بإلقاء نظرة تاريخية على فترة الوجود العثماني في الحقبة الغابرة في بعض أقاليم جزيرة العرب ، وهو وجود جزئي تظهر لنا قصة صراع نوعي فريد دونتها مصادر التاريخ بكل تجرد وحياد تصريحاً كان أم تلميحاً وذلك عبر سجلات التاريخ ومحفوظاته تكمن أهمية هذا الصراع في كونه حالة نوعيه فريدة إذ أنه صراع أحادي غير متكافئ بين قبيلة ودولة شعوبية حيث الفاشية العثمانية وأعوانها وأدواتها التي زُرعت في بلاد العرب وقبيلة بني رشيد التي ظلت سداً منيعاً في وجه التمدد العصملي في بعض الأقاليم الهامة مثل منطقة المدينة المنورة ومحاولة التمدد شمالها وخيبر وحائل،امتد هذا عبر عدة قرون إذ ظلت قبيلة بني رشيد خصماً لدوداً للأتراك وخنجراً في نحورهم طوال فترة وجودهم، وفي صراع دائم وحرب ضروس لم تستكين إلا بخروج العثمانيين مطرودين من جزيرة العرب بقيام الثورة العربية الكبرى المباركة لن نستطيع أن نُعدد أو نشرح تلك الوقائع التاريخية والإلمام بها على وجه الدقة غير أن مصادر التاريخ لم تدع لنا مجال للأجتهاد في هذا بما فيها وثائق العثمانيين أنفسهم وشهاداتهم المؤرخة ، حتى أنهم بلغوا من العداء والكراهية أن صنفوا قبيلة بني رشيد من قبائل اللاوفاق و وهو مصطلح أطلقه العصملي على بعض قبائل الحجاز المُمانِعة والمُناهضة لهم الخارجة عن طاعتهم ذكر ذلك التصنيف والتمييز العنصري أكثر من مؤرخ ورحالة أجنبي زار المنطقة من أشهر هؤلاء الرحالة المؤرخ البريطاني تشارلز داوتي الذي زار المنطقة سنة ١٨٧٦م ، بل وذهبوا إلى أبعد من هذا و بلغ الأمر إلى أن وصف العصمليين ومطاياهم من بعض القبائل المُهادنة المنقادة لهم خصومهم الرشايدة الخارجين عن طاعتهم والمتمردين على سلطتهم بأقبح الأوصاف و وصمهم بألقاب مؤدلجة ذات نفس سياسي عرقي تُنمي الكراهية بين أفراد المجتمع الواحد أصحاب الأُرومَةِ الواحدة ظهر ذلك لأول مرة في خطاباتهم ووثائقهم الرسمية إذ كانت تلك سياسة عصملية خبيثة الهدف منها محاولة النيل معنويا ًمن خصومهم الرشايدة وزحزحتهم نتيجة موقفهم العدائي القائم طوال أربعة قرون سنحاول إبراز شيء من ذلك بإيجاز بذكر بعض المحطات التاريخية و والوقائع الهامة بموجب مصادر تاريخية محايدة
حيث يظهر جلياً أن الرشايدة أكثر وأجسر القبائل العربية مقاومة للمد العثماني في بلاد العرب سواء في الجزيرة العربية (الحجاز ونجد) أو في أقاليم وبلاد عربية أخرى، إذ كانت قبيلة بني رشيد، تعيش في حالة صراع دائم مع الدولة (الإمبراطورية العثمانية) صاحبة النفوذ في المنطقة وذلك في القرنين الثاني والثالث عشر الهِجْرِيَّيْن، هنا نذكر بأختصار شيئاً من هذه الأحداث التاريخية والوقائع الهامة:
•في سنة ١٨١٤م، يذكر المؤرخ السويسري جون لويس بوركهارت، صاحب كتاب ترحال في الجزيرة العربية، موقعة عظيمة حدثت شرق المدينة المنورة، بين قوات التركي طوسون باشا و قبيلة بني رشيد.
