تكلم العديد من العلماء عن نظريات تخص الجماعات و طريقة تصرفها أثناء الأزمات . قام العالم الفرنسي غوستاف لوبون بدراسة شاملة عن الجماعات وطبيعتها وكيفية توجيهها من قبل السلطة سواء كانت سلطة إعلامية، سياسية، اجتماعية، و قال أن الجماهير هي فئة شغب بطبعها تحب النهب والسلب، بل في بعض الأحيان هي مستعدة أن تقدم تضحيات بلا مقابل، كما يحدث في الجماعات الإرهابية وذلك بسبب ترويج شعارات وأفكار إيمانية على شكل صور معتقدية وخطابات مدروسة، تجعلهم يتحركون ضد السلطة ويغوصون بروح الجماعة دون الوعي لما هم عليه وماهية الخطاب الموجه إليهم، لذلك من السهل تعديلهم وتوجيههم إلى المسار الصحيح في حال كان الخطاب الموجه إليهم سليم في فحواه؛ يقول لوبون أننا لا نستطيع تحريك جمهور إلا عن طريق عاطفته وعاطفته المتطرفة فقط، أي أن نجذبه إلى أحد التيارين، لذلك فالحيادي الموضوعي لا يمكن أن يكون داخل القطيع أبدًا.
منذ بداية أزمة كورونا كانت الشعوب علي وجه الأرض تشحن و بشكل بطيء و سلس ، كقطرات الماء الخفيفة التي تنقر الحجر حتي تقصمه.
هناك من تنبه و هناك من تغافل ، و بشكل متواصل غُذيت الذاكرة الصورية للشعوب لمشاهد المصابين حتى قبعت ذرات الذعر القاتمه في أنفسهم، و مهما حاولنا إنكار هذا المبدأ لكنه قابع هناك في زاوية مظلمة من كل نفس على وجه هذه الأرض التي تضمنا ، و توقفت الحركة و أصبح موضوع كورونا الهاجس الوحيد و الموضوع الموحد على أطباق كل المجالات الموجودة على كل المستويات ، الاجتماعية ، الاقتصادية ، السياسية ، و كأن الحياة توقفت عند هذا المأزق البشري .
يقول أليكس دي فال، المدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي بجامعة تافتس بولاية ماساتشوستس " "من الصعب تجويع شعب يتمتع بقدرة فائقة على الصمود، إلا في ظل حكومة فاشلة تضع سياسات تحرُم الشعب من احتياجاته الأساسية وتسهِم في تدهور البيئة." .
اذا لماذا هذا الذعر الذي نعيشه !!
لماذا الإهمال المتعمد لنداءات الحكومة للبقاء آمنين مطمئنين في منازلنا !
أهو شبح الخوف من المجاعة !
فبحسب بعض النظريات العلمية فإن عقل الإنسان لا يحب التبديلات المفاجئة، ووظيفته ضمان عدم دخولك في مرحلة المجاعة على الإطلاق وضمان سير كل الأمور كما يجب في الجسد . العقل هو الجزء الذي يتحكم بكل شيء من الهرمونات إلى الأعضاء إلى الآلية التي يعمل بها جسدك. وبالتالي الشعور بالجوع حينها يدخل العقل مرحلة التأهب.
و عندما يبدأ الإنسان بحمية مثلا يبدأ الجسم بالتعويض عن النقص الحاصل وعن العدد القليل من السعرات الحرارية التي يتم استهلاكها. وبالتالي فإن العقل يفسر الأمر على أنه فترة مجاعة ، فيبدأ الجسم بتخزين المزيد من الدهون لمواجهة المستقبل.
الصورة بسيطة للغاية، هذا ما يحدث الآن
تكديس للمواد الغذائية و برغم التنبيهات الحكومية و محاولة تطمين الشعب بأن كل شيء علي ما يرام و لكن مازال الناس يخزنون الأغذية بصورة غريزية , برغم التنبيهات المستمرة من جميع الوزارات بجاهزيتها الكاملة لإحتواء هذا الموقف.
وزارة التجارة و الزراعة و عبر القنوات الرسمية أوضحت و بالأرقام و الصور بأننا في غنى بعد الله و أننا نستطيع إمداد دول أخرى بالغذاء إذا احتاج الأمر و كانت وزارة الصحة ومرورا بكل كوادرها من أكثر الدول تقدما و رقيا و جاهزية لعرض خدماتها الصحية المجانية لمواطنيها و كل المقيمين على أرضها و كان النظام الأمني من أكفأ الأنظمة التي حافظت على راحة و طمأنينة الجميع.
كانت الحكومة السعودية حفظها الله من أول الحكومات حول العالم الأكثر شفافية و تنظيماً حيث وضعت المواطن و المقيم بالصورة لحظة بلحظة , وملكاً كان صريحاً وقف أمام الجميع كان أبا حانيا و يدا قوياً و سدا منيعا بعد الله ليخبر المواطن أنها أزمة و لكن ستمر لأننا معاً.
لماذا بعد كل هذا يستمر من يستمر بالتهاون فلتطمأنوا و لتهدأ نفوسكم فبعد الله نحن بأيد أمينة.
التعليقات 3
3 pings
عبدالرحمن القراش
27/03/2020 في 6:23 م[3] رابط التعليق
وفقك الله
قلم جميل ، وألفاظ أجمل، وفكر فائق الجمال.
(0)
(1)
ابو الوليد
27/03/2020 في 7:00 م[3] رابط التعليق
ابدعت الكاتبة الأستاذة سحر في المقال
وكان مقال شامل ومحتوى مميز
نسال الله ان يحمينا ويحمي جميع المسلمين
(0)
(1)
ام مهند
28/03/2020 في 6:05 م[3] رابط التعليق
مقال رائع يصف واقعنا
وليس بجديد على الأستاذه ام عامر الاسلوب الرائع والاسترسال بوصف ما يمر به المجتمع
الشخص المناسب في المكان المناسب
(0)
(0)