رحلة الأدب والفن والفكر مع الأوبئة والأمراض تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، فقد استطاعت أن تصور معاناة البشرية مع الأوبئة والأمراض وبكل التفاصيل (الإلياذة) .
في الماضي السحيق كانت تنسب فيه الأمرض إلى الآلهة والقادة بل والأشباح والأرواح وتختلط فيها الحقيقة مع الأساطير (الخرافات) ! هذه الأمراض والأوبئة التي حصدت مئات الملايين من البشر عبر التاريخ , ما زالت آثارها التراكمية باقية في وجدان الأمم , حيث نجد دائما مع الأمراض تتدفق المشاعر الإنسانية وتترجم من خلال الكتاب والأدباء والمفكرين (الأدب الفن).
الأدب يعكس صوت الإنسان وأداة للتواصل يسجل من خلاله ردة فعله تجاه الأمراض والأوبئة وما تحمله من أحاسيس ومعاني عميقة من (الألم والصبر , الشجاعة والخوف , الأمل واليأس , الضعف والقوة , التحدي والإستسلام , الهزيمة والإنتصار) .
في العصور الحديثة صدرت العديد من الدواوين الشعرية والقصص والروايات مثل (الحب في زمن الكوليرا) , وأيضا المسرح أبو الفنون كان له نصيب مثال ذلك مسرحية (الطاعون) و (العمى) وقد شهدتا انتعاشاً في المبيعات بمكتبات إيطاليا ، منذ اندلاع الأزمة الصحية في العالم ؟! بل نجد أن العديد من الرويات قد وجدت طريقها إلى السينما العالمية وحققت نجاحا كبيرا لأن هذه الروايات غالبا ما كانت تسبق الواقع بسنوات فيلم (المرض المعدي) , وكانت في وقت لاحق تضفي المزيد من المصداقية على (نظرية المؤامرة) ! .
وثق الفنان التشكيلي الهولندي فان جوخ جسد رحلته مع المرض في الكثير من اللوحات التي قام برسمها مثل (لوحة بورتريه الطبيب غاشيه) . في الأدب العربي (ديوان العرب) تحدث فيه العديد من الشعراء العرب عن الأوبئة والأمراض بدءا من وصف الأعراض إلى طرق العلاج وحتى وصف رحلة المعاناة مع المرض بكل تفاصيلها .
في العصر الحديث صدرت العديد من الروايات مثل (الحرافيش) للكاتب نجيب محفوظ , و(يوميات إمرأة مشعة) للكاتبة نعمات البحيري حيث جسدت فيها رحلتها مع السرطان . المسرح العربي في النصف الأول من القرن العشرين سلط الأضواء على الأوبئة والأمراض المعدية مثل (مسرحية هكذا الدنيا) ليوسف وهبي مع فيروس كورونا يبدو أن الوضع (غير) على الرغم من أن الوباء ما زال في بدايته ، إلا أنه ومع ذلك فقد صدرت المئات من الكتب (الجيب) وتتحدث فيها عن المرض وطرق الوقاية والعلاج والغالبية العظمى منها وفق المعايير العلمية (مضروبة) وتبيع الوهم من أجل جني الأموال والشهرة ؟! الشعر أيضا كان حاضرا وبقوة وبشقيه الفصيح والعامي وتجد فيه الغث
والسمين والبليغ والركيك والجاد والهزلي , في الفن التشكيلي حققت لوحة لـ جد عجوز ومعه حفيدته من داخل الحجر الصحى ، حيث يلعب الجد العجوز بالكمانجة وحفيدته تلعب بـ الطبلة فى أحد نوافذ الحجر الصحى فى المنزل إنتشارا واسعا (النت) .
لكن ما زالت الساحة الأدبية في العالم تنتظر الكلمة الفصل من قبل العديد من الكتاب على وزن روايات ومسرحيات وقصائد شعرية ومسرحيات وأفلام سينمائية وبرامج تلفزيونية ولوحات فنية , تجسد المعاناة والحملة العالمية ضد هذا الوحش الكاسر بعد أن يتم الحاق الهزيمة به (يوم النصر) بالكلمة والصوت والصورة والريشة , سواء كان ذلك في العالم المحسوس أو الإفتراضي وبشكل لم يسبق له مثيل.