•المؤرخ جنس هرفود في كتابه موجز لتاريخ الوهابي ص١٨٩، دوّنَ معركة كبرى لقبيلة بني رشيد العبسية بتاريخ، جماد الأخرة ١٢٣٠هـ، عندما غزاهم أحمد طوسون باشا ١٨١٥م، حيث سَيَّرَ ٢٥٠ من الفرسان وكتيبة من المشاة لمهاجمة قبيلة بني رشيد في نجد،المناوئة للإمبراطورية العثمانية جرت معركة طاحنة أتت بأخبارها مصادر التاريخ (هرفود+بوكهارت).
•المؤرخ الفرنسي هوبير ذكر أنه في سنة ١٢٥٤هـ، خرج من المدينة المنورة ١٥٠ من الخيّالة الأتراك،بقيادة محمد خورشيد باشا وقابلهم حاكم شمر عبدالله بن رشيد الشمري في بلدة المستجدة في منطقة حائل ونجح بالأتفاق معهم بمهاجمة قبيلة بني رشيد بهدف الأستيلاء على خيلهم الأصيلة ونجائب الإبل التي كان يشتهر بها الرشايدة حيثُ دارت حرباً ضروس، لا تزال تداعياتها قائمة حتى عهد قريب.
•جاء في كتاب ملكية الأراضي في متصرفية القدس ١٨٥٨-١٩١٨م ، مانصّه : " لقد ضرب إبراهيم باشا قبيلة الرشايدة وأضعف نفوذها بسبب مؤازرتها للثوار ... ". فيتضح أن الفاشية العثمانية عملت هنا وهناك سياسياً وإجتماعيا على تقويض دور قبيلة بني رشيد في فلسطين بسبب مقاومتها للوجود العصملي الذي أخذ طابع التترك العنصري.
•تشارلز مونتاجو دوتي Charles Montagu Doughty ، مؤرخ إنجليزي،مؤلف كتاب Travels in Arabia Deserta،المنشور سنة ١٨٧٦م،دوّنَ من واقع مُعايشة أحداث جِسام في جزيرة العرب،واصفاً قبيلة بني رشيد بألد أعداء العثمانيين وأكثر قبائل(اللاوفاق)التي عانت بسبب الحصار والمقاطعة التاريخية المفروضة عليهم من قِبل الأتراك الفاشيين وأعوانهم في المنطقة القبائل المنقادة للترك من هذه النصوص التاريخية التي تبرز هذا العداء التاريخي قوله :
التقينا واحداً من الرعاة وهو يسوق إبله في اتجاه الماء وحييناه - " سلام! ويا أنت من هم الأعراب الذين يسكنون في المنطقة التي جئتم منها؟ " - رد علينا الراعي رداً صريحا، " أنا رجل من قبيلة حرب، أسكن مع هذا الفريق (الجماعة)، وهم من بني رشيد. " - بدأ عياد العنزي يتشكك! لأن هذا الرجل لوكان من جماعة قاسم بن براك ( أعداء الدولة في خيبر) لشكل خطرا بحق وحقيقة " . أنتهى، ويقصد بقوله جماعة قاسم بن براك أي قبيلة الشيخ قاسم بن براك شيخ بني رشيد، أعداء الدولة العثمانية في خيبر. ومن النصوص التاريخية التي تُجسد هذا العداء الأزلي الذي كان على أشده بين قبيلة بني رشيد العبسية والإمبراطورية العثمانية في المنطقة ماذكره شيخ بني رشيد الشيخ قاسم بن براك الرشيدي، أثناء لقائه داوتي، حيث ذكر داوتي ماجرى بينهم من نقاش بقوله :"ثم عاد وجلس في الخيمة،ووجهه يظهر عليه البشر والسرور."قال جاسم، من الذي سيقوم الآن ويحضر لنا البن كي نصلح فنجالاً لهذا الغريب؟-مااسمك؟" -"خليل."- "حسن،قل لي ياخليل، ماالذي يمكن - أن أفعله في مثل هذا الحال، لأني أقسم بالله،أني حائر لاأعرف ماذا أفعل؛ إن مابيننا وبين أهل خيبر والإمبراطورية العثمانية هو النزاع بعينه وقطع الأزوار.....؟"
هذا النزاع التاريخي الممتد عبر عدة قرون كان نهايته بقيام الثورة العربية الكبرى(١٩١٦-١٩١٨م)التي كان للرشايدة فيها نصيب الأسد كما جرت العادة في تاريخ صراعهم مع العثمانيين بالقضاء على قادة الأتراك البارزين : ١- حميد بك ذراع فخري باشا و رفيق القائد ابن ليلى أرسله فخري باشا لنجدة إمارتهم المتهالكة في حائل وفِي طريقه إلى حائل قتلوه فرسان الرشايدة بزعامة الشيخ هديبان المهيمزي الرشيدي كما يظهر في رسالة الشريف عبدالله الموجهه لأبيه الملك حسين؛ من كتاب الثورة العربية الكبرى ١٩١٦-١٩١٨م .
