قرات خبرا عن تنفيذ معهد الإدارة العامة لدورة تدريبية لجملة
من الموظفين عنوانها " سعادة العملاء " أثارني عنوان الدورة
اكثر من اثارت خبر زيادة ضريبة القيمة المضافة بنسبة ٥٠%
للمنتجات التي تحتوي على إضافات سكرية الذي صدر عن
الهيئة العامة للزكاة والدخل .
الشقيقة الإمارات كانت هي الشريكة في صنع هذه الدورة حيث
كان الإماراتيون يجالسون أشقاءهم السعوديون في قاعة التدريب
فانعقاد الدورة كان ضمن برامج مجلس التنسيق السعودي والإماراتي .
سعادتي بإقامة دورة من هذا النوع ليست نابعة فقط من أهمية شراكة الإماراتيين فحسب - الذين سبقونا بأميال في هذه النواحي - ولكن لانها دورة نوعية إذا ماطبق موظفونا أدبياتها وتشربوا معنى إسعاد العميل
فسيغدوا العميل ويروح في ربض من الهناءة طيلة وجوده في الإدارة الحكومية .
إسعاد العميل مفهوم يعني ان ترضي العميل حتى يتحقق له الرضا التام عن الخدمة وبالتالي يسعد ويسر لان انسانيته معتبره ومواطنته مقدره وسنه موقر ومعاملته منجزه وكل ذلك تم بابتسامة جميلة وترحاب مفعم بالود من موظفي المصلحة .
دعوني هنا اعود للخوض في مفهوم رضا العميل الذي لازلنا نتباها بأدبياته المتقادمة وسأروي لكم حادثتين وقعتا في الأسابيع الماضية في مركزين
صحيين يتبعان لوزارة الصحة : ففي المركز الأول ذا المبنى الحكومي الذي يفتح ابوابه طيلة ٢٤ ساعة ، دخلت اليه انا وقريب لي وكانت أبنة القريب تعاني من سخونة وزكام يعني إنفلونزا موسمية ، المركز كان يعج بالمرضى رجالا ونساء
ولم يكن به سوى طبيبين ؛ عند الرجال واحد وعند النساء الثاني وبضع ممرضات أجنبيات يتحركن بهمة شرق آسيوية في ردهات المركز وصيدلي وممرض سعودي يتحرك بصمت دون ان يأبه بكلمات السخط التي تقذفها السنة المرضى وملامح الشحوب والغلظه التي تلازم وجوههم ؛ أما المدير المناوب فهو يتفرد بكرسي مكتبه وأمامه كوب الشاي الفارغ للتو ويجلس وأمامه قريبي يتبادلان احاديث الصداقة الشبابية القديمة بعد ان ادرج أنامله على أزرار تحويلة القسم النسائي ووجه (السستر ) بانهاء موضوع ابنة القريب بسرعة وصرف الدواء المناسب لها .
في تلك الأحيان دخل عليه مريضين ممتعضين احدهما يريد ان يسافر فورا والآخر لديه ظرف صحي ويشكوان من سوء الوضع ووجوب ايجاد حل لتفريغ احتشاد المرضى وانهاء إجراءات التداوي فلم يكن من صاحبنا الا ان قال : والله هذا الوضع
ماعندنا غير كذا وإذا بتروحون المستشفى ترى راح يرجعونكم علينا . احدهما استسلم والآخر هدد بالاتصال على الوزارة واظنه اتصل فعلا .
المهم انني خرجت وقريبي وابنته تحمل علاجها ووالدها مبسوط وخلفنا اجساد المرضى لازالت تشذب وتستنكر .
أما الموقف الآخر فوصلت إلى المركز الصحي ذا المبنى المستأجر قاصدا عيادة الأسنان التي كان بابها مغلقا وطبيبها غير موجود وعندما دخلت للمرضة السعودية متساءلا عن الطبيب كانت
لغة خطابها معي غاية في التلطف والتودد والترحاب لا وبل انها قامت من مكتبها حتى تدلني على سلم الدرج لاصعد إلى المدير الذي كان طبيب الأسنان معه وكان وقت ( البريك) قد حان فلقد
تطفلت على ( بريكهم) ولكن مع ذلك تقبلني بكل لطف وحجز لي موعدا من جواله عبر التطبيق واعتذر مني غاية العذر ووعدني بحل مشكلة أسناني عند مراجعتي له في الموعد المحجوز وغادرت وانا شاكر وممتن .
الموقفين السابقين كل منهما ضد الآخر وكلاهما لايصلان إلى حدود السعادة التي ينشدها المستفيد أو العميل ولكن على الأقل لامس احدهما حدود الإسعاد وكما يقول المثل العامي : " العوض ولا القطيعة " ولكني اجمالا لا اعرف حتى اللحظة هل سنصل إلى ٢٠٣٠ وفي جعبتنا إسعادالعميل أم ان سعادته ستتخطاها كلاليب البيروقراطية وتنهشها انياب القبلية والعصبية والمناطقية وسياسة ( حب الخشوم ) فياليت ان جذوة الغيرة السعودية تشتعل أكثر وتتفوق على الحصان الإماراتي الشقيق وتصل قبل أن يصل إلى خط النهاية .