المفاوضات السياسية (السردية) بين مصر والسودان وأثيوبيا حول حصة مصر والسودان من مياه نهر النيل تستمر وبدون أي نتيجة تذكر , وها هي سوف تنتقل الى الولايات المتحدة الأمريكية , و في حال التوصل لأي إتفاق (مشروط) سوف تكون إسرائيل هي الرابح الأكبر , سوف يكون لها حصة من مياه نهر النيل , وإلا فسوف تستمر المفاوضات إلى مالا نهاية .
إثيوبيا في سباق مع الزمن وقد قطعت مشوارا كبيرا في بناء السد (70%) , ويبدو أن مصر الآن إعترفت بالأمر الواقع وبدأت بالبحث عن البدائل , بدءاً من إعادة تدوير مياه الصرف الصحي وإستخدامها في الشرب والأغراض المنزلية الأخرى , كما صرح بذلك الرئيس المصري في أكثر من مناسبة , أو فليشرب الشعب المصري من مياه البحر كما يقول وزير الري المصري بإستثمارات تصل الى أكثر من (50) مليار دولار حتى عام 2037م (محطات تحلية) يعني بعد خراب مالطة , والذي بدوره إعترف بأن مصر في وضع مائي حرج ؟! بل بدأت الآن في تقنين زراعة بعض المحاصيل التي تتستهلك كميات كبيرة من المياه مثل الأرز والبديل هو الإستيراد ! لندع هذا جانبا ولنتطرق للكارثة (القنبلة المائية) التي سوف تمسح السودان ومصر عن الخارطة الدولية .
الأرض التي أقيم عليها السد أرض غير صلبة (هشة) وفيها فوالق متحركة وليست ساكنة وتنشط فيها الزلازل (4) ريخترر , وعلميا لا تصلح أرض بهذه المواصفات لبناء السدود عليها بل ويمنع البناء عليها بتاتا , وقاعدة السد وارتفاعه وكمية المياه المخزنة فيه تعادل أضعاف السد العالي , بل تم زيادة ارتفاع السد على نفس القاعدة الحالية كي يستوعب كميات مضاعفة من المياه , ويوجد السد في أسفل المنحدر مما يجعل الإستفادة منه في المجال الزراعي أمر مشكوك فيه , ناهيك عن أن موقعة عند نهاية الحدود الأثيوبية وقريبا من الحدود السودانية (25) كم من أجل (الإبتزاز السياسي) , وكما هو معروف فإن السد يجب أن يكون في بداية المصب في البلد المقام فيه حتى يتم الإستفادة منه زراعيا وليس عند نهاية حدود الدولة ! من الأخطاء الفنية أن السد لم يتم وضع (الردم) من الحجارة خلف السد كي يساعد على إسناد الجدار في مواجهة الطغط الهائل للمياه .
على كل فإنه في حالة إنهيار السد بعد إمتلائه سواء لأسباب جولوجية أو بفعل فاعل مثل أحداث 11 سبتمبر أو تخطيط قد تقف وراءه دول كبرى عن طريق طائرات مسيرة أو قنابل تنفجر لحظة ملامستها لجدار السد , وقتها سوف تنطلق مئات المليارات من الأمتار المكعبة من المياه بسرعة (200) كم في الساعة (تسونامي) وسوف يصل الى مدينة الخرطوم بارتفاع (16) متر تقريبا , ومنها سوف ينطلق الى مصر ولن يستطيع السد العالي تحمل هذا الكم الهائل من المياه وسوف ينهار , فتنطلق المياه الهائلة لتغرق كل المدن والقرى الواقعة على جانبي النيل بما فيها القاهرة (93٪) من سكان مصر .
مع سد مأرب كان يطلق على اليمن (اليمن السعيد) , وبعد إنهياره لم تعد لليمن قائمة وتشتت القبائل في الجزيرة العربية وبلاد الشام والعراق , ومصر هبة النيل سوف يباد عشرات الملايين من سكانها كما هو حال السودان (الطوفان) , وسوف تتحول أراضي الدولتين لصحاري قاحلة إلا من ( ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ ) , لا أعرف إذا كان هناك بشر سوف يبقون على قيد الحياة أم لا ؟! لقد أعجبني التصريح الذي أدلى به الرئيس السوداني السابق الفريق عمر البشير عندما قال : سد النهضة أصبح واقعا لا مفر منه والمطلوب منا هو أن نعمل معا لمواجهة المخاطر التي سوف تترتب على بناء السد .