٢-تمكن الرشايدة من القضاء على أبرز قادة الأتراك في تلك الفترة وهذا مالم تستطع فعله أيّة قوى أو قبيلة عربية أخرى ولاحتى بعضه، حيث تمكن بني رشيد من قتل القادة الأتراك؛ غالب بك،عثمان بك، حميد بك، أشرف بك،كل ذلك في فترة وجيزة متقاربة تزامناً مع قيام الثورة العربية الكبرى(١٩١٦-١٩١٨م)، بحسب مانُشر في مجلة القبلة عدد٩١ بتاريخ٩ رمضان ١٣٣٥هـ، نقله و حققه الباحث التاريخي عبدالرحمن خلف الشويلعي، أن مثل هذا العداء وهذا الموقف التاريخي العظيم ضد الإمبراطورية يجب أن لا يمر مرور الكرام، أو يُستثنى من صفحات التاريخ الحقيقي الموثق والمُدون في زمانه، دون ذكر.
- إمام المسجد النبوي: الإيمان العميق وحسن الظن بالله هما السر الكامن في ثبات الأمة
- متحدث «الأرصاد»: أمطار غزيرة ورياح نشطة على المملكة قبل دخول الشتاء
- تؤكد التزام المملكة وجهودها في مجال الاستدامة بالقطاع السياحي
- بلدية الخبراء تطرح ثلاث فرص استثمارية
- 5 ضربات ناجحة.. “الزكاة” تتصدَّى لتهريب 313,906 حبوب “كبتاجون” في الحديثة
- خطيب المسجد الحرام الشيخ عبد الرحمن السديس: لا تنجرفوا بأخلاقكم نحو مادية العصر واجعلوا الاحترام أساس علاقاتكم
- الاتحاد الدنماركي لكرة القدم يدعم استضافة المملكة مونديال 2034
- “تفاصيل الغياب” تبهر الجمهور وتثير الإعجاب في جدة
- تركي آل الشيخ يفوز بجائزة الشخصية الأكثر تأثيراً في العقد الأخير من MENA Effie Awards 2024
- هل يوقف العنب الأحمر سرطان الأمعاء؟
- الأرصاد عن طقس الجمعة: أمطار رعدية ورياح نشطة على عدة مناطق
- أمير منطقة حائل يستقبل وزير السياحة
- إدارة تعليم المذنب تحتفي باليوم العالمي للطفل
- حرس الحدود بجازان ينقذ مواطنين تعطلت واسطتهما البحرية في عرض البحر
- تنفيذ حكم القتل تعزيراً بعدد من الجناة لارتكابهم جرائم إرهابية
بقلم_ناصر بن نوران بن عجوين الرشيدي
بنو رشيد.. والإمبراطورية العثمانية
11/11/2019 1:11 م
بقلم_ناصر بن نوران بن عجوين الرشيدي
11
620308
(5)(23)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3354049/
المحتوى السابق المحتوى التالي
×
تم تعطيل التعليقات
التعليقات 11
11 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
بن سيحان الرشيدي العجرمي
12/11/2019 في 7:39 ص[3] رابط التعليق
شكرا لك على المجهود
(0)
(2)
غير معروف
12/11/2019 في 1:52 م[3] رابط التعليق
لم تذكر المراجع التي استندت عليها
(3)
(1)
معروف
14/11/2019 في 8:32 م[3] رابط التعليق
كيف لم يذكر المراجع ؟!!!
