منذ سنوات طويلة تحاول الصين دعم صورتها الذهنية لدى مختلف دول العالم ، في كونها "صديق يمكن الإعتماد عليه" وبأنها دولة مسالمة لا تتدخل في شئون الآخرين بصفتها قوة عالمية صاعدة، وتعتمد الصين في ذلك على دبلوماسيتها وقوتها الناعمة بالإضافة إلى سياسة دفتر الشيكات والمتمثلة في إعطاء القروض ومساعدات المالية ودعم الدول النامية لتحسين اقتصادها و بنيتها التحتية.
لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ، حيث تواجه الصين حاليا أزمة كبيرة في 2020 تهدد صورتها الذهنية التي ترغب بها ، تمثلت تلك الأزمة في انتشار فيروس كرونا المستجد بيوهان الصينية ومن ثم انتشاره منها إلى مختلف دول العالم.
وقد لاحظ الجميع أنه تم توظيف تلك الأزمة في الحرب الإعلامية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية في تعزيز "الرهاب الصيني" بأمريكا وأوروبا وباقي دول العالم. وانتقد المجتمع الدولي الصين واعتبر تكتم انتشار كورونا لديها في بداياته سببا في انتشار وباء كورونا الذي يهدد حياة وصحة ملايين البشر حول العالم والتسبب في خسائر اقتصادية كبيرة .
وأدى ذلك إلى تزايد وتيرة الانتهاكات العنصرية ضد المواطنين الصينين في بعض الدول .. لدرجة أن بعض الصحف استعملت مصطلح "الإنفلونزا الصينية" بدلاً من كورونا و وصفت المواطنين الصينين بالفيروس.
لكن الصين كعادتها لم تقف مكتوفة الأيدي تجاه تلك الاتهامات، وتحاول حاليا إستغلال الأزمة لتعزيز صورتها الذهنية. وتستخدم الصين حاليا مجموعة من استراتيجيات إدارة السمعة بما في ذلك المسئولية الاجتماعية حيث قدمت الصين 20 مليون دولار لمنظمة الصحة العالمية.
وقدمت مساعدات واطقم وأجهزة طبية لـ 83 دولة ومنظمة دولية لمكافحة فيروس كورونا منها إيطاليا و شيلي والصومال وغيرها , وذلك وفقاُ لتصريحات نائب وزير الخارجية الصيني لوه تشاو هوى.
الإستراتيجية الثانية لإدارة السمعة التي اعتمدتها الصين هي استعادة الثقة بها من خلال تأكيدها على قدرتها على إدارة الأزمة والسيطرة على الأوضاع ، حيث قدمت وسائل الإعلام الصينية مجموعة من الفيديوهات والأخبار المتعلقة بعمليات التطهير التي اعتمدتها الصين بالإضافة إلى بناء مستشفيات لمعالجة مرضى فيروس كورونا في مدة زمنية قصيرة، وكل ذلك في محاولة لإبراز قوة وقدرة الصين وتحكمها بالأزمة.
و تحاول بكين إعادة تسمية نفسها كجزء من الحل وليست سبباً للمشكلة حيث قام تشانغ جون سفير الصين لدى الأمم المتحدة في 3 مارس إلى تصوير الصين ورئيسها شي جين ينغ كقائد مهم في الجهود الدولية لوقف انتشار فيروس كورونا وكتب تشانغ" الصين تقاتل ليس من أجل نفسها فحسب بل من أجل العالم أيضاً". وجاء في الرسالة أن الصين بصفتها ثاني أكبر اقتصاد في العالم تدرك تماماً مسؤوليتها" وبالتالي خلقت الصين من جائحة فيروس كرونا فرصة لتعزيز قيادتها العالمية وتعزيز قوتها الناعمة في الخارج.