤساء والمديرين: هل تعتبر مرؤوسيك المباشرين أصدقاء لك؟ فبدافع من رغبة أي مدير أن يكون محبوباً ومؤثراً في فريق العمل يميل بدافع فطري لحماية علاقته مع المرؤوسين، والخلط بين الرغبة في نيل حب المرؤوسين وكسب ثقتهم أو احترامهم أحد أكثر السقطات الشهيرة التي تسبب الخلل في أداء المديرين والرؤساء.
يكره بعض المديرين الصراع ويتحاشون أي قول أو فعل يسبب توتر الآخرين ويتخذون قراراً يعتقدون أنه عقلاني أن الصداقة والعلاقة القريبة هي أفضل سبيل للتأثير في الآخرين والعمل بمبدأ " انجز هذا العمل لأننا أصدقاء " والحقيقة أن المدير الذي يسمح بروابط شخصية قوية مع المرؤوسين ظناً منه أن ذلك يخدم العمل فسوف يعاني في عمله كمدير معاناة لا مثيل لها. ولن يكون قادراً على اتخاذ القرارات الصعبة والضرورية بخصوص الأفراد أو تقييم الأفراد بصورة دقيقة وتقديم التغذية الراجعة النقدية والمفيدة. إن حاولت أن تبقى على وفاق مع الجميع فسوف تقع في استثناءات لأفراد يراها آخرون غير مستحقة أو غير منصفة. العلاقات التي تكون شخصية بشكل أساسي لا تعود إلا بالإحباط للأفراد على المدى البعيد وتجعلك أقل فاعلية.
ومن أجل اكتشاف ما إن كانت العلاقة مع موظفيك تتخطى حدود القدرة على ضبط العمل. يمكن أن تفكر في الموظفين واحداً واحداً وتساءل: إن تدهور أداؤه ولم يتحسن فهل سأكون قادراً على استبعاده من الفريق؟ إن ارتكب أخطاء كبيرة متكررة رغم التدريب الجيد الذي تلقاه فهل سأقلص مسؤولياته أم هل سأخبره بأنه لن يحصل على المزيد؟ إذا كنت متردداً في ضبط أو عقوبة شخص بسبب الخوف على علاقتكما فإن هذه العلاقة سوف تمنعك من القيام بوظيفتك كرئيس للعمل؟
وهنا يمكن تفنيد الأسباب التي تجعل الصداقة والرئاسة لا تتوافقان في معظم الأحوال:
- الصداقة كمفهوم اجتماعي ليست قائمة من أجل غاية أخرى، إنما هي متطلب نفسي واجتماعي باعتبار أننا مخلوقات اجتماعية. أما العلاقة بين الرئيس والمرؤوس فأصل هذه العلاقة قائم على غاية إنجاز العمل، وعندما يصر الموظف على التقاعس عن إنجاز العمل فإن هذه العلاقة لا بد أن تتأثر سلبياً وربما قد تنتهي.
- الأصدقاء بطبيعة الحال يجمعهم الشعور بالتساوي في محيط علاقتهم، لكن الرؤساء والمرؤوسين ليسوا متساوون داخل المؤسسة لا في المسؤوليات ولا في الصلاحيات. حتى لو حافظ الرئيس على إخفاء صلاحياته وسلطته لكنه سيظل في حاجة لاستخدامها أحياناً على نحو قد لا يسعد مرؤوسيه، ولا يمكن للعديد من الصداقات أن تنجو في مثل هذه الحالة من عدم التساوي.
-الأصدقاء لا يقيمون بعضهم ولا يحاولون تغيير بعضهم. ولا يعلقون صداقتهم على هذا التغيير، لكن المدير الجيد لا بد له أن يقيم أداء الأفراد وقدراتهم بصورة مستمرة ويضغط عليهم كي يتغيروا ويتطوروا، وهذا الضغط النافع على حقيقته مهم للغاية وجزء لا يمكن تحاشيه في الإدارة.
-واقعياً لن تستطيع أن تجعل من جميع الموظفين أصدقاء لك، فإن الاستلطاف والميل لبعضهم سيفوق البعض الآخر وسوف تتعاظم روابطك مع عدد منهم دون الآخر ولك أن تتخيل الخراب الذي سوف يعصف بجهودك لإدارة متوازنة لفريق العمل.
