المتأمل في جانب من نسق التعاملات الحياتية تتملكه الدهشة إزاء مايسمع ويشاهد في بعض المواقف التي تنضح بالعنصرية أو الاستعلاء مما يطرح جملة من التساؤلات:
هل الجمل اللفظية العنصرية التي يتفوه بها آحاد من المواطنين بين وقت وآخر وتتناقلها وسائل التواصل الاجتماعي هي حالات فردية؟
وهل يعقل أحيانًا أن يصل التحزب والعنصرية إلى تسويغ خطأ التعدي على الآخرين وتبريره حين صدوره من ذات الفئة التي ينتمي إليها بعض أولئك المتعاطفين؟
إنك لتستاء غاية السوء وأنت ترصد بعض الأشكال الشوهاء لهذه المسالك العنصرية وهي تطل برؤوسها في خريطة هذا الوطن المبارك لتعمل بوعي أو دون وعي على نشر الكراهية وإحداث شروخ في بناء مجتمعنا المتماسك عبر أفعال أو أقوال تتجلى أبرز مظاهرها في التهكم وتضخيم الذات وإطلاق النكت بقصد التنقص من الآخر فردًا كان أو جماعة فتسمع على سبيل المثال ( بدوي.. حضري.. مجنس.. نسب إلى مكان أوبلد بقصد الاستفزاز والحط من الذات أو المكان... ) ، وربما تجاوز الأمر القول إلى الاعتداء وإلحاق الأذى بالآخرين .
وعلى الجانب الآخر تعجب من تناقلها عبر الوسائط المتعددة والصمت إزاء مايشعل فتيلها.
ويظل التساؤل قائمًا هل هذه المواقف حالات فردية أم أنها أشبه بجبل الجليد الذي لايظهر إلا جزء يسير منه في حين مكونه الأكبر مغمور تحت مسطحات مائية؟ فعلى الرغم من حضور التوعية الدينية والفكرية ومناهج التعليم وإجراءت العقوبة الا أنها لم تفلح في اجتثاث الوقود الذي يغذي هذه الشطحات العنصرية التي تظهر بين الفينة والأخرى.
لقد أرسى موحد هذه البلاد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه قواعد راسخة لهذا الكيان الكبير ترتكز على الشريعة السمحة التي تؤكد معاني الإخوة والمساواة والتسامح والتكافل والتراحم وتجرم أي شكل من أشكال الإساءة أوالعنصرية.
ونظرا للتغيرات (الديموغرافية) والتطورات السريعة محليًا وعالميًا خصوصًا في مجال تقنيات الاتصال والتواصل فقد ظهرت هذه المشكلة للسطح وبدأ المجتمع يستنكرها ويتخوف من تفشيها وتداعياتها في مجتمع يعد نموذجًا إسلاميًا يتصف بتقاليد أصيلة تقوم على الكرم والوفاء والاحترام والاحتفاء بالآخرين .
وفي تصوري فإن موضوع النزعات العنصرية والمسالك النشاز إضافة إلى الإجراءات الحالية المتخذة يحتاج إلى إجراء بحوث ودراسات علمية و استطلاعات رأي محكمة عن حجم المشكلة ودوافعها ورصد صورها ومعززاتها ومدى الوعي المجتمعي بنتائجها على صعيد مفهوم المواطنة وتبعاتها من ناحية قانونية أيضًا ، ومن ثم التوصل إلى معالجة لجذورها كما أن الحاجة ملحة من وجهة نظري لإقرار مواد قانون مواطنة في ضوء منهج هذه البلاد المباركة يحدد لوائح المسؤوليات والعقوبات وهذا سيسهم من جانب آخر في المعالجة ووضع حد لكل من يتجاوز القانون بالإساءة لمواطن أوفئة أو لأي فرد يعيش على أرض بلادنا ، فهناك بعض البلدان بها أعداد من الديانات والأعراق ولكن قوانين المواطنة وموادها التي ينشأون على تعلمها ويلحظون تطبيقها والعقوبات والتعويضات القانونية التي تترتب على أي إساءة عنصرية جعلت المواطنة أولوية لها مقتضياتها.
إن المحافظة على النسيج الاجتماعي والتلاحم مع قيادتنا سمة مدهشة تميزنا وهي مرفأ آمن تتكسر على شواطئه مجاديف المخططات المشبوهة ضد بلادنا وهذا يعزز دورنا جميعًا ومسؤولية الجهات ذات العلاقة في التوعية والتثقيف ومساندة كل الجهود التي تعمل على إيقاف تمدد أي مسلك عنصري ليظل الإعجاب يتواصل بوطننا وهو يواصل مسيرة الازدهار الميمونة في عهد ملك الحزم والعزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وسمو نائبه الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله ، وليبقى الشعب السعودي - كما عرف عنه- متصفًا بقيم الخير والكرم وحب التعايش مع الآخرين رافضا لأي سلوك ينافي قيم أبناء هذا الوطن العظيم .
التعليقات 3
3 pings
أبو أحمد
27/01/2019 في 9:22 م[3] رابط التعليق
نعم غياب ضوابط القانون المستنبط من شريعتنا السمحة حتى الآن شجع (عنصري الوطن) على التمادي لدرحة الهياط أحيانا ..ومامن مهايط إلا ويعرف أن(أكرمكم عند الله أتقاكم)..وزد على ذلك ضعف القدوة المجتمعية في استهجان أفعال وأقوال العنصري.ومتى وعى المجتمع دوره ستحاصر المشكلة المقلقة في بلاد الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين..!!
(0)
(0)
زائر
27/01/2019 في 9:34 م[3] رابط التعليق
التعليق
(0)
(0)
زائر
30/01/2019 في 8:18 ص[3] رابط التعليق
أحسنت أخي العزيز وقد أضفت إلى الموضوع بمشاركتك القيمة فشكرا لك
(0)
(0)