الكاتب في كل جزئية أستشهد بمرجع.
أما من على رأسه بطحى ويتحسسها ، فهذه ليست مسؤولية الكاتب.
(0)
(6)
غير معروف
13/11/2019 في 2:43 ص[3] رابط التعليق
ونعم في رشايدة مافي مقارنه بينها وبين الجيش العثماني اذا رشايدة انتصرت في واحدة وأكيد أنهزمت وأنا ما أقلل في رشايدة بالعكس ونعم في من المبالغة فا أنت قللت من ابن رشيد حاكم الجبل ونجد وابن رشيد تحته جيش و أسلحة وتنظيم و ذكر رشايدة في الكتب قليلة حداً
(2)
(4)
عبيدالله ابن معرور
13/11/2019 في 4:14 م[3] رابط التعليق
مقال رائع ودامغ
لا فض فوك استاذ ناصر بن عجوين
شاكرين لك الجهد المقدر.
(0)
(2)
amaal
15/11/2019 في 6:35 م[3] رابط التعليق
معلومات قيمة مستندة على وقائع تاريخيه ومراجع..
قبيلة بني رشيد كانت ومازالت قبيلة عربية أصيلة حجر عثره عند كثير من المناهضين لها
(0)
(3)
فهد بن معيلي
17/11/2019 في 4:31 م[3] رابط التعليق
شكرا بالاستاذ ناصر ابن عجوين على جهودك
(0)
(0)
الوافي
17/11/2019 في 11:31 م[3] رابط التعليق
قبيلة بني رشيد من اقرب القبائل المواليه للملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن ال سعود وناصروه حتى قامت الدوله السعوديه الثالثة. فهم ايظاً الذي ناصرم. امير الكويت مبارك الصباح ان ذاك. الوقت في استعادت الحكم وانتزاعه من اخوته حينما نشب الخلاف بينهم. وهذى لا يعني تقليل شان اي قبيله كانت في شبه الجزيرة العربيه لاكن. على ذكر هذى المقال ذكرنا ما لديناء والنعم بجميع الشعوب والقبائل
(0)
(4)
غير معروف
18/11/2019 في 1:41 م[3] رابط التعليق
السلام عليكم
(0)
(0)
انا
24/11/2019 في 8:58 ص[3] رابط التعليق
بني رشيد القبيلة العربية الحرة التي لم تخضع لم تاخذ او توالي رغم انفها كما فعلت بعض القبائل
،،
وهذا ماجعل البعض يشعر بعقدة النقص
ولم يكن لديهم حيلة سوى تزوير تاريخها او التشكيك فيه
كل ماحاول تفشل محاولاتهم بوجود الكتب الغربية التي كانت تنقل الحقيقة بعينها ومن ارض الواقع بخلاف العرب الذين ينكرون بعض تاريخهم المشرف نكايه بالرشايدة ولطمس تاريخهم المشرف ونسبهم العريق
عبس من تاريخها الناس محتره
من فعايلها ماتحصى غنايمها
العدو تشوفه اصغر من الذرة
دون هيبة مجدها مايساومها
وكل القبايل لها في طريق العز
جره
وعلي قولة مساعد الرشيدي
زعيم الشعر
مدحي لربعي مايذم الاكاريم
(0)
(1)
غير معروف
30/11/2019 في 3:05 م[3] رابط التعليق
رفع الله قدرك
(1)
(0)