تحت هذه المسببات عاجلاً أو آجلاً سيكون عليك اتخاذ قرارات أو إجراءات ضد شخص يعمل معك تتطلب نقدا أو شكل من أشكال العقوبة أو التوجيه الصارم، وبالنسبة لشخص كان يظن نفسه صديقا لك ستكون هذه الأفعال بالنسبة له كنوع من الخيانة وسوف تنهي التزام ذلك الشخص بالعمل.
هل يعني ذلك أن العلاقة بين الرئيس والمرؤوس مبنية على المصلحة والتلاعب فيكون اهتمام الرئيس بالمرؤوس فقط من أجل الحصول على العمل، هل هذا شكل آخر من أشكال الاستغلال وإزاحة العلاقات الإنسانية أثناء العمل؟
يجيب عن هذا عالم الإدارة الأمريكي د."كينت لا ينباك " أن العلاقة بين الرئيس والمرؤوس يجب أن لا تفقد جانبها الإنساني أبداً وإن كانت تركز على مصلحة العمل ، حيث يجب أن تكون ركائزها الاهتمام والدعم للموظف ، إنها أشبه بعلاقة المعلم بطلابه ، أو مدرب فريق كرة القدم باللاعبين ، فالقيادة بشكل عام أقرب لهذه الأنواع من العلاقة والتي لا تتطلب الصداقة بين الرئيس والمرؤوس ولكنها تتطلب علاقة الدعم والمؤازرة والاهتمام ، فالمعلم مطالب بدعم الطالب والاهتمام به ودفعه للتطور والتقدم وتقييمه والوقوف على أخطائه في التعلم وكذلك الشيء نفسه مع مدرب كرة القدم ، إنه يدفع اللاعبين ليقدموا المزيد ولا يتوانى عن الضغط عليهم من أجل أن يحرزوا تقدماً ملموساً في مستواهم محفوفاً ذلك بالمحبة والاحترام والاهتمام.
إن طبيعة علاقة المدير بالموظفين تتمثل بالود والمراعاة، لكن العلاقة ذاتها ليست الهدف الأساسي، يجب أن تكون علاقة صريحة وإيجابية لكن لابد فيها دائماً بشيء من المسافة،خط لا ينبغي أبداً تجاوزه. إذا خلق المدير علاقات هدفها الرئيسي هو ديمومة العلاقة وليس إنجاز العمل فهو بذلك يخلق فخاً سوف يبتلعه عاجلاً أو آجلا .
- إمام المسجد النبوي: الإيمان العميق وحسن الظن بالله هما السر الكامن في ثبات الأمة
- متحدث «الأرصاد»: أمطار غزيرة ورياح نشطة على المملكة قبل دخول الشتاء
- تؤكد التزام المملكة وجهودها في مجال الاستدامة بالقطاع السياحي
- بلدية الخبراء تطرح ثلاث فرص استثمارية
- 5 ضربات ناجحة.. “الزكاة” تتصدَّى لتهريب 313,906 حبوب “كبتاجون” في الحديثة
- خطيب المسجد الحرام الشيخ عبد الرحمن السديس: لا تنجرفوا بأخلاقكم نحو مادية العصر واجعلوا الاحترام أساس علاقاتكم
- الاتحاد الدنماركي لكرة القدم يدعم استضافة المملكة مونديال 2034
- “تفاصيل الغياب” تبهر الجمهور وتثير الإعجاب في جدة
- تركي آل الشيخ يفوز بجائزة الشخصية الأكثر تأثيراً في العقد الأخير من MENA Effie Awards 2024
- هل يوقف العنب الأحمر سرطان الأمعاء؟
- الأرصاد عن طقس الجمعة: أمطار رعدية ورياح نشطة على عدة مناطق
- أمير منطقة حائل يستقبل وزير السياحة
- إدارة تعليم المذنب تحتفي باليوم العالمي للطفل
- حرس الحدود بجازان ينقذ مواطنين تعطلت واسطتهما البحرية في عرض البحر
- تنفيذ حكم القتل تعزيراً بعدد من الجناة لارتكابهم جرائم إرهابية
بقلم : الدكتور خليل الشريف
العلاقة الناجحة بين الرئيس والمرؤوس
02/06/2020 1:59 م
بقلم : الدكتور خليل الشريف
0
730615
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3388244/