سأسرد لكم قصة لدي قناعة أنها ستختصر الكثير من المسافات الطويلة نحو عالم التقدم والرقي في سلم المجد والعُليّ ، وستترك داخل النفس أثر وإنطباع عن الدور الذي يلعبه الأنسان خلال مسيرته نحو أهدافه التي يرسمها لنفسه وتلقي بظلالها على مجتمعه ككل.
يُقال أنه عندما أراد التـتار غزو بلاد المسلمين ، حيث كانت بلاد واحدة قوية ممتدة وموحدة ، أرسل زعيمهم بعض الجواسيس ممن يدرسون نفسيات وممارسات العدو القادم .
فلما وصل هذا الجاسوس لبلاد المسلمين وجد شاب مسلماً في الرابعة عشر من عمره ينظر إلى القمر ، فسأله : فيما تفكر...؟
فأجب الشاب بكل ثقة وطموح وثبات :
أفكر في إيجاد الشئ الّذي أخدم فيه أمتي وأعلى شأنها بين الأمم وأقدم حياتي وعٌمري له ومن أجله !!
فقطع الجاسوس زيارته على الفور وعاد إلى زعيمه مسرعاً وأخبره بهذه الإجابة العميقة والدقيقة من شاب يافع يحلم بأحلام عظيمة ورؤية ملهمة!
فرد زعيم التـتار : لن نستطيع الهجوم عليهم وهم بهذه العقليات والإهتمامات الكبيرة والمؤثرة ، فإن كان الشاب اليافع يفكر هكذا فكيف بقادتهم وكبرائهم ؟!
فمرت الأيام وبعد عشر سنوات أمر الزعيم نفس الجاسوس بأن يذهب إلى بلاد المسلمين لنفس المهمة ، فذهب فوجد شاب في نفس المكان ينظر إلى القمر ، فسأله بما تفكر ؟
فرد الشباب : أنني حائر بمطلع قصيدة غزلية أريد أن أهديها لعشيقتي !!
فعاد الجاسوس مُسرعاً وأخبر زعيمه بالخبر اليقين وبالتغيرات الّتي حصلت في الإهتمامات والأفكار والممارسات لدى المسلمين ، حيث كانت إهتمامات كبيرة وهامة وذات أثر ومعنى وبعدها إنحدرت الأمور والإهتمامات إلى وحل الإهتمامات الشخصية والسطحية والساذجة والغير مجدية على الإطلاق ، فأمر زعيم التـتار بتحضير الجيش وبدْء الزحف على بلاد المسلمين .
هذا القصة بغض النظر عن مدى مصداقيتها من عدمه فهي درس متكامل الأركان وأنموذج إرشادي يقود إلى أن النجاح والقوة مقرونين بالهمم العالية والنظرة الثاقبة.
فإذا أردت إن تعرف قدرك وقيمتك في الميزان فأنظر إلى إهتماماتك وقيّمها فعلى ضوءها ستدرك قيمتك والمسار الذي تضع أقدامك على عاتقه.
فبقدر علو همتك واهتمامك تكون صاحب رسالة خالدة وعمل يحتذى ولا ينسى !!
فهل توقفت يوما ما في دروبك الطويلة لتلقي على نفسك سؤال عميق : ماهو هدفي في الحياة وهل تدبرت إهتماماتك هل هي ذات ثقل ومعنى عميق أم هي سطحية تطفو على السطح كغثاء السيل الذي لايلبث أن يجف وتذرئة الرياح !!
فبما أنك لا تعيش أكثر من مره فأبدأ من الآن وكـن ذا همة تعانق قمم الجبال وذا أثر يرتقي به مجتمعك ويُخلد على صفحات التاريخ ، وأجعل من العقول الراقية والمثرية قدوتك ولا تولي شئ من إهتمامك لمن أنحدرت عقولهم وتصرفاتهم إلى الحظيظ.
وتذكر الحكمة القائلة أن الأفكار كالأسلحة تتبدل بتبدل الأيام ، والذي يريد ان يبقى على فكره ورأيه هو كمن يريد أن يحارب سلاح ناري بسلاح عنتره بن شداد..
دمتم بود ..
بقلم/ محمد بن جهز العوفي
التعليقات 2
2 pings
حمود الحربي
21/02/2019 في 1:45 م[3] رابط التعليق
لله درك ..جميل
(0)
(0)
محمد جهز
22/02/2019 في 1:28 ص[3] رابط التعليق
الأجمل مرورك ورفيع قولك اخي حمود..
كل التحيات ..
(0)
(0)