تسير غالب أمور الحياة على وتيرة واحة منتظمة وفي معدل تغيير بسيط لا يلفت النظر وغالبًا ما يتصف هذا السير بالبطء والهدوء حتى تأتي مبادرة قوية تدفع بهذا المسير إلى الأمام بسرعة هائلة تختصر الوقت والجهد ... هذه بكل بساطة ما أحدثته الرؤية الرائدة -رؤية المملكة 2030- في مختلف القطاعات ومجالات الحياة في المملكة ، والحديث هنا عن الرؤية ودورها بشكل عام لا تسعه صفحة أو بضع صفحات بل إن أثرها القريب والبعيد أعدت وستعد له الكتب والمؤلفات التي ستجتهد في تغطية هذا الأثر .
إن الرؤية المباركة وضعت بالاعتبار الوصول إلى أعلى مستوى للجودة في جوانبها الثلاثة : الجودة على مستوى الفرد ونجدها في برنامج مثل تنمية القدرات البشرية وتعزيز الشخصية الوطنية ودعم مساهمة المتطوعين في المجتمع ، وثانيًا الجودة في المؤسسات ونجدها في برامج تطوير القطاعات وبرامج خدمة الحجاج والمعتمرين ‘ وأخيرًا جودة الحياة والتي ترتكز على برامج تحسين نمط حياة الفرد والأسرة وبناء مجتمع متزن .
وبتخصيص الحديث عن القفزة الكبيرة التي أحدثتها الرؤية في القطاع الحكومي (العام) وبشكل خاص في مجال الجودة والتميز المؤسسي والتطوير والتحسين المتسارع في الخدمات والمنتجات أصبح هذه التوجه واضحًا ومتناسقًا مع ما تطمح له القيادة من خلال مستهدفات الرؤية فأصبحنا نرى أغلب القطاعات تحرص على أخذ انطباعات المستفيد (العميل) بعد تقديم الخدمة له وتطلب ملاحظاته ومقترحاته وتدون شكواه وتسعى لحلها سريعًا ؛ بعد أن كانت هذه الممارسة حكراً على القطاع الخاص وتعد هذه العملية أحد أهم مبادئ الجودة ( التركيز على العميل ) والتي من خلالها تقف المؤسسة على جودة المنتجات والخدمات التي قدمتها ومدى رضا المستفيد عنها وما هي متطلبات رضاه عن الخدمة مستقبلا والعمل على التطوير والتحسين المستمر حتى نصل إلى مرحلة نتجاوز فيها توقعات المستفيد لتحقيق أكبر قدر من الرضا والسعادة .
ومن أوجه الجودة الممارسة فعليًا في القطاع العام النقلة الكبيرة نحو أتمتة الإجراءات والعمليات والتحول نحو المعاملات الإلكترونية عبر الإنترنت وتطبيقات الهواتف الذكية والتي تمكن هذه المؤسسات من تقديم الخدمة للمستفيد في أي مكان ودون الحاجة لزيارة المؤسسة أو الإدارة المعنية حيث يقوم المستفيد بإنجاز كافة احتياجاته وهو في منزله أو عمله ، فعن تجربة شخصية قمت بثلاث عمليات حصلت من خلالها على الخدمة التي طلبتها عبر تطبيق وزارة الداخلية الإلكتروني ( أبشر ) على الهاتف الذكي وذلك أثناء انتظاري في السيارة وفي أقل من 15 دقيقة بعد أن كانت تحتاج مني على الأقل لثلاثة أيام عمل وملف يجمع عدد لا بأس به المستندات الأصلية وصورة منها ورحلات متواصلة بين الإدارات المعنية ومراكز النسخ والتصوير والبنوك وغيرها .
إنها ولله الحمد والمنة ممارسات تبعث على السعادة وتبشر بمزيد من الخطوات الكبيرة نحو أعلى معايير الجودة تصل بهذا القطاع الحيوي إلى التميز المؤسسي حيث نطمح أن تكون خدماتنا ومنتجاتنا في المملكة العربية السعودية قريبًا معيارًا إقليميًا وعالميًا للجودة .
الكاتب : وليد عبدالله الدوسري
مدير الاستراتيجية والتميز المؤسسي
جمعية البر بالمنطقة الشرقية