تشاؤم المتنبي من عيده الذي يراه لم يأتي له بجديد لايعني قطعًا ان كل عيد لن يأتي بجديد ، على الأقل على الأطفال الذين لاناقة لهم ولا جمل في إحداثٍ لم يصنعوها ولن يترحموا على اطلالها يومًا ما ، فالتشاؤم من امر ما يعني انعدام الاستمتاع بما سواه وتحديدًا مايدور في فلكه الزمني .
نفحات الخالق سبحانه تهطل دائمًا بالنعماء والسراء وتظل تحوم حولنا بالبركات حتى تبتل قلوبنا فتهتز وتربو وتنبت ببهيج الخصال التي نوزعها اخلاقا وسلوكا على ذوي القربى من الشيوخ والنساء والاطفال واليتامى والأيامى والثكالى ، وقد تطال الاجراء والخدم عموما ، ولا تظهر هذه النفس الا في اشد لحظات الحاجة للفرح .
عيدنا هذه السنة من أجمل الأعياد لان انحباس الفرحة بين الجدران يزيد من سخونتها وبالتالي حميميتها وشعور الآخر بها ، تمامًا كانحباس الأزهار ب (فازة) فشكلها يبدو باهيا ورائحتها لاتملها الأنوف ولا تعافها النواظر ، وإذا كنت أجزم بأن عيدنا جميل فبالطبع جماله لن يتأتى من قلوب تحمل همًا أو نكدًا أو انطواء مشاعر ، مالم تكن الاريحية والصفاء والابتهاج مع كل نبضة من نبضات القلب في صباح العيد ؛ وإلا فسيغدو يوم العيد كأي يوم آخر وهذا لايتناسب مع مشروعية العيد وسننه .
في مساء ليلة عيد الحجر المنزلي كل شيء على مايرام : البالوانات تملأ الغرف والممرات ، والزينات تتراقص على الجدران تحركها نسائم المكيفات ، وسفرة العيد محتشدة بالحلوى والمعجنات والتمور وبعضًا من العصائر ، وملابس الأطفال ذكورًا وإناثًا غدت كستائر ناصعة البهاء تزين الأرفف في انتظار مرتاديها بالإضافة لعيديات الأب والام التي خبئت في ركنٍ ما من المنزل كمفاجأةٍ ستثري أنفسهم في الصباح ، وليس ببعيد ستُحرق قطع الأخشاب العطرية المسماة بالبخور لتنفث أنفاسها في فضاء البيت صباح العيد ، ناهيك عن برامج الأيام الخمسة القادمة والتي لن تخلو من الألعاب ومسابقة افضل الاطباق واستعراض مهارات البلايستيشن وألعاب القوى وعند مغيب شمس اليوم الخامس من شهر شوال يرمي الجميع جسده على الأرض بحثًا عن الراحة وكأنما عبر الجميع خط نهاية المضمار بفرح وسرور وبروح رياضية تتقبل النتيجة أيًا تكن.
سادتي و سيداتي : اخلعوا تشاؤم ( كوفيد) وتدثروا بتفاؤل القادم وانهلوا من أفراح اليوم ، فالفرح يكون احيانا كنسمة عابرة قلَّ من يستنشقها قبل أن تمضي ونحن نحتاج لاستنشاق المزيد من النسائم الزكية فلقد فلقت أدمغتنا عواصف الأنباء الكورونية ، فاهنأوا بالعيد رغمًا عن كورونا ، وكل عام وانتم بخير