تشهد الفترة الحالية جهودًا حثيثة لتطوير حوالي 50 دواءً لعلاج فيروس الكبد بي, 16 منها في المرحلة الثانية من التجارب السريرية، وقد تمَّ عرض نتائج الأبحاث والدراسات التي أجريَت على بعض هذه الأدوية خلال مؤتمر الكبد العالمي لعام 2018 في باريس. والأمل معقود على الوصول إلى حلٍّ نهائيٍّ يقضي على فيروس الكبد بي ، وتبذل الأوساط العلمية والأكاديمية والصناعية أقصى جهدها للوصول إلى دواء يعالج الملايين من المرضى، لكن يصعُب تحديد الفترة الزمنية المتوقع أنْ يتحقق فيها هذا الهدف.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ التهاب فيروس الكبد بي المزمن يتمُّ علاجه حاليًا بأدوية تعمل على السيطرة وتثبيط نمو الفيروس، لكنها لا تحقق الشفاء بشكل تامٍّ، وغالبًا لابدَّ من استخدم الدواء لوقت غير محدَّد (مدى الحياة أو لحين اكتشاف دواء يقضي على المرض نهائيًّا)، ويمكن منع الإصابة بالفيروس بأخذ التطعيمات الوقائية.
يُعدُّ فيروس الكبد بي أكثر الالتهابات المعدية التي تمَّ تسجيلها في المملكة خلال عام 2017، وذلك بحسب أحدث إحصائية نشرتْها وزارة الصحة. أمّا على الصعيد العالمي، فهو يصيبُ - تقريبًا - واحدًا من كل أربعة أشخاص، وهناك حوالي 257 مليون شخص مصاب بفيروس الكبد بي، كما يُعدُّ سببًا في وفاة 887 ألف مريض خلال عام 2015 بحسب إحصائية منظمة الصحة العالمية.
فيروس الكبد بي عبارة عن التهاب مُعدٍ يصيب الكبد، وقد يمتدُّ تأثيره إلى أعضاء أخرى بالجسد. والالتهاب المصاحب لهذا الفيروس قد يكون حادًّا يتشافى منه البالغون بنسبة 95% خلال فترة 6 أشهر من بداية العدوى وغالبًا لا يحتاج لدواء ضد الفيروس في هذه المرحلة. لكنْ أحيانًا يتطور ويصبح مزمنًا إذا استمرّ أكثر من 6 أشهر, واحتمالية التحول من حادّ إلى مزمن تختلف بحسب عمر المريض, حيث إنَّ النسبة قد تصل إلى 90% في حديثي الولادة، وتُعتبر أقل من 5% في البالغين.
خطورة هذا الفيروس تكمُن في مضاعفاته ومنها: فشل أو تليُّف الكبد، وسرطان الكبد. كما أنَّ احتمالية تسبُّب التهاب فيروس الكبد بي المزمن بمضاعفات تعتمد على معدّل نمو وتكاثُر الفيروس في الجسم، ومدى قدرة الجهاز المناعي على مقاومة الفيروس. وعوامل الخطورة التي تؤدي لحدوث المضاعفات هي: تقدُّم العمر, الجنس (إذْ إنَّ الذكور أكثر عرضة من الإناث), تناوُل الكحول, الإصابة بالتهاب فيروس كبد آخر مزمن, الإصابة بفيروس الإيدز, بالإضافة إلى السمنة والسكري؛ إذْ إنَّ تراكُم الدهون في الكبد يساهم في تضرُّر الخلايا.
ينتقل فيروس الكبد بي بعدة طرق منها: من الأم للجنين أثناء الولادة, استخدام أدوات المصاب (مثل: الأجهزة الطبية كجهاز قياس السكري, فُرش الأسنان، وأدوات الحلاق), الاتصال الجنسي, استخدام الإبر الملوثة, التعرض المباشر لدم أو جروح المصاب.
يعيش فيروس الكبد بي خارج الجسم, مثلًا على الأسطح, على الأقل مدة 7 أيام؛ إذ إنه خلال هذه المدة يكون نشطًا، وقد ينتقل لشخص آخر ويسبب التهابًا. في حين أنَّ فيروس الكبد بي لا ينتقل بأيٍّ من الطرق التالية: الأكل أو الشرب, أواني الطعام, العطاس أو السعال, القُبلة أو المصافحة، أو الرضاعة.
يحتاج المريض المصاب بفيروس الكبد بي إلى متابعة مستمرة مع طبيب مختص؛ لمتابعة نشاط الفيروس ووظائف الكبد، وتُحدد مدى الاستفادة من استخدام علاج لتثبيط نشاط الفيروس. بالإضافة إلى أخْذ التطعيمات الوقائية مثلًا لفيروس الكبد أ والأنفلونزا الموسمية, وكذلك تجنُّب تناوُل الكحول؛ لما له من ضرر بالغ على خلايا الكبد.