من المؤكد أن المصالح تجمع الفرقاء، وكذلك تفرق الأصدقاء أيضاً، وهذه قاعدة حياتية لا غبار يعتريها، خصوصاً في العلاقات الاجتماعية. فكلما ارتفع ثمن المكسب وزادت فائدة المصلحة، تأخرت المبادئ والقيم، بل وربما تُلغى بالكلية، ومن يقرأ العلاقات الدولية، خصوصاً العلاقات الدبلوماسية للدول الرأس مالية يجد ذلك جلياً واضحاً. وعلاقات الأفراد ليست بمنأى عن هذا المنحنى. وفي خضم هذه التوجهات، يجد المرء نفسه أمام حيرة كبيرة، منبعها القيم الاجتماعية، وأولها الصداقة والصدق. واعتقد أن تلك الحيرة تعود إلى اللبس عند البعض في التفرقة بين المعرفة والصداقة! فللصداقة احتياجاتها، وللمعرفة مبرراتها!
إن إيمان الإنسان بالقيم التي على أساسها نشأت العلاقات الإنسانية بين الفرد والفرد، وبين الفرد والمجموعة، هو معيار ليس ثابت عند الجميع، فما تراه جرماً أخلاقياً، يراه غيرك أمراً يمكن تجاوزه بسهولة عندما يتعارض مع مصلحته الخاصة، وربما ثقافته أبلغته بذلك، ولذلك، أتصور أنه ليس من الصواب أن يظل أحدنا لواماً على كل حال، لمن خالف ثقافته. ومن هنا كان صواباً جداً إطلاق المناشدة لحوار الحضارات والأديان لتعزيز التقارب بين الأمم ونبذ الخلافات، التي أنبتت الكراهية وخلفت الإرهاب والدمار في أجزاء متفرقة من العالم، والتي منها انطلق شعار( من لم يكن معي، فهو ضدي).
إن المتأمل في أوضاع مجتمعاتنا العربية اليوم ليعجب أشد العجب!
ففي الوقت الذي تجمعنا لغة واحدة، وتضاريس متقاربة، وكذلك ثقافة وإرث حضاري يلتقي في كثير من الخطوط، أقول وبالرغم من كل ذلك، نجد التناحر والقتل والدمار، لغة تكاد تكون مسيطرة في أمكنة كثيرة في مجتمعاتنا، نتج عنها دول عربية بلا رئيس، ودول فاقدة لقرارها السياسي، وأخرى التحفت الفقر، وتزينت بالتخلف التنموي، والجهل والأمراض، لأنها أعتلت موجة الانفرادية، ورفض الآخر، وجعلتهما واجهةً للغة الحوار، فكانت تلك مخرجاته. بينما نجد في أماكن أخرى من العالم لا تمتلك ما نملكه من نقاط التقاء، ورغم ذلك، جاءت لغة حوارهم، تقبل الآخر، بكل مكوناته الثقافية والعرقية.
تلك هي مشكلتنا التي لم نعترف بأنها مشكلة منذ البداية، حتى استفحلت وأصبحت معضلة استحال حلها، فإلى الله المشتكى، وعليه التكلان.
بقلم: مشعل بن حميدان الصبحي
@mshalalsobhe20