كوارث وحوادث المركبات تزداد يومًا بعد يوم، بل ساعة بعد ساعة؛ فدموع تُذرَف، وأرواح تُزهَق، وزوجات تُرمَّل، وأطفال يُيَتَّمون، وإعاقات جسدية، وخسائر وتلفيات وأحزان ورغم كل ذلك إلا أن الإحصائيات المخيفة ، والأكثر عجباً أن بعض الناس يضربون بها عرض الحائط دون مبالاة بالآخرين ولا حتى بأنفسهم !
المملكة العربية السعودية من البلدان الأكثر ارتفاعًا من حيث إحصائيات الحوادث المرورية للمركبات؛ فأرقام الحوادث تزداد كل عام إذ جاءت المملكة في المركز الثاني عربيًّا والـ23 عالميًّا في عام 2016م، ناهيك عن الخسائر المادية التي تجاوزت ملايين الريالات.
لا شك أن السائق هو من يتحمل الجزء الأكبر من تلك الحوادث؛ فالقيادة الهمجية والسرعة الجنونية واستخدام الجوال أثناء القيادة وإهمال إجراءات السلامة للسيارة من أهم الأسباب التي تشكل النسبة الأكبر في ارتفاع الحوادث المرورية بالسعودية .
مبادرة "الله يعطيك خيرها" سابقاً و التي تبنتها جمعية الأطفال المعاقين مشكورين ساهمت إسهامًا مقبولًا في تراجع نسبة الحوادث المرورية نحو 8% في الربع الأول من عام 1438هـ مقارنةً بالربع الأول من عام 1437هـ، إلا أن المبادرة لم تحقق المأمول والإحصائيات المتوقعة. الأهم أن السائق يجب أن يستوعب تلك الرسالة ويعمل على تنفيذها أثناء قيادة المركبة. وهذا ما يجعلنا نفكر في زيادة مبادرات ورسائل توعوية أكثر وأكثر لنصل إلى الوعي الأكبر لعلنا في يوم من الأيام نكون -على الأقل- مثل دول الجوار الشقيقة في مفاهيم السلامة لقيادة المركبة.
ألا يمكن أن تكون السلامة المرورية ضمن برامج وزارة التعليم في الأعوام القادمة لغرس مفهومها منذ سن الثانية عشرة بدلًا من تضييع ساعات فيما لا يفيد الطلاب مستقبلًا ؟
ألا يمكن زيادة مراكز التدريب ووضع إجراءات نظامية دقيقة بعد قرار سماح المرأة بقيادة السيارة لان العبء أصبح أكبر وقوائم الانتظار زادت عن الحد المعقول ؟
ألا يجدر بنا أن نبدأ في وضع عقوبات وغرامات صارمة جدًّا في حق الهمجيون وأصحاب العقول الناقصة عند قيادتهم المركبة وما يسببونه من ضحايا وخسائر بشرية ومادية؟
رغم كل الحملات والرسائل التوعوية وتسخير كل وسائل الإعلام للنهوض بالسلامة المرورية والوصول -على أقل تقدير- إلى تقليل الحوادث المرورية
إلا أننا وجدنا أنفسنا مع الهمجيون على قولة المثل: "كأنك تنفخ في قربة مخروقة"
لا بد من وقفة جادة مع أنفسكم وإدراك الأمر . فأرواح البشر ليست أرخص من مجرد وصولك إلى الموعد أو المكان الذي ترغب فيه في أسرع وقت ممكن، ولا هي أرخص من استعراض مهارات قيادتك الجنونية وفرض عضلاتك بالتجاوزات الغير نظامية والتي أتسأل ويتسأل الأكثر ما الفائدة من هذا الاستعراض الجنوني في النهاية !
لا بد من الرقابة الذاتية مع أنفسكم ، فهناك أسر وأبناء ينتظرون دخول الفرحة على قلوبهم برجوع أب أو أخ أو عم أو خال. لا بد من وضع أهداف استراتيجية بمشاركة كافة القطاعات الثلاثة ، نتفق وجود أنظمة قللة من بعض المخالفات المرورية ولكن نحتاج جهد أكبر وخاصة مع هؤلاء الهمجيون على الطرق السريعة .
لابد من الإحساس بالمسؤولية ووقف نزيف الدماء وازدحام الطرق بأشلاء المركبات المهشمة. الأمر يزداد سوءًا في كل عام ! فالهمجية في قيادة المركبة أصبح – ويا للأسف - سلوكًا دائمًا ومستمرًّا عند بعض أفراد المجتمع، وعلى المتضرر قبول ذلك السلوك السلبي ! ودمتم سالمين.