كان لي صديق تركي يعمل حلاق ، وكنت أطلق عليه مسمى " رادار المدينة " !
حقيقة وللأمانة كان على خُلق ومهنية عالية
يجذبك في لطف معشره وحسن أدبه وجمال أدائه المهني !!
الغريب في الأمر أني كلما ألتقيه في محله للحلاقة أجد لديه حكاية جديدة وغاية في السرية عن هذا البيت أو تلك الأسرة ، ومن طرائف تلك الحكايات أنه في الغالب حتى الجيران أو ربما صاحب ذلك البيت لا يعلم عن خفايا تلك الحكاية شيء رغم حدوثها في عقر دارة!
ساورتني الشكوك في سلوكه ودار في فكري فبركته لبعض تلك الحكايات الموغلة في دهاليز السرية لقصد التشويه أو لجذبي للانجراف خلف حديثه لأثبات تلك الحكاية أو نفيها لغاية في نفسه ، مما أدخلني في مشادة كلامية معه كادت أن تصل للتشابك بالأيدي.
ولكن وعندما أحتد الجدل ، قال لي هدي أعصابك ياصديقي واجلس لتسمع وتحكم!
وكانت الصدمة الصاعقة التي الجمتني عن الكلام حين ماقال لي بالحرف ، ماذا تريد مني أن أفعله عندما يجلس في مقاعد الانتظار مجموعة من الشباب ويثرثرون عن أسرار بيوتهم وبيوت جيرانهم وحكايات عملهم ومشاكل مجتمعهم!
هل تريد مني أن أغلق إذناي أو ألجم أفواههم؟
أُسقط في يدي ولزمت الصمت وانصرفت بحسرة !
أعادني لأحداث تلك الحكاية ، مقطع انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي لأحد الدكاترة السعوديين وهو يلقي محاضرة عن مدى الخطر الأمني الذي ينتج عن الثرثرة والفضفة للأغراب ، والغير محسوبة ، أو أنها ذات أهمية متدنية في مخيلة المتحدث ، والتي تدور في سيارة الأجرة مثلاً أو السوبر ماركت أو في أي مكان كجلسة عادية أو غير ذلك ، وحذر بشدة أن المتلقي أوالمستمع ربما يكون جاسوس زُرع بيننا لتتبع أحداث وطننا وحالة مجتمعنا !
وقد ذهب المحاضر عبر المقطع لشرح عدة أحداث حصلت كان من ضمنها قصة لأفغاني صاحب ( مطعم مندي ) كان يحمل درجة الماجستير في الفيزياء النووية ، زرعته الاستخبارات الإيرانية في مدينة سكنية للحرس الوطني السعودي لتتبع مايحدث ومايدور عن أفراد وضباط الحرس الوطني ، ولكنه وقع في شر حبائله ، حيث تم كشف أمره مبكراً ..
يا ساده ، يا سيدات ، الحذر كل الحذر من الثرثرة والفضفضة أو إبداء التذمر على أسماع الأغراب مهما كانت تفاهة الموضوع في نظركم ، والتي قد تصيبنا جميعاً في مقتل ، وقد تُكلف وطننا الشيء الكثير دون أن نلقي لذلك بال أو قد تكشف أسرار بيوتنا ومجتمعاتنا للأغراب والمندسين بيننا بثياب الصداقة أو البراءة.
لا تستهينوا بأن هذا عامل مسكين لايفقه ولا يعنيه مايدور حوله أو أن ذاك صديقاً حميم!
الحديث ذو شجون يطول ويطول في هذا الموضوع الحساس والمثير ، ولكن اللبيب بالإشارة يفهم .
وقبل أن أقصر شجون كلامي هذا ، سأشير إلى ملاحظة لا تقل حساسية عن درجة الثرثرة والفضفة للأغراب !
ألا وهي مايلاحظ في الدوائر الحكومية ، المدنية والعسكرية منها على حداً سوا من تغلغل عمال النظافة في خبايا كل صغيرة وكبيرة داخل أروقة تلك الدوائر ، ومنحهم الثقة المطلقة مما يجعلهم هدف للأعداء . لزرعهم خنجر في خاصرة الوطن والمواطن معاً ..
دمتم بود ..
بقلم / محمد بن جهز العوفي.
التعليقات 9
9 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
ابو فهد متعب السحيمي
17/06/2019 في 3:31 ص[3] رابط التعليق
رائع جدا اخي محمد
وأزيدك من الشعر بيت كثير ممن حولنا قد يكونوا جواسيس ونحن لانعلم
(0)
(2)
محمد بن جهز
17/06/2019 في 3:21 م[3] رابط التعليق
نعم للأسف الشديد ويجب علينا الحذر ..
(0)
(0)
محمد الهمري
17/06/2019 في 4:14 ص[3] رابط التعليق
احسنت المقال الله يفتح لك ابواب المعرفة
(0)
(1)
محمد بن جهز
17/06/2019 في 3:22 م[3] رابط التعليق
شكراً مليون اخ محمد وجزاك الله خير على الدعوة الطيبة
(0)
(1)
الحربي
17/06/2019 في 2:09 م[3] رابط التعليق
بيض الله وجهك
(0)
(2)
محمد بن جهز
17/06/2019 في 11:41 م[3] رابط التعليق
وجهك أبيض لاهنت
(0)
(0)
أبو هشام الحربي
17/06/2019 في 3:57 م[3] رابط التعليق
بصراحه نقطه جدا حساااسه ولا ينتبه لها الا اللبيب الفطن
احسنت ابا احمد الاختيار وماهو غريب انتقاء النادره والثمينه على شخص متمرس ومحكم قبضته عليهن
(0)
(2)
أبو هشام الحربي
17/06/2019 في 4:02 م[3] رابط التعليق
لله درگ وانا اشهد انه موضوع غايه في الاهميه ولاينتبه له الا الفطين اللبق
وماهو غريب انتقاء النادره والثمينه على شخص هذي هوايته ومحكم قبضته عليها بلا منااافس
احسنت ابو احمد ثم احسنت ثم احسنت وسابقئ اردد احسنت ومليووون نعم كل لحظه وحين
(0)
(2)
محمد بن جهز
17/06/2019 في 11:42 م[3] رابط التعليق
شكراً مليون ابو هشام على مرورك العاطر وكلماتك التي تزفني للأبداع والبحث عن التميز ..
(0)
(0)